اثنان كانا السبب في خلاصي: موت المسيح وقيامته ومحبة والدتي وصلاتها.
وُلدت من أبوين مسيحيَّين ومنذ الصغر تعلّمت عن الله
ومحبته وخلاصه وعقابه، لكن لم أعطِ أي اهتمام للدين والتديّن إذ كنت أعيش على هامش الحياة، لا أعتبر الغد ولا أفكّر في الأبدية. كنت الوحيد بين إخوتي الثلاثة غير مخلَّص ولا رجاء لي. كبرت وابتعدت عن التعاليم والنصائح الأبوية وعن الإرشادات التي تعلّمتها من مدارس الأحد والمدرسة الإنجيلية التي درست فيها. خرجت إلى ميدان العمل والعِشرة الرديّة وتعلّمت كل ما هو أعوج وملتوٍ وغير صالح في عينَي الرب.
وفي سن الثامنة عشر كنت لا أزال غير مخلّص والله كان ينتظرني ويتأنّى عليّ ويحفظني من المخاطر ومن الموت مرارًا. في كل هذه المدة كانت شهوة قلب والدي أن أرجع إلى الله وأتوب وأعيش حياة مسيحية بينما كان والدي يؤنّبني ويوبّخني ويضربني أحيانًا لأجل سلوكي الشرير. كانت أمي بصمتٍ وببكاء وبمحبّة تعاملني وتصلّي بلجاجة إلى الله لكي يرحمني. مرتين حاولت الانتحار، ومرة حفظني الله من حادث كاد يقطع رجليّ الاثنتين تحت عجلات القطار. هربت من البيت لكي أعيش على رأيي وكما أريد ولكن الله كان بمحبته وعنايته الفائقة يُرجعني، وبالإجمال كنت أعيش حياة التعاسة في البعد عن الله بدون رجاء ولا سلام، والقلب مغلق عن نور وإشعاعات محبة المسيح إلى أن حاصرني الرب بمحبته الكبيرة وجاءت أحداث لبنان سنة 1958 حيث كنت بالحراسة، وكان الرصاص يدوي من كل جهة، والناس تموت بالقنص، وإذا صوتٌ يطنّ في أذني من أصوات القذائف قائلاً: لو قذيفة جاءت في رأسك الآن وقتلتك، فأين ستقضي الأبدية؟
بالحقيقة، هذه المرّة انتصر الرب بعد أن هزّ كياني وأخذت أبكي والدموع تنهمر من عينيّ، ثم صرخت: يا ربّ ما أعظم محبتك! ما أعظم رحمتك! ارحمني الآن واقبلني... خلّصني يا رب. أنا تائب الآن وراجع إليك من كل قلبي فاقبلني... هلّلويا! للرب كل الحمد والشكر لأنه سمع وخلّصني وقبلني. وذهبت إلى البيت فوجدت والدتي بانتظاري والدموع على خدّيها إذ كانت تصلّي لأجلي فأخبرتها بما حدث لي وشكرَت الرب وتهلّل قلبها بالرب مع والدي.
فشكرًا لله على عطيّته التي لا يُعبَّر عنها.
ما أعظم رحمتك يا رب
فبنو البشر في ظل جناحيك يحتمون.
