Voice of Preaching the Gospel

vopg

قال: أردتُ أن أصبحَ مسيحيًّا حقيقيًا بالقول والفعل، وظننتُ أنَّني أعرفُ الطريقَ جيّدًا. فقلت في نفسي عليَّ أولًا أن أتخلَّى عن كلِّ شيء لا يشرِّفُ في حياتي.

وحين قمتُ بتَعْدادِ خطاياي وجدُتها لا تُعَدُّ ولا تُحْصى. وطبعًا كان من واجبي أن أقومَ بالعمل الصالح وأقرأَ الكتاب المقدس بشكلٍ مستمر وأصلِّي إلى الله في السماء علَّني أُصلِحُ ذاتي قلْبًا وقالبًا، وأندمُ فعلًا على الأشياء التي اقترفْتُها في حياتي كما وأنتبهُ إلى تصرفاتي ومسلكي بشكلٍ مستمرّ لكي أُدركَ مبتغايَ ألا وهو إرضاءُ الله.
وهنا بدأتُ في أوَّلِ أحدٍ لي في تطبيق هذا التصميم فانقضى اليومُ الأول وكان كلُّ شيء على ما يُرام. وكنتُ ناجحًا جدًا في محاولاتي. أتى يوم الاثنين وتبِعَه الثلاثاء وجَرتِ الأمورُ بشكل مقبول. أما يوم الأربعاء والخميس فوجدتُ نفسي أنزلقُ شيئًا فشيئًا مبتعِدًا عن هدفي ومبتغاي. فيئِسْتُ جدًا لذا تخلَّيتُ عن تصاميمي هذه بالكلِّيَّة حين بدأتْ عطلةُ نهاية الأسبوع، بعد أن أُصبْتُ بخيبةِ أملٍ كبيرة.
ومع إطلالةِ أسبوعٍ جديد بمجيء يوم الأحد التالي أَعدْتُ الكَرَّة واتّخذتُ قرارًا جديدًا خاصةً لأنَّني علِمتُ أنَّني فعلًا قصَّرْتُ. لهذا أبديْتُ رَغبتي في أن أكونَ أكثرَ حرْصًا على تصرفاتي ومسلكي هذه المرّة. فقمتُ بقراءة الكتاب المقدس وبشغَفٍ أكبر، ولمدَّةٍ أطول من السابق. لكنْ في بعض الأوقات وجدتُ نفسي وقدْ غالَبني النُّعاس بينما كنتُ أصلّي راكعًا على ركبتيَّ إلى جانب فراشي. لذا شعرتُ بالانهزام من جديد وسئِمْتُ من محاولاتي الفاشلة. بعدَ ذلك استمعتُ إلى إحدى العظات التي أنارتْ فكري وألمعَتْ بصيرتي، مع أنني لا أذكُر إلّا جملةً واحدة منها، إلّا أنَّها أثَّرتْ فيَّ جدًا ودخلت كلماتُ قائلِها إلى صميم قلبي ووُجداني. قال الواعظ: "كلُّ ما عليكَ أن تفعله الآن لكي تخلُص من خطاياك هو أن تقبَل عطيَّة الله المقدَّمة إليك مجانًا، وتشكرَهُ عليها." عندها فهمتُ وأدركتُ أنني كنتُ مخطِئًا جدًا في فَهمي ومعرفتي للموضوع. إذ حَسِبْتُ أنَّه يجب عليَّ أن أقوم أنا بإصلاح نفسي وعندها أحصل على الغفران. فقمتُ باتّخاذ قرارات وأدَّيتُ واجباتي الدينية من قراءةٍ وصلاة وبذلتُ جهودًا مُضْنية. لكنْ أضحى كلُّ هذا المجهود هباءً منثورًا. لأنَّ هبةَ الخلاص هي عطيةُ الله المجانية، وبكل بساطة ودون أيِّ جُهد أو عملٍ من قِبَلي. وإذ ذاك ركعتُ وصلَّيتُ بكلِّ حرارة وطلبتُ من الله أن يمنحني هذه العطيةَ عطيةَ الخلاص المجانية. وما لبثْتُ أن شكرتُ الله على هذه النعمة المتفاضلة جدًا عليّ، وسبَّحت وحمدْتُ اسمَهُ القدوس وفهمتُ فيما بعد ماذا عنى الرسول بولس حين قال: "شكرًا لله على عطيّته التي لا يُعبَّر عنها." (2كورنثوس 15:9) نعم، عطيّته المباركة هي في شخص الرب يسوع المسيح، وأنني بالنّعمة صرتُ مخلَّصًا وليس بأعمالي.
سُئِلَ مرَّة أحدُ الشيوخ المسنّين أن يُدلي بتعريفٍ عن الخلاص، فأجاب وقال: "الخلاص هو شيء مقابلَ لا شيء." غير أنَّ شيخًا آخر صحَّح هذه الإجابة بقوله: "لا بل الخلاصُ هو كلُّ شيء مقابلَ لا شيء." وهذا بالضبط ما اكتشفهُ الأخ في اختباره بالتَّمام والكَمال. لم يصلْ هو فحسبْ إلى هذه النتيجة بل صرخ قبلَه مرّة الرسول بولس نفسُه حين كان يعيشُ صراعًا دائمًا بين ما يريد أن يفعلَه من الحُسنى، وبين ما يحاربُه في أعضائه حتى إنه قال: "فإن كنتُ أفعل ما لست أريدُه، فإنِّي أصادقُ الناموس أنَّه حسن. فالآن لستُ بعدُ أفعل ذلكَ أنا، بل الخطية الساكنة فيَّ. فإنِّي أعلمُ أنَّه ليس ساكنٌ فيّ، أي في جسدي، شيءٌ صالح. لأنَّ الإرادةَ حاضرةٌ عندي، وأمَّا أن أفعل الحُسنى فلستُ أجد. لأنِّي لست أفعل الصالح الذي أريده، بل الشرَّ الذي لست أريده فإيَّاه أفعل." (رومية 16:7-19) وحين فاه بهذه العبارات بوحيٍ من الروح القدس كان يتكلم وبحسب القرينة في النص عن الناموس أي الوصايا التي لم يستطعْ أن يطبِّقها في حياته تمامًا كما ظنَّ أخونا الآنف الذِّكر. لهذا صرخ بولس صرخةً حرَّى لا زالت تدوّي عبْرَ العصور والأجيال وقال: "ويحي أنا الإنسان الشقي! من ينقذني من جسد هذا الموت؟ أشكر الله بيسوع المسيح ربنا!" (ع24 و25) وتابع في الفصل الثامن ليُعلن أنه في المسيح يسوع لم يعدْ هناك شيء من الدينونة على الذين هم في المسيح يسوع. لماذا؟ "لأنَّ ناموسَ روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقَني من ناموس الخطية والموت." (2:8) والمعنى أنَّ الروح القدس هو الذي حرَّره من ناموس الوصايا. فعندما يأتي الإنسان الخاطئ إلى المسيح بالإيمان يغفر الله خطاياه ويصبحُ إنسانًا جديدًا.
هل سمعتَ صديقي بـ "الوصايا المتناقضة" التي دوَّنها الكاتب الأمريكي كينت كيث Kent Keith في العام 1968 ومن ثم ما لبث أن حوَّلها إلى كتاب أسماه: على أية حال! والذي حازَ على إعجاب الكثيرين من القراء؟ كان "كينت" عندها طالبًا في جامعة هارفارد فقدَّم اقتراحًا لقادةِ الطلبة يختلفُ عن أحلامهم التي بدتْ غيرَ واقعية - إذ كانوا يؤمنون بالحلول الجذرية الراديكالية في شأن تغيير المجتمع آنذاك – وكان الاقتراحُ أنَّه حتى لو كان العالم يبدو لنا مجنونًا في بعض الأوقات، إلَّا أنَّ الأفراد لا يزالون يملِكون القدرة على الأداء الجيّد ليصنعوا تغييرًا فيه نحوَ الأفضل. وتمَّت ترجمةُ الكتاب إلى عدة لغات في العالم كما تحوَّلت هذه الوصايا إلى مُلصقات شائعة وُضعت على الجدران والأبواب. (عن الإنترنت) هاكَ صديقي بعضًا من هذه الوصايا:
الناسُ غيرُ منطقيين... ولا تهمُّهم إلَّا مصلحتُهم... أحببْهُم على أيَّة حال.
إذا فعلتَ الخير سيتَّهمكَ الناسُ بأنَّ لك دوافعَ أنانية خفيَّة... افعل الخير على أية حال.
وإذا حقَّقت النجاح لسوف تكسبُ أصدقاء مزيَّفين وأعداءً حقيقيّين... فانجَحْ على أيةَّ حال.
والخير الذي تفعلُه اليوم لَسوف يُنسى غدًا... افعَلِ الخيرَ على أيَّة حال.
والناسُ يحبُّون المُستضعَفين لكنَّهم يتبعون المستكبِرين... فجاهدْ من أجل المستضعَفين على أيَّة حال. وهكذا دواليك...
والسؤال الآن هو: تُرى كيف يمكن للإنسان أن يفعلَ ذلك؟ ويواجهَ كلَّ هذه الإساءات بالأفعال الحسنة بقوّته هو؟! حتى ولو استطاع الواحد منا فعل ذلك وتطبيق الوصايا المتناقضة هذه، فهذا بالطبع لن يدومَ طويلًا. لأنَّك ستفعله يومًا ويومين وشهرًا وشهرين ولكن حتى متى؟ لأنَّك سرعان ما ستصِلُ إلى نفس النتيجة التي وصَل إليها صاحبُ الشهادة السابقة التي ذكرْتُها. أليس كذلك؟ ألم يقلِ الرسول بولس: "لأنَّكم بالنّعمةِ reversed يمان، وذلك ليس منكم. هو عطيةُ الله. ليس من أعمال كيلا يفتخر أحد." (أفسس 2: 8-9)
قال أحدُ الوعاظ واصفًا عملَ الفداء المقدَّم مجانًا للإنسان بهذه الكلمات النورانية: "في الخليقة نرى الإنسان مخلوقًا على صورة الله كشَبَهه. وأما في الفداء فنجدُ الإلهَ يتَّخذ صورةَ عبدٍ. "لكنَّه أخلى نفسه، آخذًا صورةَ عبد، صائراً في شبْه الناس." (فيلبي 7:2) وحين تشوَّهتِ الصورةُ الأصلية فقدَتِ البشريةُ علاقتَها الحميمة مع الذَّات الإلهية. عندها تنازلَ الله إلينا بهيئة بشَرٍ، أتى في الجسد المعرَّض للفساد وذاقَ الموتَ، الذي هو أقصى مآسي الإنسان، لكي يفتدي البشرَ على الصليب. إنَّ صليبَ المسيح لهو أعظمُ مشهدٍ في التاريخ حيث نرى نسلَ المرأة يسحقُ رأسَ الحيَّة، الشيطان. إنَّه بالتأكيد ليسَ دلالةً على مأساةِ الموت، بل هو إشارةٌ إلى الحياة الجديدة والانتصار الكامل إذ تَوَّجَهُ المصلوب بالقيامة. هذا هو المسيح الذي نُنادي به: المسيح المصلوب والمُقام من بين الأموات كما نراهُ في الكتاب المقدس. وليس كما يظنُّه البعض - هنا في أميركا وباقي العالم - كأنَّه سوبرمان يؤمِّن لكَ ما تريده، إذ يقولون لكَ: "سَمِّ طلبَك وأعلِنْهُ وستحصلُ عليه." كلَّا، بل مسيح الكتاب المقدس هو المسيح المصلوب والحيُّ المقامُ من بين الأموات. فهو وحده الذي أقام بنفسه جسرًا بين الله والإنسان، وهو يريد من كلِّ مؤمن أن يقومَ بردْمِ الفجوة بين الكنيسة والمجتمع، عن طريق بناء جسرِ تواصُلٍ بين الكنيسة والناس، على اختلافِ أجناسهم وأعراقهم وأديانهم. ولا يمكنُنا فعلُ ذلك كمؤمنين إلَّا إذا اتَّبعنا مثاله هو حين أخلى نفسه وتنازَل إلينا. هذه هي الصورة التي يجب أن نُريها لعالم اليوم."
فما هو موقفك صديقي الآن؟ هل تتبع مثالَ الرب يسوع الذي هو الأعظم والأوحد؟ هل تأتي إليه وحده الذي صنع من نفسه جسرَ عبورٍ من عند الله الآب إلينا نحن؟ وتمَّمَ الفداء على الصليب بدلًا عنك. وهكذا تنال الغفران عن خطاياك؟ فالخلاص مقدَّمٌ لكلِّ مَن يطلبُ بالإيمان، فهل تؤمنُ بالمسيح المصلوب من أجل فدائك، والمُقام من الأموات من أجل أن تعيش حياة الغلبة والانتصار معه وتتواصل مع الناس وتربَحهم إلى كنيسة الله المقدسة؟
"مَنْ له الابنُ فَله الحياة." (1يوحنا 12:5) وهنا أختم مقالي هذا بكلمات المرنم المعبّرة عن انتصار القيامة وبالتالي انتصار الحياة، قال:
"قد غَلبَ الحِمامْ، منتصِرًا على الجَحيم،
تخفِقُ فوقَ رأسِه الأعلام،
سائِرًا في موكبِ النَّصرِ العظيم،
هلِّلوا... هلِّلوا... هلِّلويا الربُّ قامْ.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2023

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

222 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10631350