هل تعلم لماذا سُمّي المسيح "حمل الله"؟
كانت البداية بعد أن غرس الرب الإله
جنة عدن وخلق آدم من تراب الأرض ووضعه في الجنة ليعملها ويحفظها، أوصاه قائلًا: «مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا، لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ.» (تكوين 16:2-17)
ثم جاءت الحية وأغوت المرأة، "فَرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ، وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ، وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ. فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ، وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضًا... فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ." (تكوين 6:3-7)
بعد ذلك جاء الرب الإله معاتبًا وأوقع عليهما الحكم وطردهما من الجنة. لكن لمحبته لعمل يديه أعطاهم أوَّل وعد بولادة مخلص يولد من نسل المرأة لكي يسحق رأس الحية وتسحق الحية عقبه بقول الرب الإله للحيةِ: "لأَنَّكِ فَعَلْتِ هذَا، مَلْعُونَةٌ أَنْتِ مِنْ جَمِيعِ الْبَهَائِمِ وَمِنْ جَمِيعِ وُحُوشِ الْبَرِّيَّةِ. عَلَى بَطْنِكِ تَسْعَيْنَ وَتُرَابًا تَأْكُلِينَ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكِ. وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ، وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ، وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ." (تكوين 14:3-15)
أول رمز: ثم أراهم الرب الإله رمزًا غريبًا بأنه أخذ حيوانًا بريئًا، ربما كان حملًا، وسفك دمه لكي ينوب بموته عنهم ويذكرهم بسفك دم المخلص الذي وعدهم به، وأخذ جلده وألبسهما ليستر عريهما وخزيهما إذ يقول الكتاب: "وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا." (تكوين 21:3)
القربان المقبول لدى الرب: "وعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأَتَهُ فَحَبِلَتْ وَوَلَدَتْ قَايِينَ... ثُمَّ عَادَتْ فَوَلَدَتْ أَخَاهُ هَابِيلَ. وَكَانَ هَابِيلُ رَاعِيًا لِلْغَنَمِ، وَكَانَ قَايِينُ عَامِلاً فِي الأَرْضِ. وَحَدَثَ مِنْ بَعْدِ أَيَّامٍ أَنَّ قَايِينَ قَدَّمَ مِنْ أَثْمَارِ الأَرْضِ قُرْبَانًا لِلرَّبِّ، وَقَدَّمَ هَابِيلُ أَيْضًا مِنْ أَبْكَارِ غَنَمِهِ وَمِنْ سِمَانِهَا. فَنَظَرَ الرَّبُّ إِلَى هَابِيلَ وَقُرْبَانِهِ، وَلكِنْ إِلَى قَايِينَ وَقُرْبَانِهِ لَمْ يَنْظُرْ. فَاغْتَاظَ قَايِينُ جِدًّا... (وَكانت النتيجة) أن قايين قام على هابيل أخيه وقتله." (تكوين 1:4-5 و8)
لقد عصي قايين الله لأنه لم يقدّم له القربان الصحيح – أي الذبيحة التي يُسفك دمها - لكي تموت وتنوب عنه، بل قدّم ما حَسُنَ في عينيه ضاربًا بوصية الرب عرض الحائط. لأنه "بدون سفك دم لا تحصل مغفرة". ومنذ ذلك الوقت والناس بين أمرين: إما أن يقدّموا ذبيحة يُسفَك دمها للتكفير عن خطاياهم، أو أن يقدّموا "أعمالًا" من تعب أيديهم لكي تكفِّر عنهم.
أمامنا الآن ديانتين: ديانة حسب فكر الإنسان (الديانة الهابيليّة) وديانة بحسب استحسان فكر الإنسان (الديانة القايينيّة). لأن قايين لم يرضَ بما طلبه الله بل قدّم ما استحسنه.
ثم نرى هذا الرمز أيضًا في الذبائح التي قدّمها نوح: "وَبَنَى نُوحٌ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ. وَأَخَذَ مِنْ كُلِّ الْبَهَائِمِ الطَّاهِرَةِ وَمِنْ كُلِّ الطُّيُورِ الطَّاهِرَةِ وَأَصْعَدَ مُحْرَقَاتٍ عَلَى الْمَذْبَحِ." (تكوين 20:8)
ثم نرى هذا الرمز في تقدمة إبراهيم لابنه إسحق: "فَرَفَعَ إِبْرَاهِيمُ عَيْنَيْهِ وَنَظَرَ وَإِذَا كَبْشٌ وَرَاءَهُ مُمْسَكًا فِي الْغَابَةِ بِقَرْنَيْهِ، فَذَهَبَ إِبْرَاهِيمُ وَأَخَذَ الْكَبْشَ وَأَصْعَدَهُ مُحْرَقَةً عِوَضًا عَنِ ابْنِهِ." (تكوين 13:22) ثم ننتقل إلى سفر الخروج 12 حيث نرى هذا الرمز واضحًا في ذبيحة الفصح: "وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا، فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ، فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَ." (خروج 13:12)
عندما رأى يوحنا المعمدان الرب يسوع قال: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم."
لقد انتهت ذبائح العهد القديم: "لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا. لِذلِكَ عِنْدَ دُخُولِهِ (أي بعد مجيء المسيح) إِلَى الْعَالَمِ يَقُولُ: «ذَبِيحَةً وَقُرْبَانًا لَمْ تُرِدْ، وَلكِنْ هَيَّأْتَ لِي جَسَدًا. (والكلمة صار جسدًا وحلّ بيننا) بِمُحْرَقَاتٍ وَذَبَائِحَ لِلْخَطِيَّةِ لَمْ تُسَرَّ... لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ." (عبرانيين 10) لكن السؤال: ما هي الشروط التي ينبغي أن تتوافر في الفادي الذي ضحّى بنفسه "عاملًا الصلح بدم صليبه"؟
الشرط الأول: يجب أن تكون قيمة الفادي أعظم من المُفتدَى. فالحيوان لا يصلح لكي يفدي الإنسان لأن الإنسان أفضل بكثير من الحيوان. "عالمين أنكم افتُديتم لا بِأَشْيَاءَ تَفْنَى، بِفِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ، مِنْ سِيرَتِكُمُ الْبَاطِلَةِ الَّتِي تَقَلَّدْتُمُوهَا مِنَ الآبَاءِ، بَلْ بِدَمٍ كَرِيمٍ، كَمَا مِنْ حَمَل بِلاَ عَيْبٍ وَلاَ دَنَسٍ، دَمِ الْمَسِيحِ، مَعْرُوفًا سَابِقًا قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وَلكِنْ قَدْ أُظْهِرَ فِي الأَزْمِنَةِ الأَخِيرَةِ مِنْ أَجْلِكُمْ." (1بطرس 18:1-19)
الشرط الثاني: يجب على الفادي أن يكون له معزّة عند الله وعند الإنسان. "وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِي الْفِكْرِ، فِي الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ فِي جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيُحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ." (كولوسي 21:1-22)
الشرط الثالث: يجب على الفادي أن يكون معصومًا عن الخطية. فالمسيح لم يكن فيه خطية، ولم يعرف خطية، ولم يفعل خطية. يقول الملاك لمريم العذراء: "القدوس المولود منكِ يُدعى ابن الله."
لقد واجه المسيح اليهود بالقول: "من منكم يبكّتني على خطية". (يوحنا 46:8) "لأنه جعل الذي لم يعرف خطية، (ذبيحة) خطية لأجلنا، لنصير نحن برَّ الله فيه." (2كورنثوس 21:5)
بيلاطس غسل يديه وقال: "أنا لست أجد فيه علّة واحدة." (يوحنا 38:18)
الشرط الرابع: يجب على الفادي أن تكون له الرغبة في أن يدفع الثمن الذي هو موت. "الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ." (عبرانيين 2:12)
الشرط الخامس: له القدرة على دفع الدين؟ "فَإِنَّكُمْ تَعْرِفُونَ نِعْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَنَّهُ مِنْ أَجْلِكُمُ افْتَقَرَ وَهُوَ غَنِيٌّ، لِكَيْ تَسْتَغْنُوا أَنْتُمْ بِفَقْرِهِ." (2كورنثوس 9:8)
الشرط السادس: ينبغي على الفادي أن يكون ذو قرابة: "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما، لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت." (عبرانيين 14:2)
الشرط السابع: يجب أن يدفع الثمن كاملًا. والرب يسوع بعد أن أكمل كل شيء قال على الصليب: "قد أُكمل."
