تشجّعنا كلمة الله على فضيلة الاستماع بالقول: "لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ." (يعقوب 19:1)
الاستماع فضيلة جميلة
ما أجمل الاستماع لله، وكذلك الإنصات لمن حولنا عندما يتحدّثون إلينا!
١. ما أروع ربّنا يسوع المسيح في استماعه لله الآب، إذ يقول: "يُوقِظُ كُلَّ صَبَاحٍ لِي أُذُنًا، لأَسْمَعَ كَالْمُتَعَلِّمِينَ. السَّيِّدُ الرَّبُّ فَتَحَ لِي أُذُنًا وَأَنَا لَمْ أُعَانِدْ." (إشعياء 4:50-٥)
٢. وما أعظم إلهنا وهو يستمع إلينا كما يتغنّى صاحب المزمور: "اِنْتِظَارًا انْتَظَرْتُ الرَّبَّ، فَمَالَ إِلَيَّ وَسَمِعَ صُرَاخِي." (مزمور 1:40)، وأيضًا "هذَا الْمِسْكِينُ صَرَخَ، وَالرَّبُّ اسْتَمَعَهُ." (مزمور 6:34). إنه لأمر مشجّع ومنعش لقلوبنا أنَّ الله بنفسه يستمع إلينا ويتجاوب مع شكوانا.
٣. إنه أيضًا أمرٌ منعشٌ للمتألّم أن يجد من يستمع إليه وهو يشكو بما يجيش بداخله، فلقد قال أيوب: "لأَنِّي أَنْقَذْتُ الْمِسْكِينَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْيَتِيمَ وَلاَ مُعِينَ لَهُ." (أيوب 12:29) وكم ينكسر قلبا الوالدين اللذين لا يجدان لدى أولادهما آذانًا مصغية، فأراهما يقولان: "ابْنُنَا هذَا مُعَانِدٌ وَمَارِدٌ لاَ يَسْمَعُ لِقَوْلِنَا." (تثنية 20:21)
أصلّي أن يزرع الرب فينا هذه الفضيلة الجميلة: الاستماع والإنصات للرب أوّلًا، وأيضًا الاستماع لمن حولنا بتقدير واحترام.
الاستماع لأقوال الله وأهميتها
إنه لأمر مبارك أن يتعوَّد القلب للانتباه لما يقوله الرب. ويا للدمار الهائل الذي يلحق بمن يحوِّل أذنيه عن الاستماع لما يقوله الرب!
١. الاستماع أفضل من تقديم الذبيحة: ظَنَّ شاول، الملك المارد، أنه بالإمكان أن يتهرّب مما يريده الرب في مقابل أن يقدِّم لله بعض الذبائح. لكن الرب أرسل له موبِّخًا إيّاه بالقول: "هُوَذَا الاستماع أَفْضَلُ مِنَ الذَّبِيحَةِ، وَالإِصْغَاءُ أَفْضَلُ مِنْ شَحْمِ الْكِبَاشِ." (١صموئيل 22:15)
٢. الاستماع مع إطاعة صوت الرب يعطي صاحبه الأمان والاطمئنان: وهذا ما يقرِّره الرب: "أَمَّا الْمُسْتَمِعُ لِي فَيَسْكُنُ آمِنًا، وَيَسْتَرِيحُ مِنْ خَوْفِ الشَّرِّ." (أمثال 33:1)
٣. الاستماع للرب يجلب البركات لصاحبه: قال الرب لإبراهيم: "أُبَارِكُكَ مُبَارَكَةً، وَأُكَثِّرُ نَسْلَكَ تَكْثِيرًا... وَيَتَبَارَكُ فِي نَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ الأَرْضِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِي." (تكوين 17:22-١٨)
٤. عدم استماع الإنسان لأقوال ووصايا الرب إلهنا ونصائحه يجلب الأضرار الرهيبة: أذكر أمرين فقط على سبيل المثال: الأمر الأول هو عدم استجابة صلاته "مَنْ يُحَوِّلُ أُذْنَهُ عَنْ سَمَاعِ الشَّرِيعَةِ، فَصَلاَتُهُ أَيْضًا مَكْرَهَةٌ." (أمثال 9:28) والأمر الثاني هو الهلاك والضياع، فيقول الرب للمعاندين: "لأَنِّي دَعَوْتُ فَأَبَيْتُمْ، وَمَدَدْتُ يَدِي وَلَيْسَ مَنْ يُبَالِي، بَلْ رَفَضْتُمْ كُلَّ مَشُورَتِي، وَلَمْ تَرْضَوْا تَوْبِيخِي، فَأَنَا أَيْضًا أَضْحَكُ عِنْدَ بَلِيَّتِكُمْ. أَشْمَتُ عِنْدَ مَجِيءِ خَوْفِكُمْ." (أمثال 24:1-٢٦)
صلِّ معي للرب ذات الصلاة البسيطة التي قالها الصبي صموئيل: "تَكَلَّمْ لأَنَّ عَبْدَكَ سَامِعٌ." (١صموئيل 10:3)، وطبعًا ليس سامعًا فقط بل عاملًا بالكلمة.
الاستماع للنصيحة الحكيمة
من منّا لا يحتاج إلى النصيحة والإرشاد والتحذير؟ فالخلاص هو بكثرة المشيرين كما تقول كلمة الله، والاستماع للنصيحة من شيم العظماء. إننا نحتاج إلى نصيحة الوالدين، ونحتاج أيضًا إلى مشورة المعلّمين والشيوخ في كنيسة الله.
١. جاء حمو موسى لزيارته ورأى موسى يستمع لشكوى كلّ الشعب، فقدّم له نصيحةً أن يُعيِّن مساعدين له، فيقول الكتاب: "فَسَمِعَ مُوسَى لِصَوْتِ حَمِيهِ وَفَعَلَ كُلَّ مَا قَالَ." (خروج 24:18)، فلم يتكبَّر موسى بل أصغى إلى النصيحة.
٢. ما أجمل البركات التي يتمتّع بها سامع نصيحة والديه. يقدِّم سليمان لبنيه نصيحةً هامة بخصوص العلاقات الجنسيّة الآثمة: "وَالآنَ أَيُّهَا الْبَنُونَ اسْمَعُوا لِي، وَلاَ تَرْتَدُّوا عَنْ كَلِمَاتِ فَمِي. أَبْعِدْ طَرِيقَكَ عَنْهَا، وَلاَ تَقْرَبْ إِلَى بَابِ بَيْتِهَا، لِئَلَّا تُعْطِيَ زَهْرَكَ لآخَرِينَ، وَسِنِينَكَ لِلْقَاسِي." (أمثال 7:5-٩)
٣. وفي ذات الأصحاح نقرأ عن الأهوال الجسدية والنفسية لرافض النصيحة، فيقول: "فَتَنُوحَ فِي أَوَاخِرِكَ، عِنْدَ فَنَاءِ لَحْمِكَ وَجِسْمِكَ... (والسبب:) لم أَسْمَعْ لِصَوْتِ مُرْشِدِيَّ، وَلَمْ أَمِلْ أُذُنِي إِلَى مُعَلِّمِيَّ." (أمثال 11:5، ١٣)
إخوتي الأحباء، ونحن نعيش وسط عالم متمرّد لا يسمع لأقوال الله ولا يُصغي إلى نصيحة العقلاء، دعونا نتعلّم فضيلة الاستماع، فنصغي إلى أقوال إلهنا بكل تقدير ووقار، وننصت إلى من يتحدّث إلينا، سواء كانوا هم بحاجة إلينا أو كنا نحن في احتياج إليهم. ولا ننسى القول الذهبي: "لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاسْتِمَاعِ، مُبْطِئًا فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئًا فِي الْغَضَبِ." (يعقوب 19:1)