وأنت تقف على باب عام جديد...
وأنت تخطو فيه الخطوات الأولى، فإذا بك تواجه طريقًا جديدًا...
مسيرة عام جديد... طريق غدٍ مجهول!
ترى هل يكون منيرًا بهيجًا، أم داكنًا كئيبًا؟!
هل تكثر فيه أشواك وأحجار، أم يكون رفيقًا رقيقًا تكثر فيه ورود وأزهار؟!
هل طابعه حنان ورحب، أم في خفاياه حقد وغدر؟!
هل تواجه أخطاء وأخطارًا... فتقف حائرًا خائفًا لا تدري ما يحمل لك العام الجديد... فتعود بالذاكرة لتقييم القديم الذي فات... فتجد نفسك مذعورًا خائفًا ضائعًا في متاهات... ففي الطريق القديم أكوام، هي مجموعة أعمالك وأفكارك ونذورك... فإذا كومة كانت مشرقة مزدانة بالعهود والوعود أخذتها على نفسك... لكن سرعان ما خبت وأصبحت رمادًا بعد ضياء... وكومة من أحجار - عناد قلب وصلابة فكر - قست وتحجّرت من كبرياء... وكومة هزيلة من فتيلة مدخّنة هي بعض أعمالك كنت تظنّ أنّها صالحة، لكن سرعان ما ذبلت بعد سناء... وإذ تذكر تصرخ: "ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني؟"
وإذا صوت المحبة يناديك:
"لا تخفْ لأنّي معك". لا تخفْ، بل آمن فقط... فالخوف وليد الشكّ... الخوف شعور ضدّ الإيمان... الخوف ظلمة والإيمان نور... الخوف ضعف والإيمان قوّة...
الخوف حيرة والإيمان يقين...
الخوف اضطراب والإيمان ثقة...
الخوف هوان والإيمان عزّة...
الخوف طريق مسدود
والإيمان طريق الأمل والسلام...
والصوت الذي ينادي هو صوت السماء، صوت القوّة والقدرة، صوت الأمان: "لا تخفْ لأنّي معك". معك رفيقًا في مسيرة الحياة... "سِرْ أمامي وكُنْ كاملاً".
وما تكاد تخطو خطوات حتى يداهمك الفكر القديم الذي فات...
فكرٌ خرج من نفسك يشهد عن نفسك فتريد أن تخفي نفسك عن نفسك...
شيءٌ من الداخل يثور فيك... فالأكوام القديمة تراكمت حتى كادت تسدّ الطريق الجديد... وإذا بيدْ قويّة تجذبك إلى الأمام، وصوت الحبّ يقول: "لا تتلفّت لأني إلهك".
لا تنظر إلى ما حولك من تعدّيات وزلّات وهفوات... ولا تنظر خلفك متحسِّرًا على ما فات من أخطاءٍ وسهوات...
"لأنّي إلهك"، رحوم ورؤوف وكثير الإحسان، الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت...
لا تتلفّت وانظر إلى فوق من حيث يأتي العون... فإذا في السماء باب مفتوح بالرجاء والنور والغفران... أملٌ يملأك نورًا... ونورٌ يملأك سرورًا...
فتهتف من قلبك: "أفعل شيئًا واحدًا إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتدّ إلى ما هو قدّام. أسعى نحو الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع". (فيلبي 13:3-14)