Voice of Preaching the Gospel

vopg

"إنْ أراد أحدٌ أن يأتي ورائي فليُنْكِرْ نفسه ويحمل صليبه ويتبعني." (متى 24:16)

أرسلت سيّدة مؤمنة جادّة إلى رجل الله "هنري سوس" تسأله عن مشكلة في حياتها الروحية، فهي تفرض على نفسها أعمالاً قاسية وتعيش في تقشّفٍ وتزمّتٍ، كلّ هذا لأنّها تحاول أن تشارك المسيح آلامه التي شعر بها وهو على الصليب! ولكن الأمور لم تكن تسير معها على ما يرام وكانت تشعر دائمًا بالتقصير، وأرادت أن تعرف رأي الخادم. فكتب القديس العجوز إلى ابنته في الروح قائلًا: "تذكّري يا أختي أن ربّنا لم يقلْ: إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبي، بل قال ويحمل صليبَه، إنه اختلافٌ صغير في حرفٍ واحد ولكنّه يحمل اختلافًا كبيرًا في المعنى."

تشابه واختلاف
الصلبان كلّها متشابهة في الجوهر لكن لا يوجد اثنان متشابهان في التفاصيل. الصلبان كلّها أدواتٌ للموت لكن هذا الموت يختلف في تفاصيله من شخصٍ إلى آخر. لم يكن – ولن يكون – هناك صليب مماثل تمامًا للصليب الذي حمله المخلّص. الموت المفزع الرهيب الذي عاناه المسيح كان عملًا متفرّدًا في تفاصيله وسط اختبارات الجنس البشري كلّه، وكان لا بدّ أن يكون هكذا لكي يمنح الحياة لكلِّ العالم. ترافق حِمل الخطية والظلمة وغضب الآب مع آلام خاصة بهذه الذبيحة المقدّسة، ومحاولة طلب اختبار مطابق لاختبار المسيح سيكون أكثر من مجرّد خطأ، فهي إهانة للمقدّسات!
كلّ صليبٍ هو أداة للموت، ومع ذلك لا يستطيع أحد أن يموت على صليب شخصٍ آخر، كل إنسان يموت على صليبه الخاص، لذلك قال يسوع: "يحمل صليبَه ويتبعني."

قضائيًّا وعمليًّا
من الناحية القضائية نقول: إن صليب المسيح يشمل كلّ الصلبان، وموت المسيح يتضمّن كلّ الميتات، هذا ما يقوله الكتاب بوضوح: "إِذْ نَحْنُ نَحْسِبُ هذَا: أَنَّهُ إِنْ كَانَ وَاحِدٌ قَدْ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ، فَالْجَمِيعُ إِذًا مَاتُوا." (2كورنثوس 14:5) "مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ." (غلاطية 20:2) "فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ." (غلاطية 14:6)
هذا بخصوص عمل الله القضائي في الفداء. المؤمن بصفته عضوًا في جسد المسيح قد صُلب قضائيًّا مع رأسه السماوي. أمام الله، يُحسب كلّ مؤمنٍ حقيقيٍّ أنه قد مات عندما مات المسيح، وكلُّ اختبارٍ روحيٍّ نختبره في حياتنا مؤسّس على هذا الاتّحاد بالمسيح في صليبه.
لكن من الناحية العمليّة – وأثناء الممارسة اليوميّة لصلب الإنسان العتيق – يبرز دور صليب المؤمن الخاص: "يحمل صليبَه"! هذا ليس صليب المسيح بل هو صليب المؤمن الشخصيّ الذي بواسطته يصبح صليب المسيح فعّالًا في صلب الطبيعة العتيقة وتحرير المؤمن من سلطانها.

إن أراد أحد...
صليب المؤمن الخاص هو الصليب الذي يحمله المؤمن بإرادته، وهنا يكمن الفرق بين صليب المؤمن وصليب الرومان الذي كانوا يعلّقون عليه ضحاياهم، كان المحكوم عليهم يذهبون إلى الصليب آنذاك رغم إرادتهم، لكن المؤمن يذهب إلى الصليب بمحض إرادته! لم يستطع قائد روماني أن يشير إلى الصليب ويقول: "إن أراد أحد فليتقدّم إلى الصليب!" لكن المسيح وحده – له المجد – هو من استطاع أن يقول هذه الجملة الفريدة: "إن أراد أحد..." وبقوله هذا وضع الأمر كلّه بين يدي المؤمن: يمكنه أن يرفض حمل الصليب ويبتعد عنه، ويمكنه أن يخضع وينحني ويحمل صليبه ويتقدّم به صاعدًا إلى النهضة المحاطة بالظلام، والفرق بين الحياة الجسدية العقيمة والحياة الروحية العظيمة هو تمامًا الفرق بين الاختيارين!

ويحمل صليبه
إذًا فالسير في إثر المسيح خطوة فخطوة في معاناة مطابقة لمعاناته على صليب الجلجثة هو أمر غير ممكن لأيٍّ منّا، وبالتأكيد لا يطلبه الله منّا. ما يطلبه الله هو أن كلّ واحد ينبغي أن يحسب نفسه ميّتًا بالفعل مع المسيح ثم يقبل باختياره ما قد يصادفه في مسيرة الطاعة اليوميّة من إنكارٍ للنفس وتوبة وتواضع وخضوع... هذا هو "صليبه" الخاص، وهو الصليب الوحيد الذي دعاه الرب ليحمله، وتفاصيل هذا الصليب تختلف من مؤمن إلى آخر، لا يوجد اثنان يتشابهان في التفاصيل التي يجيزها الرب فيهما، وإن كان الهدف الأخير من وراء كلّ الصلبان يبقى واحدًا: صلب الإنسان العتيق عمليًّا.

المجموعة: نيسان (إبريل) 2024

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

102 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10584186