Voice of Preaching the Gospel

vopg

بمناسبة مرور 10 سنوات على جريمة هزّت الضمير الإنساني نشرت وكالات الأنباء

خبرًا ونقلت صورًا اقشعرّ لها الضمير الإنسانيّ. وهو ما أثار لدى بعض القرّاء أسئلة لم يجدوا جوابًا عنها. ولكنّنا إذا تحوَّلنا إلى كلمة الله، وإلى كلّ ما سبق وكُتب فيها، فإننا بالصبر والتعزية بما في الكتب يكون لنا رجاء.


ليس هذا بالأمر الجديد على البشرية
عندما تقرأ أسفار الكتاب المقدّس، سواء أسفار التوراة أو الأسفار التاريخيّة، وبصفة خاصة سفر المزامير، السِّفر الذي فيه سجَّل الأتقياء مشاعرهم في الظروف المتنوِّعة، نجد صرخاتٍ كثيرة من الذين عانوا الظلم على أيدي الأشرار، أكتفي بأن أقتبس بعضًا منها:
«أَلَمْ يَعْلَمْ كُلُّ فَاعِلِي الإِثْمِ، الَّذِينَ يَأْكُلُونَ شَعْبِي كَمَا يَأْكُلُونَ الْخُبْزَ، وَالرَّبَّ لَمْ يَدْعُوا» (مزمور 4:14). «لأَنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ الْيَوْمَ كُلَّهُ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ» (مزمور 22:44).
«اُذْكُرْ هذَا: أَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ عَيَّرَ الرَّبَّ، وَشَعْبًا جَاهِلًا قَدْ أَهَانَ اسْمَكَ... لأَنَّ مُظْلِمَاتِ الأَرْضِ (حيث تسود الظلمة) امْتَلأَتْ مِنْ مَسَاكِنِ الظُّلْمِ».
بل إنّنا لن نحتاج إلّا أن نقلب صفحات معدودة في الكتاب المقدس لنتعرَّف على تغلغُل القسوة في القلب البشريّ منذ أن سقط الإنسان في الجنة. لقد حدث السقوط في تكوين 3؛ وفي تكوين 4 نقرأ عن قايين الذي قام على أخيه هابيل وقتله ذبحًا! ويخبرنا الرسول يوحنا في رسالته الأولى قائلًا: «كَانَ قَايِينُ مِنَ الشِّرِّيرِ (أي الشيطان، القَتَّال للناس من البدء – يوحنا 44:8) وَذَبَحَ أَخَاهُ». ثم يتساءل: «وَلِمَاذَا ذَبَحَهُ؟». ويجيب قائلًا: «لأَنَّ أَعْمَالَهُ كَانَتْ شِرِّيرَةً، وَأَعْمَالَ أَخِيهِ بَارَّةٌ» (1يوحنا 12:3).

الله عنده حكمة دائمًا لِما يسمح به
قال القدّيس والفيلسوف المسيحيّ أغسطينوس: "رأى الله في حكمته وحُكمه أنه أفضل أن يُخرج الخير من الشرّ، عن ألّا يسمح للشرّ أصلاً بأن يكون". وعلينا أن ندرك أن أبشع جريمة اقتُرفت على مرّ العصور لم تكن موت شبابٍ بريئين على أيدي قتلة أشرار ومتعصّبين، ولا هي ذبح قايين الشرير لأخيه هابيل البارّ، بل إن أبشع جريمة في تاريخ البشريّة هي جريمة صلب المسيح. أين كان الله عندما أتى الأشرار وألقوا القبض على القدّوس البار؟ لقد كان على العرش، ولم يحدث أيّ شيء دون إرادته. قال الرسل في صلاتهم: «لأنّه بالحقيقة اجتمع على فتاك القدّوس يسوع، الذي مسحته، هيرودس وبيلاطس البنطيّ مع أممٍ وشعوب إسرائيل، ليفعلوا كلّ ما سبقت فعيَّنت يدك ومشورتك أن يكون» (أعمال 27:4-28). إذًا سمح الله بهذا الشرّ، وأنتج منه أعظم خير على الإطلاق.
ولقد تميَّز تاريخ المسيحيّة، ومن بدايته، بالشراسة غير المبرّرة في اضطهاد المسيحيّين. فأين كان الله عندما رُجم شهيده استفانوس؟ لقد كان على العرش، وسمح بهذا الاضطهاد العنيف، ومنه أنتج خيرًا جزيلًا للشهادة، فنقرأ أن الذين تشتّتوا من جراء الضيق الذي حدث بعد موت استفانوس جالوا مبشِّرين بالكلمة، ووصلت كلمة الله إلى أماكن لم تصلها من قبل (أعمال 1:8-4؛ 19:11-26). وبعد قطع هيرودس الشرير لرأس الرسول يعقوب في أعمال 12، لم تنكمش الكلمة، ولا انزوى المنادون بها، بل نقرأ في آخر الفصل نفسه: «وأما كلمة الله فكانت تنمو وتزيد.» (أعمال 24:12)
هل معنى ذلك أن نتوقّع خيرًا روحيًّا من وراء هذا الحادث الإجراميّ البشع؟ أعتقد أن هذا تمّ بالفعل، وننتظر أن يُخرِج الله منه المزيد من البركة، سواء لتقوية إيمان المؤمنين، وإلماع شهادتهم، أو لجذب العديد من المعيَّنين للحياة الأبديَّة.
كيف علينا أن نواجه هذه البغضة والعداوة؟
إن المسيح، المعلِّم الأعظم، قال في موعظة الجبل: «سمعتم أنه قِيل: تحبّ قريبك وتُبغِض عدوّك. وأمّا أنا فأقول لكم: أحِبّوا أعداءكم. باركوا لاعنيكم. أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم» (متى 43:5-44). ولم يقُل هذا فقط، بل عمله بكيفيّة رائعة؛ فلمّا علَّقه الأشرار على الصليب، كانت أولى عباراته من فوق الصليب هي: "يا أبتاه، اغْفِرْ لهم، لأنّهم لا يعلمون ماذا يفعلون» (لوقا 34:23). وعلى هَدْيِهِ سار شهيد المسيحيّة الأوّل استفانوس، الذي قال وهو يُرجَم: "يا ربّ، لا تُقِمْ لهم هذه الخطية" (أعمال 60:7). والعجيب أن شاول الطرسوسيّ، وهو واحد من أخطر الإرهابيّين في العصر المسيحي الأوّل، وكان حاضرًا لمشهد رجم الشهيد استفانوس، تعامل الله معه بالنعمة، وخلَّصه. وهكذا تحوّل الإرهابي شاول الطرسوسي، إلى الرسول العظيم بولس، الذي دافع بكلِّ صلابة عن الإنجيل، وصار واحدًا من أقوى المنادين بالمسيح وبإنجيله. ونحن لا نستبعد أبدًا أن بعضًا من هؤلاء القتلة، يعمل الربّ في قلوبهم ويحوِّلهم رجوعًا إليه. فليس بالغريب على الرب أن يُخرِج من الآكل أُكلاً ومن الجافي حلاوة.

كيف واجه هؤلاء الأبطال الموت؟
يا له من منظر لافت للنظر، منظر هؤلاء الشباب وهم يسيرون في موكب الموت بثبات، ويقابلون الاستشهاد بمثل هذا الهدوء العجيب! نحن نتذكَّر أن الرب قال لملاك كنيسة سميرنا: "لا تخَفِ البتَّة ممّا أنت عتيدٌ أن تتألَّم به... كُنْ أمينًا إلى الموت، فسأُعطيكَ إكليلَ الحياة" (رؤيا 10:2). نعم، إن كلّ من يظلّ أمينًا للرّبّ إلى الموت، لا بدّ أن يتمتّع بإكليل الحياة في النهاية. ولكن ماذا وهو يواجه في هذه الحياة شدّة الموت وهوله؟ لقد وعد الرب بشيء آخر عندما كتب الرسول بطرس، لجماعة من المؤمنين كانوا يواجهون البلوى المحرقة، قال: "كما اشتركتم في آلام المسيح، افرحوا لكي تفرحوا في استعلان مجده أيضًا مبتهجين". ثم قال: "إن عُيِّرتُم باسم المسيح، فطوبى لكم، لأنّ روح المجد والله يحِلّ عليكم. أمّا من جهتهم فيُجَدَّفُ عليه، وأما من جهتكم فيُمَجَّد". (1بطرس 13:4-14) وماذا يعمل الروح القدس عندما يحلّ على المؤمن ويظلِّله؟ إنّه يعطيه قوّة ليست للبشر العاديّين، وتجعله ينطق بما لا يمكن لأيِّ إنسانٍ عاديٍّ أن ينطق به. هذا ما اختبره استفانوس شهيد المسيحيّة الأوّل. فلم يكن مشغولاً بمنظر الوجوه الشرسة التي كانت عازمة على رجمه، بل أمكنه أن يقول وهو يُرجَم: «ها أنا أنظر السماوات مفتوحة، وابن الإنسان قائمًا عن يمين الله» (أعمال 56:7). وليس فقط رأى المسيح، بل أمكنه أن يتصرّف نظيره عندما طلب المغفرة لقاتليه، وعندما كانت آخر كلمات ينطق بها على الأرض: «أيّها الربّ يسوع اقْبَلْ روحي» (أعمال 59:7).

المجموعة: نيسان (إبريل) 2025

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

315 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
12054145