Voice of Preaching the Gospel

vopg

لا يبدو أن هناك توافقًا أو انسجامًا يجمع بين هاتين الكلمتين بل إن العكس تمامًا هو الصحيح.

فالكلمتان بحسب الظاهر، ضدّان لا يجتمعان ونقيضان لا يتّفقان. فكلّنا يعلم ماذا يعني "الألم" أو "الانكسار" – إنه يشير إلى التمزّق والإحساس بأن العالم من حولنا قَدِ انهار، أو كأنّما قد نُسِف نسفًا وانْدَكَّ دكًّا. إننا جميعًا نمرّ في حياتنا بأوقاتٍ عصيبة نصبح فيها عازفين عن أن نرفع رؤوسنا عن الوسادة ونحسُّ إحساسًا طاغيًا بأن دموعَنا لن تتوقّف عن الجريان. إن الانكسار الذي نتعرّض له في حياتنا غالبًا ما يكون مصحوبًا بالخواء أو الفراغ – فراغ لا يمكن أن يملأه، وحزن يجلّ عن العزاء، وجرحٌ عميق يُستعصى على الشفاء.
ما من أحد يشعر أو يحسّ بأيّة بركة في وقت التجربة، عندما يكون مكسورًا أو محطّمًا. لقد كانت أكثر الأوقات ألمًا وصعوبة في حياتي هي تلك التي انتابني فيها الإحساس بأنني محطّم؛ فأنا لا أحبّ الألم أو المعاناة أو مشاعر "الألم" أو "الانكسار" بأكثر ممّا يفعل أيّ إنسان آخر. هناك ظروف معيّنة في حياتنا يقع فيها الأذى بدرجة يصعب معها في بعض الأحيان أن نتصوّر أن الجرح الذي أصابنا يمكن أن يندمل على الإطلاق. على أنني، مع ذلك، اكتشفت من خلال تجربة الانكسار، أنه بإمكاننا أن نختبر أعظم بركات الله بعد انحسار التجربة. فبعد مرور المحنة تصبح حياتنا أكثر إثمارًا وأكثر عزمًا وتصميمًا. إن الفجر الذي يعقب ليلة عاصفة حالكة الظلام لهو فجر بهيّ رائع. وإحساسنا بالبهجة من جديد بعد فترة من النوح والحزن المُفرط يمكن أن يكون مذهلًا. نعم، فالبركة يمكن أن تأتي في أعقاب انكسارنا وتحطّمنا.
على أن هذه البركة تأتي فقط عندما نجتاز تجربة أو محنة الانكسار بنجاح ونواجه الأسباب التي من أجلها سمح لنا الله بأن ننكسر. فإذا خضعنا لله وسمحنا له بأن يُتمّم عمله فينا، فإن البركة يقينًا سوف تعقب الألم الذي أصابنا.

هل نواجه الألم أم نهرب منه؟
غالبيّة الناس لا يفهمون تعليم الكتاب عن الألم، لذلك فإن آخر شيء يريدونه في هذه الحياة هو التعرّض لمثل هذا الاختبار، وهم بالأحرى لا يبذلون جهدًا في الهروب منه. ففي الوقت الذي نُطرب فيه لسماع الحديث الكثير عن النجاح في الحياة، وعن شفاء الله لأمراضنا، وتوفيقه لنا، ورغبته في إسعادنا، نجد أن الرسالة التي تتكلّم عن الألم والانكسار لن تروق لكثيرين... إن مثل هذه الرسالة مقبولة فقط عند أولئك الذين يريدون ما لدى الله.

لماذا أقول هذا؟
ذلك لأن الله يتّخذ طريقه في تغيير ما نرغبه، أكثر بكثير مما يفعل لإعطائنا ما نرغب فيه... لأن الله، في الواقع، يريد تنقية حياتنا وتشكيلنا وإعادة صنعنا من جديد لنكون الشعب الذي يتطلّع الله إلى السكنى معه إلى الأبد. (راجع 2كورنثوس 14:6-18)
لم يخلقنا الله لكي يمنحنا كلّ ما نتخيّله ونرغب فيه، لكن الله بالحريّ خلقنا ليأتي بنا إلى الوضع الذي فيه نخضع لإرادته الصالحة ونعمل ما يريده إلهنا لا ما نريده نحن. لقد خلقنا لذاته!
لو أنني سألتك: "هل تريد حقًّا أن تحصل على أفضل ما لدى الله لحياتك؟" أنا واثق تمامًا بأن إجابتك ستكون: "نعم بالطبع!" ولو أنني سألتك ثانية: "هل تريد حقًّا أن تكون ذلك الشخص الذي بحسب قلب الله كما قصد الله أن تكون حتى قبل أن تولد؟" ربما تجيب عن هذا السؤال: "بكلّ تأكيد!" ثم لو أنّني سألتك أخيرًا: "هل أنت على استعداد أن تسمح لله بأن يفعل كلّ ما يراه ضروريًّا وأن تخضع له تمامًا بما يتيح له أن يتمّم إرادته في حياتك لتكون حسب قلبه؟" لسوف تأخذني الدهشة لما يمكن أن يكون عليه عندئذ ردّ فعلك عن هذا السؤال الأخير.
ولكي ننال أفضل ما لدى الله، يتوجّب علينا أن نكون مستعدّين أن نُخضِع الكلّ له، وعندئذ يستطيع روح الله القدوس أن يسود على حياتنا مهيمنًا وقائدًا ومرشدًا لنا - ونحن هنا على هذه الأرض - حتى تصبح سيرتنا ومسلكنا خيرَ إعلان عن ربّنا يسوع المسيح. ولأنّه لا يوجد أحد قد بلغ إلى [الشكل الكامل] كمسيحي ناضج في اللحظة التي قَبِل فيها يسوع المسيح مخلّصًا، لذلك فإن عمليّة التشكيل هذه حتى نصبح مشابهين صورة المسيح، تتطلّب وقتًا طويلًا وتمرّ خلال ظروفٍ وأحوال لا تقع تحت حصر. وهكذا فإن الإنسان المولود من الله، لا بدّ له لكي ينضج روحيًّا، أن يجتاز مراحل وأدوارًا يتعرّض فيها للإخفاق، والفشل، وخيبة الأمل، ويبدو وكأنه قد تحطّم وانكسر. وهذه كلّها يسمح لنا الله بأن نعاني مرارتها لأنّه بدونها ليس من السهل تغيير العادات القديمة والرغبات التي للإنسان العتيق الذي فينا، والتي تلصق بنا وترفض أن تهجرنا بالرغم من كلّ المجهودات التي نبذلها لكي نزيلها من قلوبنا وعقولنا. علينا أن نتغيّر عن شكلنا بتجديد أذهاننا فلا نشاكل هذا الدهر ولا نتشكّل به. إن عملية التنقية التي يجريها الله فينا من خلال الظروف التي نمرّ بها والتي نتعرّض فيها للإذلال والمرارة، مرارًا وتكرارًا، هي بمثابة سكين أو مقصّ الكرّام، يشذّب بها حياتنا، فيقضب الأغصان الجافة التي لا تأتي بثمر والتي تشير إلى العيوب والمثالب التي فينا: ربّما حدّة الطبع، وربّما كلمات رديئة، أو شتائم، أو آثار لعادات سيِّئة لا تليق بأولاد الله. إنّنا حتى ونحن في أحسن حالاتنا خضوعًا وإذعانًا لعمل الله فينا، لا نعرف على وجه اليقين، حقيقة ذواتنا. لذلك فنحن لا نعرف أبدًا، وبشكل قاطع، مدى أو حجم، أو أبعاد خطايانا المستهترة؛ وفي أحوال كثيرة، نحن لا نرى الجانب المظلم الذي فينا. قد نتصوّر أننا اعترفنا بكلّ خطية، وإذا بنا نجد أن الله يكشف لنا – مع ذلك – مساحة أخرى في حياتنا تحتاج أن نخضعها لمحبّته الغافرة، حتى نتطهّر، ونتغيّر، ونُشفى، ونتجدّد بقوّة الروح القدس.
لذلك لا ينبغي لنا أن نهرب من تلك المواجهات التي تكشف نقائصنا وعيوبنا، بل بالحريّ علينا أن نتعامل معها بالإيمان. وسوف يعلن لنا الله عندئذ لماذا يسمح بأن نمرّ بتلك المواجهات المؤلمة، وما الذي يريده الله أن نتعلّمه من مثل هذه المواقف.

المجموعة: حزيران (يونيو) 2025

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

329 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
12681836