"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ،
بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ." (يوحنا 16:3)
"أَمَّا يَسُوعُ... إِذْ كَانَ قَدْ أَحَبَّ خَاصَّتَهُ الَّذِينَ فِي الْعَالَمِ، أَحَبَّهُمْ إِلَى الْمُنْتَهَى". (يوحنا 1:13)
قال لي شخص من خلفيّة غير مسيحيّة: "لو حذفتم كلمة [المحبّة] من الكتاب المقدس لصار كتابًا رائعًا." فقلت له: "لا يجرؤ إنسان أن يرفع شيئًا من كتاب الله أو يضيف شيئًا.
لقد تحدّثَتْ كلمة الله عن أمر الإضافة أو الحذف [إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَزِيدُ عَلَى هذَا، يَزِيدُ اللهُ عَلَيْهِ الضَّرَبَاتِ الْمَكْتُوبَةَ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ يَحْذِفُ مِنْ أَقْوَالِ كِتَابِ هذِهِ النُّبُوَّةِ، يَحْذِفُ اللهُ نَصِيبَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ." (رؤيا 18:22-19)
حاولت أن أتخيّل الكتاب المقدس بدون أن يُذكر فيه أمر المحبّة الإلهية، قطعًا سيكون كتابًا كأيِّ كتاب، ولكن كلّ الشكر للربّ لأنه يحبّ البشر عامة وتابعيه خاصة... نحن نعبد إلهًا محبًّا! وحول المحبّة الإلهية سأحدّثكم في أمرين:
أوّلاً: حقائق أكيدة
1- الحقيقة الأولى هي أن الله أحبّنا فضلاً بقوله: "... أُحبُّهم فضلاً". (هوشع 4:14) ماذا يقصد بهذه العبارة "أحبّهم فضلاً"؟ أي، أحبّهم رغم عدم استحقاقهم. لا يوجد إنسان على قبة الأرض يستحقّ أن يُحَبّ. "هأَنَذَا بِالإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِالْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي." (مزمور 5:51) "عَلَى مَ تُضْرَبُونَ بَعْدُ؟ تَزْدَادُونَ زَيَغَانًا! كُلُّ الرَّأْسِ مَرِيضٌ، وَكُلُّ الْقَلْبِ سَقِيمٌ. مِنْ أَسْفَلِ الْقَدَمِ إِلَى الرَّأْسِ لَيْسَ فِيهِ صِحَّةٌ، بَلْ جُرْحٌ وَأَحْبَاطٌ وَضَرْبَةٌ طَرِيَّةٌ لَمْ تُعْصَرْ وَلَمْ تُعْصَبْ وَلَمْ تُلَيَّنْ بِالزَّيْتِ". (إشعياء 5:1-6) "كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ". (إشعياء 6:53) ويقول الرسول يوحنا بكلّ اندهاشٍ وتعجُّب: "اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ!" (1يوحنا 1:3) الرب أحبّنا دون أن نحبّه.
2- أحبّنا قبلاً: أحبّنا قبل تأسيس العالم. ومن محبّته للإنسان أنّه خلقه على صورته "على صورة الله خلقه." من محبّته للإنسان أنه أعطاه نسمة منه ووفّر له كل احتياجاته من طعام (الأشجار) والشراب (الأنهار).
"فِي هذَا هِيَ الْمَحَبَّةُ: لَيْسَ أَنَّنَا نَحْنُ أَحْبَبْنَا اللهَ، بَلْ أَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا، وَأَرْسَلَ ابْنَهُ كَفَّارَةً لِخَطَايَانَا". (1يوحنا 10:4) "نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً". (ع 19) الملك الأرضي لا يحبّ شعبه إلا إذا لمس فيهم أنهم يحبونه... لكن ملك الملوك وربّ الأرباب أحبّنا قبل أن نحبّه.
3- أحبّنا فعلاً: إنه لم يحبّنا قولاً لكنه أحبّنا فعلاً. في القديم أحبّ الله شعبه فأخرجهم من أرض العبودية. أحبّهم فشقّ لهم البحر. أحبّهم فأطعمهم المنّ والسلوى... أحبهم فأسكنهم أرضًا تفيض لبنًا وعسلاً. ولكنه أحبّنا ودلائل محبته أنه افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لأجلنا." أحبّنا محبة فعليّة ولا يستطيع أحد أن ينكر هذه المحبة لأن الصليب هو أعظم دليل كما قال المرنّم: "قصة الحب العجيب قد تجلّت في الصليب". فالذي ربط الرب يسوع بالصليب ليس المسامير رغم ضخامتها... لكنه الحب هو الذي ربطه بالصليب.
ثانيًا: بركات مجيدة
1- حرّرنا: "بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ". (إشعياء 9:63) كنا مستعبدين للشيطان والخطية والجسد والعالم وكما ممسكين في فخٍّ قويّ – لكن شكرًا للرب الذي حرّرنا – الفخّ انكسر ونحن انفلتنا.
"أنشد نشيد الحرية والعتق من العبودية
نلت السعادة الأبدية حررني يسوع"
2- أراحنا: هناك ثلاثة أنواع من الراحات:
راحة نلناها بمجيئنا إلى الرب يسوع بقوله: "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ." (متى 28:11)
وراحة وجدناها في السير في الطريق الصالح.
وراحة تنتظرنا "أما أنت فاذهب إلى النهاية فتستريح". (دانيال 13:12) "لكي يستريحوا من أتعابهم وأعمالهم تتبعهم". (رؤيا 13:14)
3- في أمان يسكّننا: "حَبِيبُ الرَّبِّ يَسْكُنُ لَدَيْهِ آمِنًا. يَسْتُرُهُ طُولَ النَّهَارِ، وَبَيْنَ مَنْكِبَيْهِ يَسْكُنُ". (تثنية 12:33) "الساكن في ستر العلي في ظلّ القدير يبيت". (مزمور 1:91)
4- في مسيرتنا يسندنا: مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ َتتَثَبَّتُ خَطَوَاتُ الإِنْسَانِ وَفِي طَرِيقِهِ يُسَرُّ. إِذَا سَقَطَ لاَ يَنْطَرِحُ، لأَنَّ الرَّبَّ مُسْنِدٌ يَدَهُ." (مزمور 23:37)
5- في كلّ حروبنا ينصرنا: يعرف الرب أن لنا أعداء أشدّاء، وبمفردي لا أستطيع أن أنتصر. انتصر داود الذي أحبّ الرب والرب أحبّه على جليات الجبّار.
"وَلكِنْ شُكْرًا ِللهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ". (2كورنثوس 14:2)