"تَاجُ الشُّيُوخِ بَنُو الْبَنِينَ، وَفَخْرُ الْبَنِينَ آبَاؤُهُمْ." (أمثال 6:17)
أثناء زيارتنا الأخيرة، كانت حفيدتنا البالغة من العمر سنتين ونصف، تعرف أنّ جدّو وتيتَه يصلّيان معًا في الصباح ويقرآن الكتاب المقدس... كانت تأتي وتجلس بيننا وتُحضِر الكتاب المقدس المصوّر للأطفال وتتابع معنا.
وعند انتهائنا تبدأ تقلّدنا في قراءة كتابها المصوّر وتُغمض عينيها لكي نصلّي معها. وحتى نهاية إجازتنا معها، كانت تسبقنا كلّ صباح إلى الكنبة وتجلس مع كتابها تنظر إلينا لكي نجلس بجانبها.
ومن المدهش في مدرسة الأحد التابعة لكنيستها أنهم كانوا يعطونهم في صف الحضانة آية للحفظ ليعلّمها الوالدان ويحفّظاها للطفل في المساء قبل النوم. فكانت تجلب الآية معها لكي تقرأها بلغتها غير المفهومة.
والآن، وهي قاربت الثلاث سنوات، أرسلت لنا ابنتنا فيديو وهي تردّد آية من رومية 23:3 بلغُتها التي أصبحت شبه مفهومة. "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ،"
For all have sinned, and come short of the glory of God.
حفيد الكاهن هارون - فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ
وفي سفر العدد 6:25-١١ نقرأ عن حفيد الكاهن هارون فينحاس، الذي قال الله عنه:
"فَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الْكَاهِنِ قَدْ رَدَّ سَخَطِي عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِكَوْنِهِ غَارَ غَيْرَتِي فِي وَسَطِهِمْ حَتَّى لَمْ أُفْنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِغَيْرَتِي." لنقرأ كيف منعت غيرته انتشار الخطية والموت وماذا تعلّم فينحاس من والده ألعازر وجدّه هارون وعم والده موسى: "وَإِذَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ جَاءَ وَقَدَّمَ إِلَى إِخْوَتِهِ الْمِدْيَانِيَّةَ، أَمَامَ عَيْنَيْ مُوسَى وَأَعْيُنِ كُلِّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَهُمْ بَاكُونَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. فَلَمَّا رَأَى ذلِكَ فِينْحَاسُ بْنُ أَلِعَازَارَ بْنِ هَارُونَ الْكَاهِنِ، قَامَ مِنْ وَسَطِ الْجَمَاعَةِ وَأَخَذَ رُمْحًا بِيَدِهِ، وَدَخَلَ وَرَاءَ الرَّجُلِ الإِسْرَائِيلِيِّ إِلَى الْقُبَّةِ وَطَعَنَ كِلَيْهِمَا، الرَّجُلَ الإِسْرَائِيلِيَّ وَالْمَرْأَةَ فِي بَطْنِهَا. فَامْتَنَعَ الْوَبَأُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. وَكَانَ الَّذِينَ مَاتُوا بِالْوَبَإِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أَلْفًا.
* * * * *
حفيد لَوْئِيسَ – التلميذ تيموثاوس
ونقراً عن حفيد لَوْئِيسَ، إذ تذكّر الرسول بولس هذ الإيمان العديم الرياء الساكن في جدة تيموثاوس تلميذ الرسول بولس: "إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِي فِيكَ، الَّذِي سَكَنَ أَوَّلًا فِي جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِي، وَلكِنِّي مُوقِنٌ أَنَّهُ فِيكَ أَيْضًا." (2تيموثاوس 5:1) والرسول بولس يؤكد أن أم تيموثاوس وجدّته كانتا تعلّمانه الكتب المقدسة منذ طفولته إذ كتب في 2تيموثاوس 15:3 "وَأَنَّكَ مُنْذُ الطُّفُولِيَّةِ تَعْرِفُ الْكُتُبَ الْمُقَدَّسَةَ". فالذي تُعلّمه لأولادك وأحفادك من كلمة الله أثناء طفولتهم، تأكّد تمامًا أنّه سيرسخ في حياتهم.
* * * * *
سليمان الحكيم قال كما ذكرنا، "تَاجُ الشُّيُوخِ بَنُو الْبَنِينَ، وَفَخْرُ الْبَنِينَ آبَاؤُهُمْ". (أمثال 6:17) أكّد أنّ الأحفاد هم تاج للأجداد. ويوضع التاج على رأس الملك. ويذكر سفر الرؤيا 6:1-٧ الرب "يسوع المسيح... وَرَئِيسِ مُلُوكِ الأَرْضِ: الَّذِي أَحَبَّنَا، وَقَدْ غَسَّلَنَا مِنْ خَطَايَانَا بِدَمِهِ، وَجَعَلَنَا مُلُوكًا وَكَهَنَةً للهِ أَبِيهِ."
تحدّثنا هذه الآية عن الأسرة المثاليّة المترابطة، وكيف يكون التعامل الأمثل بين أفرادها، فالشيوخ يفرحون، ويحبّون أحفادهم جدًّا، لا يغضبون عليهم، أو يستهزئون بأفكارهم، بل يشجّعونهم بمحبة وحنان، فيصير هؤلاء الأحفاد تاجًا يزيّن رؤوس هؤلاء الشيوخ.
ومن ناحية أخرى، فالبنون يحترمون ويوقّرون آباءهم الذين ربّوهم، وتعبوا من أجلهم. ورغم وجود اختلافات بين الأجيال في الأفكار، لكن كلّ واحد يحترم رأي الآخر وشخصيّته، فيعيش الكلّ في محبة، ويفرح الله بهم.
كأجداد، هل يسكن فينا هذا الإيمان العديم الرياء متيقّنين أنه أيضًا يسكن في أحفادنا من خلال حياتنا أمام أحفادنا؟ هل يلاحظ أحفادك مواعيد خلوتك مع الرب ويريدون أن يشاركوك فيها أيضًا؟ هل يلاحظون ردود فعلك وسلوكك في أمور الحياة المنعكسة من إيمانك بالرب يسوع المسيح وكلمة الله؟ لا تخبئ نورك في البيت، فعائلاتنا في البيت حقل خصب لزرع بذور الإنجيل ونشرها. ليُعْلَم ويُظْهَر فرح وإيمان المسيح لكلّ أفراد عائلتك. ليكن عندنا أحفاد عندهم غيرة فينحاس وإيمان عديم الرياء مثل تيموثاوس.
ليس من أمرٍ يُفرح السماء عينها مثل الأسرة التي تحمل أيقونة السماء، وكلّ عضوٍ فيها يُري عمليًّا في بقية الأعضاء مجده وكرامته وغناه.
الحبّ العملي والاحترام المتبادل يحوِّل البيت إلى سماء، والأسرة إلى أهل بيت الله، ويتلامس الكلّ مع وعد السيّد المسيح: "لأنّه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، فهناك أكون في وسطهم". (متّى 20:18) وحيث يحلّ الرب يسوع المسيح يجتمع الكلّ معًا كما في السماء من كلّ الأمم والألسنة والقبائل والشعوب، من كلّ الثقافات، ومن كلّ الأعمار، ولا توجد مشكلة وجود هوّة بين الأجيال، بل يرى كلّ واحدٍ انعكاس بهاء المسيح في الآخرين.