تأمّلتها من وراء شبّاك غرفتي تحلّق في الفضاء عاليًا، فاردةً جناحيها...
جناحان صغيران هي كلّ ما تمتلكه، تطير بهما في الفضاء الواسع، وكأنها تملك الدنيا وما فيها.
رغم صغر حجمها وعدم امتلاكها لشيء، لا أموال في البنوك تسبّب لها قلقًا، ولا بورصة تهبط فتجزع لها. في كلّ الأحوال محلّقة، تغرّد وتشدو شاكرة خالقها لأجل نومة هادئة وسط صغارها، داخل عشّ فوق فرع شجرة مهدّد في أيّ لحظة، بموجة ريح تُحطّمه... ورغم ذلك، لا تقلق بل تغرّد كلّ يوم، وكأنها واثقة أن خالقها بيده يحميها.
ولأنها تعلم أن يد الله أقوى من أشدّ الرياح فهو حارسها مع صغارها. فلا مكان للخوف عندها لأنه مصدر سلامها ونومها الهادئ. لا نرى واحدة منها ماتت جوعًا، لأن الرب خالقها يرعاها، لكنها تبحث وتتحرّك... والرب يوفّر لها قوتها وقوت صغارها.
أما في الليل فتعود إلى عشّها، غير مرتبكة من ريح قد تُسقطه، بل تحيا حياة اتكال وثقة دائمًا محلّقة، مغرّدة...
ربّي يسوع، أيها الخالق العظيم، هل يمكن أن يكون لهؤلاء الكائنات الصغيرة كل هذه الرعاية الخاصة منك وأخاف أنا الإنسان الذي أحببته وفديته؟ إني أشتاق أن يكون لي مثل هذين الجناحين فأعلو فوق كل قلق وخوف. أشتاق أن أسمو فوق كلّ ضعفاتي البشرية.
أشتاق أن أُحلِّق في حرّيّة، مهما كانت قيودي... حرّية ترفعني فوق قيود وضغوط فرضتها عليَّ الحياة. أشتاق أن أغرّد في كلّ لحظات يومي، في بزوغ الشمس لأنه بداية يوم جديد، وفي العمل لأنك معي، في البيت لأنك صنعته لي لأرتاح فيه. في المساء لأنك أوجدت لي عشًّا جميلاً ألجأ إليه مع أسرتي. أشكرك على كلّ وقت حلو لأنك أنت مصدره، وكل لحظة ألم، لأنك تشاركني فيها. ومهما طال تغريدي، فلن يُوفيك حقّك يا يسوع، دعني أرنّم لك.
يا ليت لي أجنحة كطائر الحمام لكي أطير طالبًا مواطن السلام.
ملقين همّكم عليه.... ملقين كلّ همّكم.... لأنه يعتني بكم.
الدكتورة مادلين النخيلي