Voice of Preaching the Gospel

vopg

المجلة

ammariالمتتبعون لنشرات الأخبار في التلفاز أو الراديو أو الصحف يلاحظون أنه لا تخلو نشرة إخبارية من خبرٍ عن مشكلةٍ، أو أزمةٍ، أو حربٍ، أو اقتتالٍ في جهةٍ ما على وجه الأرض. وأخبار الأزمات كما نلاحظ تشغل اهتمام المؤسسات الإعلامية والفضائيات، ومراسليهم ليل نهار... ورغم قسوة بعض الأزمات يلاحظ أن الصحفيين كثيرًا ما يتعرضون للخطر وهم يسعون للحصول على ما يسمى بلغة الصحافة "بالسبق الصحفي"، لكشف النقاب عن خبرٍ ما قبل غيرهم.

المتتبعون لنشرات الأخبار في التلفاز أو الراديو أو الصحف يلاحظون أنه لا تخلو نشرة إخبارية من خبرٍ عن مشكلةٍ، أو أزمةٍ، أو حربٍ، أو اقتتالٍ في جهةٍ ما على وجه الأرض. وأخبار الأزمات كما نلاحظ تشغل اهتمام المؤسسات الإعلامية والفضائيات، ومراسليهم ليل نهار... ورغم قسوة بعض الأزمات يلاحظ أن الصحفيين كثيرًا ما يتعرضون للخطر وهم يسعون للحصول على ما يسمى بلغة الصحافة "بالسبق الصحفي"، لكشف النقاب عن خبرٍ ما قبل غيرهم. لا أحد منا كأفرادٍ أو جماعاتٍ يخلو في حياته من الأزمات. والأزمة قد تكون صعبة، قاسية ننحني تحت ثقلها، ونئن بسبب ما تتركه فينا من جروحٍ وخدوش... وأحيانًا تأتينا الأزمة في وقت محرج أو مفاجىء لا نكون فيه على استعدادٍ لمواجهة ما يجري، ومع ذلك فالأزمة تأتي دون استئذان، وتفرض وجودها علينا بما تحمله من ألمٍ وإزعاج. والأزمات متنوعة... فهناك أزمة صحية، أو اقتصادية، أو عاطفية نفسية... وأحيانًا تحدث أزمات اجتماعية تنشأ بين أهل القُربى والأصدقاء أو الشركاء في مصلحةٍ ما فتحدِث الأزمة شرخًا بين الأحبة وتسبب القطيعة بين أفرادهم. وقد تكون الأزمة أزمة عامة تواجه الأمة برمّتها، ومنها الأزمات السياسية. وهذه إن لم تعالَج بحكمةٍ ورويّة قبل تفاقمها فقد تتفجر إلى الاقتتال وجريرةٍ من الحروب. وأقرب مثال على هذا اليوم هو ما جرى ويجري في شرقنا العربي. فهي لم تكن أزمات كما يقولون "بنت ساعتها"، بل قد كانت قائمة من قبل ولها جذورٌ عبر سنين خلت عانوا منها طويلاً وعانى جيران لهم. ولما لم تجد الأزمة من حلول تفاقمت وأدت إلى ما وصلت إليه فأُثخنت الجراح وسالت الدماء وانهمرت الدموع. فالأزمة افتقرت إلى رجل حكيم قادرٍ فعال جريء يستطيع أن يرفع صوته ويرد الأذى ويصلح الحال. عن مثل هذا يقول الله في سفر حزقيال في وصف لأزمةٍ حلت بالشعب القديم: "طلبت من بينهم رجلاً يبني جدارًا ويقف في الثغر أمامي عن الأرض لكي لا أخربها فلم أجد". قبل أن تتفاقم هذه الأزمات كان الصوت مطبقًا في سكوت! وبعد انتهاء بعضًا منها سمعنا أصوات تحتج وأخرى تعارض وغيرها تؤيد، ولكن بعد أن أُثخنت الجراح، وعمّت الفوضى وغابت الرؤيا... يقول الله في الكتاب المقدس: "بدون رؤيا يجمح الشعب". وجموح الشعب يعني الفوضى العارمة، وهذا ما يحصل! ويتساءل البعض: عندما تحل أزمة كهذه أين يكمن الحل؟ واختلف الناس في الإجابة عن هذا! تخطرني الآن قصة أزمةٍ حلت بتلاميذ المسيح (الحواريين)، في الليلة التي قبض اليهود فيها على المسيح. ورد هذا في إنجيل متى الأصحاح السادس والعشرين: أقبل جمع من اليهود يحملون السيوف والعصي والمشاعل في ثورة عارمة وجاءوا إلى حيث كان المسيح يجتمع مع تلاميذه على جبل الزيتون ليسلموه إلى كهنتهم ويحكموا عليه. أثناء ذلك تولّدت ردة فعلٍ عنيفة لدى أحد أتباع المسيح وهو بطرس، كبير التلاميذ. فدبّت الحمية في قلبه وكان يحمل في منطقته سيفًا. فاندفع نحو المهاجمين، وأشهر سيفه في وجههم بعصبية، وضرب أقرب من استطاع الوصول إليه، فقطع أذن أحد المهاجمين ويُدعى ملخس. وحدث كل هذا على مرأى من المسيح الذي كان ينظر ويراقب ما يحدث، وهو يعلم أنه هو المستهدف في الهجوم. إنما ما يثير الدهشة هو تصرّف المسيح في مثل هذه الزوبعة الهوجاء! فعندما وقعت أذن المجني عليه على الأرض، نظر المسيح إلى بطرس وقال: "رد سيفك إلى غمده لأن كل الذين يأخذون السيف بالسيف يهلكون". ثم التقط أذن ملخس وردّها إلى مكانها فعادت طبيعية. وكانت هذه آخر معجزة شفاء قام بها المسيح قبل صلبه بساعات. ما أريد الوصول إليه هنا، هو أن المشكلة حول المسيح كانت بشكل ثورةٍ عارمة استهدفته هو بالذات، والبعض من حوله تصرفوا للدفاع عنه بردة فعل طبيعية، فاستعملوا السيف، وآذوا الغير، واحتجوا بطريقتهم الخاصة التي عبرت عن رفضهم لما يجري، أما المسيح فتصرّف بمنتهى الهدوء، رافضًا استعمال السيف أو العنف مقابل العنف... بل وزاد أن قام بشفاء من تأذّى من سيف بطرس فأمسك بأذنه وردها إلى مكانها بمعجزة ثم سلّم نفسه طوعًا لطالبيه بكل هدوءٍ وبلا هياج! وكان ما كان! كلنا نواجه أزمات على اختلاف أنواعها في حياتنا، ودولنا، وشعوبنا... إنما السؤال الذي يفرض نفسه: كيف يمكن أن نواجه الأزمات بنجاح؟ إن ردة الفعل الغالبة لدينا هي الهياج والعنف، والسخط، وإلى مزيد من سفك دماءٍ وتخريب... ما هي الحلول التي نلجأ إليها في حل عنف الأزمة التي نواجهها؟ وهل السيف والرمح والعصا والبندقية، والوسائل التي عرفتها البشرية قبل آلاف السنين ما زالت هي وسائل الحل المفضلة لدينا؟ المسيح هنا يقدم أفضل مثالٍ على كيفية التصرف في مواجهة الأزمات. يقول الوحي في الكتاب المقدس: "بالهدوء والطمأنينة تكون قوتكم". ويقول: "لا بالقدرة ولا بالقوة بل بروحي قال رب الجنود". فعندما تتدرّب الأمة على أسلوب الحوار الهادئ، والديموقراطية الفعلية، واحترام حقوق الغير، تعرف كيف تجتاز أزماتها بنجاحٍ وتفلح! هذا هو أسلوب المسيح الدائم في التعامل مع الأزمات، وبهذا علّم أتباعه المخلصين في طاعتهم له. أسلوب الناس يختلف ويزيد النار اشتعالاً ويعالج الخطأ بالخطأ، والسيف بالسيف، والكراهية بالعداء، وقلما نسمع مَنْ يستعمل لغة الحوار والحب والتسامح لمعالجة الأمور باتزانٍ وحكمة. هناك أزمة أخرى حصلت هذه المرة في الكنيسة، وبين المؤمنين أنفسهم؛ وقد دوّنها انجيل المسيح في سفر أعمال الرسل الأصحاح السادس. وأساس الأزمة كان التحيّز بدوافع قومية أو عرقية بين مؤمنين مسيحيين، فريق منهم جاء من خلفية يهودية فانسلخوا عن جسم يهوديتهم وصاروا مسيحيين ولم يعودوا يهودًا في الدين. وفريق آخر معهم من المؤمنين المسيحيين الذين جاءوا من خلفية يونانية ممن تركوا الوثنية وآمنوا بالمسيح وصاروا جانبًا هامًا في جمهور الكنيسة. فالكنيسة هناك كانت كما اليوم تقوم بواجب الاهتمام بالفقراء وبخاصة الأرامل منهن. وأثناء التعامل بهذه الخدمة لاحظ اليونانيون أن أراملهم كُنَّ يُغْفَل عنهن في خدمة توزيع المعونات على فقراء الكنيسة، فابتدأ هؤلاء يتململون ويتذمرون، بدايةً بالهمس، ثم تفاقمت المشكلة وصار البعض يتحدث بها بالصوت العالي. فسمع الرسل قادة الكنيسة ولاحظوا وجود أزمةٍ قد تُحدث شرخًا داخل الكنيسة الواحدة وهذا يخالف ما أوصى به المسيح من تحابب وتسامحٍ. وكانت الكنيسة حينها ما زالت حديثة العهد في بداية نشأتها وتحتاج بعد إلى التعليم، والتنظيم، والتدرب على قبول الواحد منهم للآخر ولو اختلف اللون أو الجنس أو العرق أو الخلفية القومية. وكان عدد أفراد الكنيسة المسيحية في تلك الفترة لا يتجاوز الأربعة آلاف نفس. ويحتاجون إلى التآلف والتآخي في وحدةٍ أخويةٍ تزيل بينهم الحواجز والفروق. فعندما وصل خبر البلبلة إلى مسامع قادة الكنيسة تصرفوا فورًا، واحتووا الأزمة قبل أن تتعمق جذورها في نفوسهم، وعقدوا اجتماعًا فيما بينهم، واتخذوا قرارًا. فدعوا جمهور الكنيسة للاجتماع (وهذا ما يعرف اليوم بالجمعية العمومية لأي مؤسسة) وقدّموا اقتراحًا ديموقراطيًا عادلاً... فطلبوا منهم أن ينتخبوا من بينهم سبعة رجالٍ مشهودًا لهم بالتقوى والحكمة ليتولوا خدمة جمهور الفقراء في الكنيسة في توزيعٍ عادل. فحسن القول أمام كل الجمهور، واختاروا فعلاً سبعة رجال مشهودًا لهم ومن خلفيات متنوعة ووضعوا عليهم الأيادي وصلوا طالبين لهم العون والإرشاد من الله للقيام بالمهمة وأطلقوهم للعمل. بعد هذا يقول الانجيل كصورة لنجاح مهمة هؤلاء السبعة: "وكانت كلمة الله تنمو، وعدد المؤمنين يتكاثر جدًا". فاقتُلعت المشكلة من جذورها ولم يعد لها وجود بينهم فيما بعد. فالحرية الديمقراطية، والتسامح، واحترام الآخر، هذه عناصر لا بد أن تتوافر لحل أي مشكلة تواجه المجتمعات الانسانية، وعكس هذه: التزمت، والتشدّد، والتعصّب في الرأي، والفئوية، والإصرار عليها، وتجاهل الآخرين، فهذه تغذي العزلة والانقسامات بين أفراد المجتمع المتعايش معًا.

المجموعة: آب August 2011

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

195 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578664