المجلة
مع أن معلمنا وقائدنا شخص الرب يسوع - الذي من المفترض أن نتّبع خطواته، كما علمنا الرسول بطرس - كان إنسانًا إيجابيًا إلى أقصى مدى، رغم كل الظروف القاسية التي كانت تحيط به، والتي تفوق مشاكلنا الحالية بمراحل. عاش المسيح في وطن محتلّ - من الدولة الرومانية التي لا تؤمن إلا بالقوة والبطش، وقمع الحريات كأسلوب للتفاهم - وتحت سلطة دينية متعصّبة ومتزمتة إلى أبعد حدّ تتمسك بحرفية النص لا بروحه، وبتقاليد قديمة بالية هي من صنع الناس؛ تكفّر وتطرد من المجمع كل من يحاول أن يعترض عليها. ومع كل ذلك فقد كان الرب يسوع شخصًا إيجابيًا تحدّى الواقع والظروف واستطاع بكلامه وسلوكه وحياته أن يقلب الظروف، ويخلق واقعًا جميلاً مبنيًا على الحب والمصالحة مع الله والنفس، وينشئ رسالة حرية وخلاص ما زال صداها يتردد بقوة إلى الآن كأمواج البحر المتدفّق.
مع أن معلمنا وقائدنا شخص الرب يسوع - الذي من المفترض أن نتّبع خطواته، كما علمنا الرسول بطرس - كان إنسانًا إيجابيًا إلى أقصى مدى، رغم كل الظروف القاسية التي كانت تحيط به، والتي تفوق مشاكلنا الحالية بمراحل. عاش المسيح في وطن محتلّ - من الدولة الرومانية التي لا تؤمن إلا بالقوة والبطش، وقمع الحريات كأسلوب للتفاهم - وتحت سلطة دينية متعصّبة ومتزمتة إلى أبعد حدّ تتمسك بحرفية النص لا بروحه، وبتقاليد قديمة بالية هي من صنع الناس؛ تكفّر وتطرد من المجمع كل من يحاول أن يعترض عليها. ومع كل ذلك فقد كان الرب يسوع شخصًا إيجابيًا تحدّى الواقع والظروف واستطاع بكلامه وسلوكه وحياته أن يقلب الظروف، ويخلق واقعًا جميلاً مبنيًا على الحب والمصالحة مع الله والنفس، وينشئ رسالة حرية وخلاص ما زال صداها يتردد بقوة إلى الآن كأمواج البحر المتدفّق. وبرغم ذلك نجد أن كثيرًا من أولاده يعيشون حياة الفشل والهزيمة، مع أن الكتاب يعلمنا بأن "الله لم يعطنا روح الفشل". والرسول بولس الذي تعرّض لظروف قاسية من اليهود فجُلد خمس مرات أربعين جلدة إلا واحدة، وثلاث مرات ضُرب بالعصي، ومرة رُجم، وثلاث مرات انكسرت به السفينة، ومع ذلك يعلمنا قائلاً: "لِذلِكَ لاَ نَفْشَلُ، بَلْ وَإِنْ كَانَ إِنْسَانُنَا الْخَارِجُ يَفْنَى، فَالدَّاخِلُ يَتَجَدَّدُ يَوْمًا فَيَوْمًا". بل إنه يعتبر أن كل تلك المصائب التي تعرّض لها هي خفيفة وبلا قيمة أمام إكليل المجد الذي ينتظره قائلاً: "لأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا الْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا. وَنَحْنُ غَيْرُ نَاظِرِينَ إِلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي تُرَى، بَلْ إِلَى الَّتِي لاَ تُرَى. لأَنَّ الَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا الَّتِي لاَ تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ". والسؤال الذي يطرح نفسه: هل أنت شخص سلبي أم إيجابي؟ هل تنظر إلى النصف الفارغ أم الممتلئ من كأس الحياة الذي أمامك؟ وبنعمة الرب سأضع بعض النقاط التي نستطيع أن نقيس أنفسنا بمقتضاها لنعرف درجتنا ومستوى السلبية أو الإيجابية في حياتنا كما يقول الكتاب: "لأَنَّنَا لَوْ كُنَّا حَكَمْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا لَمَا حُكِمَ عَلَيْنَا". فما هي صفات الإنسان السلبي؟ أولاً: الاستسلام لعادات أو مشاعر أو أفكار خاطئة ومحاولة التعايش معها وعدم مقاومتها في حياة الكثيرين منا خطية، أو عادة، أو شعور بالمرارة وصغر النفس، التي حاولنا مرات عديدة بكل صدق وأمانة أن نتخلص منها ونتحرر من سطوتها علينا وفشلنا، فتولّدت لدى كل شخص منا قناعة بأنه "لا فائدة مني وأنا شخص لا يمكن إصلاحه وتغييره". وبدأنا نندب الحظ والظروف والزمان... مع أن المشكلة ليست في الظروف بل بالطريقة التي نتعامل بها مع الظروف. فنحن نحاول - وبنفس الطريقة التي أثبتت فشلها في المرة السابقة - أن نعالج بها نفس المشكلة! لم نستطع أن ندرك أن الوسيلة التي استخدمناها خاطئة، وأننا بحاجة إلى وسيلة جديدة، وأحيانًا إلى مساعدة من الآخرين للتغلُّب على المشكلة وعلاجها من جذورها. فالخطأ هو في الوسيلة وليس فينا، لذلك يعلمنا الكتاب قائلاً: "لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِي" (ميخا 8:7). ثانيًا: الحديث السلبي عن الظروف دون العمل على تغييرها من السهل أن يدور الحديث عن الأشياء السلبية في المجتمع من فساد، ورشوة، ومحسوبية، أو الضعف، والفتور، والمشاكل في الكنيسة والاجتماعات، من دون أن نأخذ المبادرة، ونسعى بكل قدرتنا على تغييرها وإصلاح العيب فيها معللين ذلك لأنفسنا "من أنا لأغيّر؟ وماذا أستطيع أن أفعل؟". مع أن أي نهضة أو انتعاش حقيقي يبدأ بفرد أو مجموعة قالت لنفسها: "نحن نستطيع"! داود، ذلك الفتى الصغير المراهق وقف أمام جليات الجبار الذي كان يعيّر جيش الرب لمدة أربعين يومًا دون أن يستطيع الملك شاول وقادة جيشه الصناديد أن يفعلوا شيئًا سوى الاختباء من أمامه "كالنساء". وقف أمامه داود وقال: "أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ. هذَا الْيَوْمَ يَحْبِسُكَ الرَّبُّ فِي يَدِي، فَأَقْتُلُكَ وَأَقْطَعُ رَأْسَكَ. وَأُعْطِي جُثَثَ جَيْشِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ هذَا الْيَوْمَ لِطُيُورِ السَّمَاءِ وَحَيَوَانَاتِ الأَرْضِ، فَتَعْلَمُ كُلُّ الأَرْضِ أَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ لإِسْرَائِيلَ". ثالثًا: العيش بمبدأ القدرية تحت شعار "المكتوب على الجبين لازم تشوفه العين" للأسف الشديد أن كثيرًا من المؤمنين يعتقدون بفكرة القضاء والقدر، والقسمة والنصيب، وأن كل ما يحدث في حياة الإنسان من مصاعب وشدائد هي من الله، وأن ما يحدث في عالمنا من كوارث طبيعية وحروب وأوبئة هي أيضًا من الله! فحياة الإنسان في اعتقادهم هي مجرد قصة كتبها الله وقدرها عليه بخيرها وشرّها، وأن الإنسان يسير في أحداث هذه القصة مستسلمًا لكل ما فيها بـ "لا حول ولا قوة" لكي يبرر عجزه وضعف عزيمة أمامها مرتديًا لباس التقوى المزيّفة والاستسلام وليس التسليم! مع أن الشيء العجيب هو أن الكتاب المقدس يعلم عكس هذا تمامًا فيعلن بأن الإنسان هو كائن حرّ، إرادي، يختار طريقه بنفسه، ويدفع ثمن هذا الاختيار الحر بنفسه أيضًا، ويقول: "قَدْ جَعَلْتُ قُدَّامَكَ الْحَيَاةَ وَالْمَوْتَ. الْبَرَكَةَ وَاللَّعْنَةَ. فَاخْتَرِ الْحَيَاةَ لِكَيْ تَحْيَا أَنْتَ وَنَسْلُكَ، إِذْ تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ وَتَسْمَعُ لِصَوْتِهِ وَتَلْتَصِقُ بِهِ، لأَنَّهُ هُوَ حَيَاتُكَ" (تثنية 15:30-16). وفي النهاية أخي وأختي، أنت الوحيد القادر على أن تقيِّم نفسك، وتلمس السلبية أو الايجابية التي في حياتك، وتثق بقدرة إلهك الذي يريد أن يعمل بك ومن خلالك عجبًا وهو يراك في عينيه "جبار بأس". فهل ترى ذلك في نفسك؟ ووعده دائمًا لك أن "اَلصَّغِيرُ يَصِيرُ أَلْفًا وَالْحَقِيرُ أُمَّةً قَوِيَّةً. أَنَا الرَّبُّ فِي وَقْتِهِ أُسْرِعُ بِهِ".