المجلة
سأتناول في هذا المقال، بعون الله، موضوعًا، وهو أيضًا موضوع حساس جدًا قد يجرح مشاعر الكثيرين، ولكني أرجو بمعونة الرب أن يكون نافعًا لكثيرين من القراء الأعزاء. ليس لأحد أن يفتخر في هذا الأمر، فالذين كان زواجهم ناجحًا عليهم أن يشكروا الرب على نعمته، لأن نسبة الزواج الناجح في أيامنا هذه هي قليلة جدًا. والذين لم ينجح زواجهم عليهم أن يفحصوا أنفسهم أمام الرب. لقد ترددت كثيرًا في كتابة هذا المقال، لأني أعلم أنه موضوع مؤلم لكثيرين من أولاد الله الأعزاء. ولكن هدفي من هذا المقال ليس هو الحديث عن مأساة الطلاق، بل عن سر الزواج الناجح. وسوف نشبّه الزواج بمبنى قائم على أعمدة متينة. فكل زواج يحتاج إلى ثلاثة أعمدة. أما الزواج المسيحي الناجح فيحتاج إلى عمود رابع. وأعمدة الزواج الناجح هي:
سأتناول في هذا المقال، بعون الله، موضوعًا، وهو أيضًا موضوع حساس جدًا قد يجرح مشاعر الكثيرين، ولكني أرجو بمعونة الرب أن يكون نافعًا لكثيرين من القراء الأعزاء. ليس لأحد أن يفتخر في هذا الأمر، فالذين كان زواجهم ناجحًا عليهم أن يشكروا الرب على نعمته، لأن نسبة الزواج الناجح في أيامنا هذه هي قليلة جدًا. والذين لم ينجح زواجهم عليهم أن يفحصوا أنفسهم أمام الرب. لقد ترددت كثيرًا في كتابة هذا المقال، لأني أعلم أنه موضوع مؤلم لكثيرين من أولاد الله الأعزاء. ولكن هدفي من هذا المقال ليس هو الحديث عن مأساة الطلاق، بل عن سر الزواج الناجح. وسوف نشبّه الزواج بمبنى قائم على أعمدة متينة. فكل زواج يحتاج إلى ثلاثة أعمدة. أما الزواج المسيحي الناجح فيحتاج إلى عمود رابع. وأعمدة الزواج الناجح هي: العمود الأول: تعهد أمام الله أن يُعتبر الزواج كتعهّد أمام الخالق الذي رتب الزواج بعد أن خلق آدم، وقال: "لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ" (تكوين 18:2). فصنع له حواء "وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ". فالزواج لم يكن من اختراع البشر كما يدَّعي كثيرون في أيامنا هذه، بل هو من ترتيب إلهي "لِذلِكَ يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِامْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا" (تكوين 24:2). لذلك قال المسيح: "ما جمعه الله لا يفرّقه إنسان". إنها مأساة في أيامنا هذه أن كثيرين لا يعرفون شيئًا مما جاء في الكتاب المقدس، وينطبق عليهم القول: "تضلون إذ لا تعرفون الكتب (أي ما جاء في الكتاب المقدس)". لا عجب أن يزداد الطلاق في مجتمع يتبجح فيه الكثيرون وينكرون وجود الله أو أهمية الإيمان به، وليس من يردعهم. هؤلاء "ليس خوف الله قدام عيونهم"، فيعيش الرجل مع المرأة بدون زواج. كم من فتيات سقطن في خطيئة الزنى بحجة أن وثيقة الزواج ليست إلا قطعة ورق لا أهمية لها. ولكن هذه الوثيقة ليست مجرد قطعة ورق، بل هي تعهد أمام الله وأمام شهود من الأهل والأصدقاء، بدونها تكون العلاقة الجنسية خطيئة فظيعة، ينهانا عنها كلام الله إذ يقول: "اهربوا من الزنا". لقد أطلت الكلام عن هذه النقطة لأن إهمالها هو الخطوة الأولى التي تؤدي إلى انهدام الأسرة. كان الطلاق بين المسيحيين سواء المسيحيين الحقيقيين أو المسيحيين اسميًا فقط، أمرًا نادرًا جدًا، وأما الآن فقد أصبح منتشرًا لدرجة تدعو إلى الخجل. العمود الأول هو تعهد قلبي صادق أمام الله والناس. العمود الثاني: المحبة المتبادلة يقول الكتاب المقدس: "أَيُّهَا الرِّجَالُ، أَحِبُّوا نِسَاءَكُمْ كَمَا أَحَبَّ الْمَسِيحُ أَيْضًا الْكَنِيسَةَ وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِهَا" (أفسس 25:5). وأيضًا "كَذلِكَ يَجِبُ عَلَى الرِّجَالِ أَنْ يُحِبُّوا نِسَاءَهُمْ كَأَجْسَادِهِمْ. مَنْ يُحِبُّ امْرَأَتَهُ يُحِبُّ نَفْسَهُ" (عدد 28). ربما يسأل شخص: لماذا هذه الوصية للرجال؟ الجواب هو أن الرب يوصينا جميعًا بالمحبة، ولكنه هنا ينبر على محبة الرجل لزوجته لأن طبيعة المرأة تحتاج إلى الشعور الأكيد والمتكرر أي المستمر بمحبة زوجها. والمرأة العاقلة متى تأكدت من ذلك فهي تتفانى في عمل ما يجعله سعيدًا. إذا لم تشعر بدفء هذه المحبة، فمهما أحاطها زوجها بالمال والممتلكات ووسائل الراحة والرفاهية فهي لن تكون سعيدة. ولذلك يجب على الزوج الحكيم أن يؤكد لها محبته بالكلام والعمل. وهي لن تملّ لو قال لها زوجها عشرة مرات في اليوم أنه يحبها. يُحكى أن رجلاً قال لخطيبته في اليوم السابق لزواجهما: "عزيزتي، إني أريد أن أقول لك شيئًا وأرجو أن تصغي جيدًا وتتذكريه حتى لن أضطرّ إلى تكراره". فقالت له: "قل يا حبيبي، إني أصغي جيدًا، ولن تحتاج إلى تكراره". فقال لها: "أنا أحبك". والأرجح أن هذه ليست قصة واقعية، وإلا فإن زواجًا مثل هذا لن ينجح. أيها الزوج، لا تتردد في أن تقول لزوجتك عشر مرات في اليوم أنك تحبها. ولا تستصعب إذا كانت بعد ذلك تسألك "هل تحبني؟". وهناك سبب آخر لأجله يوصي الرجل أن يحب امرأته، وذلك لأن مشغوليات الحياة والرغبة في النجاح الزمني وفي توفير وسائل الراحة لها ولأبنائهما قد يشغل وقته وفكره فينسى حاجة الزوجة إلى محبته أكثر من حاجتها إلى الأمور الزمنية. العمود الثالث: الاحترام المتبادل يقول الكتاب المقدس: "وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا" (أفسس 33:5). لماذا يوصي المرأة أن تحترم رجلها وتخضع له في عدد 22، "وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلْتَهَبْ رَجُلَهَا"؟ لنلاحظ أولاً أنه يقول في عدد 21: "خَاضِعِينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ فِي خَوْفِ اللهِ". فكما أن المحبة يجب أن يتصف بها الزوج والزوجة ولكنه ينبر على محبة الرجل لزوجته بسبب حاجتها الشديدة للشعور بها، كذلك الاحترام والاستعداد لسماع رأي الآخر هو واجب على الزوج والزوجة، ولكنه ينبر على احترام المرأة لرجلها لسببين: أولاً، إن الرجل يحتاج إلى هذا لتكون عنده ثقة فيقوم بواجباته بصورة أفضل. والمرأة التي تهين زوجها ولا تحترمه، أو لا تخضع له وتريد أن تكون هي صاحبة القرارات فهي في الحقيقة تؤذي زوجها وتؤذي نفسها، وقد تسبب الفشل في زواجهما. لقد صادفت في ممارستي لمهنة الطب لمدة 48 سنة حالات لم يكن فيه سبب لفشل الرجل نفسيًا وجنسيًا إلا انتقاد زوجته المستمر. وفي إحدى الحالات بعد أن واجهت الزوجة بهذا ونصحتها أن تمدحه وتبني فيه الثقة، تغيّر الحال تمامًا معهما. وصارت شاكرة على هذه النصيحة وفرحة. هي كانت تحب زوجها، ولم تكن في حاجة للوصية بالمحبة، ولكن كانت في حاجة إلى الوصية الموجهة للزوجة. وهي أن تظهر الاحترام لرجلها. والعجيب أنه هو أيضًا صدّق قبلاً أنه شخص ناقص. ولكنه استعاد الثقة اللازمة وصارا سعيدين في حياتهما الزوجية. فالرب الذي أعطانا هذه النصائح يعرف احتياجاتنا ويريد لنا السعادة الزوجية. هذه الأعمدة الثلاثة: احترام العهد بين الزوج والزوجة، المحبة المتبادلة والاحترام المتبادل هي لازمة لكل زواج سواء بين المؤمنين أو غير المؤمنين. وأظن أننا جميعنا نعرف أنه هناك غير مؤمنين زواجهم ناجح أكثر من بعض المؤمنين. لأن هذه الأعمدة الثلاثة لها بركاتها لكل من يبني زواجه عليها، ولكن بركاتها أعظم بكثير في الأسرة المسيحية! والأسرة المسيحية مبنية أيضًا على عمود رابع. العمود الرابع: وجود الرب يسوع في البيت عندما يكون الرب يسوع المسيح في البيت يصبح مجد الرب وعمل مشيئته هو الهدف الأساسي في الحياة. قرأت مرة عن أحد خدام الرب بعد أن قام بعقد زواج اثنين مؤمنين، قال لهما في نهاية الاحتفال: "الآن ستذهبون أنتم الثلاثة إلى بيتكم الجديد... فقاطعته الزوجة وقالت: لا، نحن الاثنين فقط لأن أمي لن تسكن معنا، ولكنه أعاد الكلام وقال: أنتم الثلاثة ستكونون... فقاطعه الزوج وقال: لن يسكن معنا شخص آخر. فقال خادم الرب: استمعوا لي. ستكونون ثلاثة سواء أردتم أم لا. والثالث سيكون إما المسيح أو إبليس! هذه موعظة بليغة، ليتنا جميعًا نتذكرها. قال المسيح، له المجد: "إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كَلاَمِي، وَيُحِبُّهُ أَبِي، وَإِلَيْهِ نَأْتِي، وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً" (يوحنا 23:14). هذا هو العمود الرابع، وهو الأساس المتين لكل زواج ناجح. البيت المسيحي يجب أن يتصف بوجود المسيح، إذ يصبح هو مركز كل شيء في تصرفات العائلة، فيمتلئ البيت بالسلام والفرح، ويعلو فيه صوت الترنيم، لا صياح الشجار، ولا الكلام الرديء. تعلو منه الصلوات، ويصبح كمنارة في عالم مظلم. ما أسعد البيت الذي قد حلّ فيه ابن العلي حيث المسيح المفتدي أضحى رئيس المنزل طوبى لبيت قائم أساسه الدين الصحيح طوبى لبيت فاضل شعاره حب المسيح