تناولنا في الحلقة الماضية موضوعًا عنوانه "رسالة الخادم" وأهدافها، وهي: هداية للضالين، وإشباع وإرواء للجياع والظامئين، وتعزية للمجربين، ورسالة اطمئنان للخائفين.
أما في هذه الحلقة فسنتناول "شروط نجاح رسالة الخادم"، الذي لا يتوقّف على الدرجات العلمية الحاصل عليها، ولا على اختيار الألقاب الجذّابة والكلمات الرنّانة. ولكن تنجح رسالة الخادم:
1- إذا كانت رسالة اختبارية
وعظ أحد الخدام في سلسلة خدمات عن إله الآباء – إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب – ولكن أحد الشيوخ ذهب إلى خادم الرب وقال: "نحن بحاجة إلى أن نسمع عن إلهك أنت."
هل يمكن للخادم غير المجدّد أن يربح نفوسًا للرب؟
قال أحد خدام الرب الذي ظلّ يخدم بدون تجديد لمدة 30 سنة: "لم يتجدّد شخص واحد في هذه الفترة، ولكن بعد التجديد، كان العشرات يطلبون الخلاص في كل اجتماع." من المعروف أن فاقد الشيء لا يعطيه! تحدّث أحد خدام الرب المخضرمين لطلبة كلية اللاهوت: "يجب أن تكون خدمتكم اختبارية!
لا بد أن يرى الناس فيكم العظة قبل أن يسمعوها. لا تكن أنت الواعظ فقط، بل كنت أنت العظة. "لاحظ نفسك والتعليم وداوم على ذلك، لأنك إن فعلت هذا، تخلّص نفسك والذين يسمعونك أيضًا." (1تيموثاوس 16:4)
2- إذا سبق رسالته صلاة وأعقبها صلاة
الخادم الذي لا يصلّي لا يُسمَع. قيل لخادم من خدام الرب العظماء: لو طُلب منك فجأة أن تقدّم رسالة بعد ساعة، ماذا تفعل؟ فقال: "هل تعلمون ماذا أفعل؟ أصلّي خمسة وخمسين دقيقة وأستعدّ في خمسة دقائق."
طلب الرسول بولس من مؤمني كنيسة أفسس: "مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، وَلأَجْلِي، لِكَيْ يُعطَى لِي كَلاَمٌ عِنْدَ افْتِتَاحِ فَمِي، لأُعْلِمَ جِهَارًا بِسِرِّ الإِنْجِيلِ." (أفسس 18:6-19)
وطلب من مؤمني كولوسي: "مُصَلِّينَ فِي ذلِكَ لأَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضًا، لِيَفْتَحَ الرَّبُّ لَنَا بَابًا لِلْكَلاَمِ، لِنَتَكَلَّمَ بِسِرِّ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنَا مُوثَقٌ أَيْضًا، كَيْ أُظْهِرَهُ كَمَا يَجِبُ أَنْ أَتَكَلَّمَ." (كولوسي 3:4-4)
قرأت في كتاب عن خدام للكلمة كانوا يصلون على الأقلّ 4 ساعات يوميًا كما شهد عنهم زوجاتهم بعد انتقالهم.
3- إذا كانت رسالته كتابية
أظن أنني سمعت وأنا شاب رسالة ألقاها أحد خدام الكلمة، لم أسمع فيها أي شاهد كتابي، أو أي حدث كتابي. لقد كانت رسالة فلسفية علمية بحتة. اندهشت كيف تُقدَّم مثل هذه الرسالة في كنيسة، لأنها يمكن أن تقدَّم في مؤتمر علمي.
لتكن رسائل خدام الرب موضوعها ومحورها وجوهرها الكتاب المقدس. ليقدّم خدام الكلمة الرسائل والتعاليم والإرشادات الكتابية، ولا يقدّمون تعاليم الناس أو أشياء من عنديّاتهم – فهم مؤتمنون على الإنجيل!
4- إذا قُدِّمت رسالته بأسلوب مفهوم
قدّم الرب يسوع كرازته بأسلوب واضح. سأل التلاميذ شخص الرب يسوع المسيح: لماذا تكلّمهم بأمثال؟ فأجاب وقال لهم: "لأَنَّهُ قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ... هذَا كُلُّهُ كَلَّمَ بِهِ يَسُوعُ الْجُمُوعَ بِأَمْثَال، وَبِدُونِ مَثَل لَمْ يَكُنْ يُكَلِّمُهُمْ. لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ الْقَائِلِ: «سَأَفْتَحُ بِأَمْثَال فَمِي، وَأَنْطِقُ بِمَكْتُومَاتٍ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.]" (متى 11:13 و34-35) كان الرب يسوع يتحدث عن أمور منظورة ومعروفة وليست غامضة.
بعض خدام الكلمة يختارون الكلمات الصعبة غير المفهوم معناها لدى الأغلبية. لهؤلاء أقول: هل يحمل كل مستمع قاموسًا يستخدمه ليعرف معنى الكلمات الصعبة؟ يجب أن تقدم الرسالة بأسلوب بسيط خالٍ من الكلمات المعقّدة. "فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ." (متى 16:10)
5- إذا كانت رسالته خالية من التعصّب
يتعصّب البعض لتعاليمهم فاهمين أن هذا يعني التمسّك بالمبدأ. ولكن، ما أكبر الفرق بين التمسّك بالمبدأ والتعصّب؟! التمسّك بالمبدأ، هو لأنه يعرف بأن مبدأه سليم، أما التعصّب هو الإصرار على أن رأيه هو الحقّ، وكل الآراء الأخرى خطأ!
انظروا ماذا فعل التعصّب ليونان عندما قال له الرب: "قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ وَنَادِ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ قَدْ صَعِدَ شَرُّهُمْ أَمَامِي." (يونان 2:1) قال يونان في نفسه: "نينوى مدينة أممية، وأنا يهودي. لا يمكن أن أذهب وأتحدّث معهم! فهرب إلى ترشيش، وهروبه هذا تسبب في كارثة. "فَأَرْسَلَ الرَّبُّ رِيحًا شَدِيدَةً إِلَى الْبَحْرِ، فَحَدَثَ نَوْءٌ عَظِيمٌ فِي الْبَحْرِ حَتَّى كَادَتِ السَّفِينَةُ تَنْكَسِرُ." (يونان 4:1) فألقى النوتية قُرعًا ليعرفوا بسبب من هذه البليّة، فوقعت القرعة على يونان!
قرأت اختبارًا لأحد خدام الرب، قال فيه: وبينما كنت في الخطية تقابل معي أحد خدام الرب، وأراد أن يتحدّث معي لتوصيل رسالة الخلاص، فقال: في البدء رفضت أن أسمع له بحجة أنه من طائفة غير طائفتي، ولأن خادم الرب كان حكيمًا، كتب اسم طائفته على ورقة ومزّقها وقال سأتحدث إليك بكلمة الرب فقط. وبدأ الحديث معي، فاستمعت إليه وتأثّرت، وسلّمت حياتي للرب يسوع في ذلك اليوم.
ليبتعد خادم الرب عن التعصّب والمجادلات التي أسماها الوحي المقدّس المباحثات الغبية والسخيفة: "وَالْمُبَاحَثَاتُ الْغَبِيَّةُ وَالسَّخِيفَةُ اجْتَنِبْهَا، عَالِمًا أَنَّهَا تُوَلِّدُ خُصُومَاتٍ." (2تيموثاوس 23:2)
أخوكم خادم الرب القس رسمي إسحاق