Voice of Preaching the Gospel

vopg

نشرة مع الخدام

العابرون مع موكب التاريخ الإنجيلي، والدارسون والمؤرخون لمسيرة الحركة الإصلاحية المسيحية، لا بدّ أن تستوقفهم صفحة لامعة في جبين الزمن تحت عنوان: الدكتور القس إبراهيم سعيد.

لقد بعثه الله في أواسط القرن الماضي قبسًا ونبراسًا تستضيء به الأجيال القادمة، ولو لم يهبنا الله القس إبراهيم سعيد في هذا الجيل، كان ألزم ما يحتاج إليه هذا الجيل هو القس إبراهيم سعيد. كان راعيًا مؤسسًا لكنيسة قصر الدوبارة الإنجيلية في القاهرة، ورئيسًا للطائفة الإنجيلية بمصر بالإضافة إلى أنه كان واعظًا قديرًا وكاتبًا لامعًا تميّز بحياة التقوى.

محطات في حياته
وُلد في مدينة ملوي عام 1895 وتخرّج من كلية اللاهوت الإنجيلية عام 1913 ثم نصّب راعيًا لكنيسة بني مزار من عام 1916 إلى 1925. هنا تفتّحت فيه المواهب الروحية، والهبات الإلهية، وعرف كيف يشعلها ويستغلّها منذ أن شقّ طريق الخدمة فيها وأحدث فيها من آيات وعجائب بين أسوار مدرستها اليومية – كما حدثنا بعض خرّيجيها.
في عام 1925 دُعي ليكون أستاذًا مقيمًا في كلية اللاهوت وقام بتدريس اللغة العبرية (لغة العهد القديم). وهنا أثمرت وأينعت عبقريات الأستاذ المجدد المبتكر. والذين جلسوا بين يديه ليتعلّموا منه في تلك السنوات البكر يتحدّثون بإعجاب وتقدير عن أسلوب التطوير، والبحث العلمي اللاهوتي الذي وضع لبنته الأستاذ القس إبراهيم سعيد.
بالإضافة إلى تعليم اللغة العبرية، وجّهته العناية الإلهية لأن يعظ في جماعة من السوريين الإنجيليين في بيت عتيق بحارة ميخائيل جاد بالفجالة (بيت عمانوئيل) – ثم دعته إلى قاعة محاضرات جمعية الشبان المسيحية بشارع إبراهيم باشا بالقاهرة. ليلتفّ حوله صباح الآحاد طلاب الجامعة... حتى كانت بعض السيدات والآنسات يتّخذن أماكنهن على الأدراج الحديدية في دار جمعية الشبان المسيحية للاستماع إليه. بعدئذ نظمت الكنيسة نفسها وانتخبت القس إبراهيم سعيد راعيًا لها في عام 1940.
وعندما ضاقت هذه القاعة الكبرى بالعابدين... صلّى القس إبراهيم: «إلى متى تكون لنا - يا الله - كنيسة؟» بعدئذ في عام 1941 وجد القس إبراهيم سعيد قطعة أرض مجاورة للجامعة الأميركية كان يحلم أن يشيد عليها مبنى للكنيسة واشتراها.
ثم أنجح الرب سعيه في الحصول على التصريحات اللازمة من السلطات المحلية لأخذ تصريح ببناء كنيسة في موقع جغرافي هام في القاهرة. وفي عام 1947 بدأ حفر الأساسات واستجاب الرب بكاتدرائية إنجيلية كبرى على امتداد نفس الشارع، وهي أكبر كنيسة إنجيلية في الشرق الأوسط هي كنيسة قصر الدوبارة في ميدان التحرير وهو أكبر ميادين القاهرة ومصب جميع المصالح الكبيرة والمشهورة في مصر.
والكلام ليس عن بناءٍ من أحجار، مع أنها تتكلم وتشهد - كما قال في سياقِ آخرِ عظة له – إنما هي عن النفوس التي دفعها الله إليه من جميع الطوائف. لقد استخدمه الرب في تقديم البشارة بإنجيل المسيح إلى جميع الناطقين باللغة العربية في مصر والعالم العربي. كان يكتب أسبوعيًا في جريدة الأهرام بصفته رئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، وكان يقرأها عشرات الآلاف. كما أنه كتب في عدة مجلات روحية منها أجنحة النسور والهدى وكذلك ألقى مئات العظات الروحية من عدة محطات إذاعية بصوته المعروف.
حصل على الدكتوراه الفخرية في عام 1955 من كلية سترلنج في كنساس.
وفي عام 1957 انتُخب رئيسًا للطوائف الإنجيلية والكنائس التي تضم جميع الطوائف التي تنادي بالإنجيل.

خمسون عامًا
وبعد خدمة مثمرة في مصر وحول العالم من ربح النفوس للرب وتأسيس كنائس ومدارس وملاجئ للأيتام في جميع أنحاء مصر، رقد في الرب د. ق. إبراهيم سعيد بعد خدمة جليلة في 5 مايو 1970 ليكون مع المسيح - أي، أنه في هذا العام 2020 يكون قد مرّ على انتقاله خمسون عامًا. لكنه وإن مات يتكلم بعد، ويتكلم بقوة أعظم من أحياء كثيرين.
كان قديرًا في عظاته، عميقًا في تعليمه، قديرًا في لغته العربية. كتب عدة كتب لاهوتية. كان عَلَمًا من أعلام الطائفة الإنجيلية في مصر، وبطلاً من أبطال الإيمان، وشجاعًا، ويذكره الجميع بالحب والاحترام لخادم أمين أطاع الرب في حياته، وجاهد الجهاد الحسن.
والمعجزة بين سؤال وجواب: كيف تم لرجل واحد بلا مجلس شيوخ وبلا نواب أن يشيّد كاتدرائية... اشترى أرضها، وارتفع بناؤها، ووضع مقاعدها الخشبية من أفخر أنواع الخشب المستورد – في سنوات قليلة وفي صمت... إلا أنه في مذكرات القس إبراهيم سعيد سجّل بيده هؤلاء الذين تبرّعوا بالقروش ومئات الجنيهات – من بيّاع فول مدمّس إلى الطالب، والفلاح، وصاحب الأرض، وكذلك الخواتم والحلى الذهبية التي وضعتها السيدات والآنسات لأجل بناء كنيسة الرب... في صمت!
كتب العديد من الكتب التي جمعت بين روعة اللغة وقوة الوعظ وعمق التفسير. من مؤلفاته: شرح بشارة لوقا ويوحنا ومتى ومرقس ورسالة أفسس، وشرح العقيدة الإنجيلية بعنوان «شرح أصول الإيمان»، و«الميلاديات» وهي مقالات نشرها في الصحف عن ميلاد المسيح وقامت كنيسة قصر الدوبارة بجمعها في كتاب بعد وفاته.
كان بطلاً من أبطال الإيمان، وشجاعًا متمثّلاً بسيده الرب يسوع الذي قال أمام بيلاطس في محاكمته: «لم يكن لك عليّ سلطان البتة لو لم تكن قد أُعطيت من فوق، وقد تجلى هذا في مشهدين هامين لا يمكن أن ينساهما التاريخ:
المشهد الأول: في زيارة رئيس جمهورية مصر اللواء محمد نجيب بعد قيام الثورة في يوليو 1952، حين قال في احتفال العيد: «إن الملك المعزول فاروق قد بنى مجمَّع التحرير الضخم ليكون أكبر مبنى إداري في العالم ليخفي الصليب الذي على رأس الكنيسة والذي تراه كل عين من محطة مصر لسكة الحديد لجميع المسافرين من وإلى جميع أنحاء مصر، ولكنه لا يستطيع أن يخفي الصليب من الاتجاه إلى أعلى نحو السماء، ولكن قدرة الله لمن يقاوم صليب المسيح قد ذهبت به منفيًّا إلى روما حيث الصلبان تحيط به من كل جانب!»
المشهد الثاني: حصل أثناء اجتماع الكنيسة في صباح أحد الأعياد، حين كان جمال عبد الناصر رئيسًا للجمهورية، إذ قال وبكل شجاعة أن ابنه الدكتور مفيد يتعرّض للاضطهاد الواضح كي لا يحصل على درجة الأستاذية التي يستحقها، ثم أصبح رئيسًا لأقسام الجراحة بطب قصر العيني بجامعة القاهرة.
ما أروع هذا الإنسان الذي لم ينحنِ ولم يخشَ أحدًا سوى الله وحده مثل دانيآل والفتية الثلاثة!
يذكره الجميع بالحب والاحترام لخادم أمين أطاع الرب في حياته، وجاهد الجهاد الحسن. كتب عنه الراحل د. ق. فايز فارس قائلاً في مقدمة كتاب «أحاديث الرحيل»: «إلى من كتب شرح بشارة يوحنا فأبدع وأجاد وعلّم الأجيال بمشورة الرب فأحسن وأفاد. أمير الوعظ وأستاذ التفسير الذي باركه الله في حياته الخالدة، فأقام صرحًا خالدًا لخدمة الإنجيل، وترك لنا ابنًا مباركًا يشهد لنعمة الله بكلمات فمه ولمسات يده ومحبة قلبه.
هذا قليل من كثير عن الدكتور القس إبراهيم سعيد الذي وإن مات يتكلم بعد.

المجموعة: 2020

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

56 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10662113