Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الأول (ديسمبر) 2009

تساؤلٌ ردّدناه أكثر من مرة يقول: من هو المسيح؟ ما هي هويته؟ من أين جاء؟ وإلى أين ذهب؟ ولماذا سيعود ثانية؟ وهل يعود الموتى لعالم تركوه؟ أما إن كان المسيح حيّاً بعد، فهل يبقى الحيّ حيّاً لألفي عام. فمن هو هذا الذي يتنقّل بين السماء والأرض، إن لم يكن هو الحيّ القيّوم الذي لا يموت؟

ما سرّ هذا الذي تحيطُ به كلّ هذه الألغاز؟! تساؤلات مشروعة تحتاج إلى فهم لغزٍ محيِّرٍ استعصى على الكثيرين.
الأصحاح الرابع من إنجيل مرقس يذكرنا بحالةٍ حصلت قبل ألفي عام. فبعدما خاطب المسيح جموعاً محتشدة حوله عند شواطئ بحيرة طبريا، وبسبب ازدحام الناس حوله، دخل السفينة المتوقّفة عند الشاطئ، وجلس وواصل حديثه لمستمعيه وهم جلوس أمامه على الرمال. وعند المساء صرف تلاميذُهُ الجموعَ وأبحروا برفقته إلى الشاطئ المقابل من البحيرة، أما هو فاستلقى على وسادةٍ في السفينة ونام بعد تعب النهار. وأثناء ذلك حدث نوءُ ريحٍ عظيم، وأخذت الأمواج العالية تضرب السفينة بعنفٍ، وصاروا في خطر. فاقترب بعضهم من يسوع وأيقظوه كي يُسعفهم، فقام وانتهر الريح، وقال للبحر: اسكت، إبكم. فسكنت الريح على الفور، وصار هدوء عظيم وكأنَّ شيئاً لم يكن. أما التلاميذ، أمام هذا المشهد المثير، فوقع عليهم خوف من هول المعجزة، فقال بعضهم لبعض:
من هو هذا! فحتى الريح أيضاً والبحر يُطيعانهِ!
نعم، من هو هذا الذي يخاطب الأشياء فتطيعه؟!
ونقولها للقارىء الكريم: حشود لا تحصى ولا تعدّ من أممِ وشعوب الأرض أدركوا من هو هذا. ولأنهم عرفوه، استنارت قلوبهم وتوّجوه رباً على حياتهم. وهو بدوره باركهم ونفخ فيهم من روحه، وهذّبهم بتعاليمه، وميّزهم ليكونوا أمثلة سلاموحبٍّ وتسامحٍ بين شعوب الأرض. فقال لهم: أنتم ملحُ الأرض، والأرض بلا ملح تفسد! وأنتم نور العالم، والعالم بدونكم معتمٌ مظلم، وفي الظلام نهبٌ وقتالٌ وخرابٌ واغتصابٌ وإرهاب، أما أنتم فليُضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجّدوا أباكم الذي في السماوات.
وهؤلاء الأتباع اليوم، كما في الماضي، يحاولون بكل الطرق الإنسانية أن يقدِّموا الدليل للعالم على هوية من يتبعون ولكن بالمنطق وبالحوار كلما جاز الحوار. وكاتب هذه السطور، قارئي الكريم، هو واحدٌ من أصغر هؤلاء وعلى استعداد للحوار الهادئ في هذا البحث.
في حلقاتٍ سابقة، سلّطنا الضوء على خصائص تفرّد بها المسيح لم يجارهِ بها أحد. وتساءلنا هناك: لماذا؟ ومن ترى يكون صاحب هذه الخصائص؟ لماذا تميّز بميزاتٍ لا تختصّ بغير الله؟! كلنا يعلم أن الله وحده هو من يخلق ويحيي ويميت، والمسيح خلق وأحيا وأمات!
فهو خلق البصر لرجلٍ وُلد أعمى احتاج إلى عملية خلق لعضوٍ لم يخلق معه عند ولادته.
والمسيح أحيا الموتى؛ أحيا لعازر بعد دفنه بأربعة أيام وأحيا ابن أرملة نايين، وأحيا ابنة يايرس رئيس المجمع اليهودي.
أما عن كونه يميت فهو لم يُمت أحداً من البشر، لكنه أمات شجرة التين التي مرّ بها ولم يكن فيها ثمر، فخاطبها وقال: لا يكن فيكِ ثمر إلى الأبد، ففي الحال ماتت التينة فجفّت أوراقها وتساقطت على الأرض، والناس من حولها ينظرون، فتعجبوا وقالوا الواحد للآخر: "انظر كيف ماتت التينة في الحال!" فمن هو هذا؟ ونقول معهم: من هو هذا الذي يخاطب الشجر، والريح، والبحر، والحجر، فتستجيب له وتمتثل لأمره؟!
قارئي الكريم، كيفما تأملت في شخصية المسيح، وكيفما نقّبت وبحثت في سيرة حياته، تبرز في وجهك ملامح ألوهيته، حتى ولو أبعدت الظن وحاولت أن تتغافل عن الموضوع، أو تُهمِّشه، ولكن تُصِرّ الحقيقة أن تقول لك، حاول أن تُعيد النظر فيما أنت فيه.
والآن، لكي نجيب عن التساؤل في سلسلة تساؤلات طرحناها فنقول:
معروفٌ لدينا أن التقويم الميلادي تقويمٌ عالمي معتمدٌ لدى كافة شعوب العالم. وهو تقويمٌ أُسِّس على تاريخ ميلاد المسيح، وبه اعتُبر ميلادُ المسيح النقطة المركزية التي تدور في فلكها تواريخ الأحداث وتوالي الأيام والشهور والسنين إلى يوم القيامة. وحتى الأحداث التي سبقت ميلاد المسيح بسنين عديدة تندرجُ تحت مظلّة التقويم الميلادي ويُشار إليها بسنة كذا وكذا قبل الميلاد! والتقاويم عادة تنشأ لدى الشعوب بعد حدثٍ تاريخي هام يصطلحون عليه كنقطة البدء في تاريخ مسيرتهم.
فالسؤال هنا: ما سرّ إجماع شعوب الأرض على اختلاف معتقداتهم وأديانهم وحضاراتهم ونظمهم السياسية لاتخاذ التقويم الميلادي تقويماً عالمياً مقبولاً لهم جميعاً؟! علماً أن التاريخ لم يسجّل أيّ جدلٍ حول هذا الموضوع، ولم يكن بسبب مداخلةٍ أو جهدٍ أو ضغطٍ سياسي أو ديني من أيّ جهة، والشعوب عادة لا تتفق على رأيٍ واحدٍ في أي قضية مطروحة، فلكلِّ جهة رأيها الذي يخالف الرأي الآخر - لكن، كيف اتفقوا؟ وكيف لم يختلفوا على هذه؟! وما الذي ميّز المسيح في نظر الشعوب حتى توافقت وأجمعت على أنَّ حدث ميلاده هو الأهم بين أحداث الدنيا، ويستحق أن يبدأ به التقويم العالمي؟
فهل كان ذلك اعترافاً ضمنياً منهم يؤكد على ما للمسيح من تميّز فاق الوصف، وأنّ المسيح ليس للمسيحيين وحدهم بل هو لكلّ الشعوب، الشيء الذي تقرّه المسيحية وتنادي به؟! ونحن نعتقد أن الشعوب محقة في ما توافقت عليه، فالمسيح جاء لأجل كل شعوب الأرض، ورسالة الإنجيل هي لكلّ أمم العالم على اختلاف أعراقها وأجناسها ولغاتها المتعددة.
قارئي الكريم، المسيح هو سيد التاريخ، فلا عجب أن تتبنّى كلّ الأمم التقويم الميلادي ليكون المظلة التي تدور في فلكها كلّ الأحداث ما قبل الميلاد وما بعده، إنما السؤال الذي أتركه في مرمى القارئ الكريم هو: هل وصلتك الرسالة؟ هل عرفت من هو المسيح؟ هل أدركت هويته؟ فلو عرفت تنجلي أمامك كلّ الأسرار التي تحيط بالمسيح ولم تعرف لها حلاً. وإن لم تعرف بعد، اقبل نصيحتي، وعُدْ إلى إنجيله، واقرأه بتأنٍ، وتفكَّرْ به في خلوةٍ هادئةٍ، وتأمل بدون حكم مسبق، وستبدو لك الحقيقة واضحة صريحة.

المجموعة: 200912

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

139 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473036