Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران (يونيو) 2009

”اسْتُرْنِي مِنْ مُؤَامَرَةِ الأَشْرَارِ“ (مزمور 2:64).
”إِلهٌ مَهُوبٌ جِدًّا فِي مُؤَامَرَةِ الْقِدِّيسِينَ“ (مزمور 7:89).
”أَمَّا مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الأَبَدِ تَثْبُتُ“ (مزمور 11:33).
يُلاحظ أنه في كل آية من هذه الآيات الثلاث تكررت فيها كلمة ”مؤامرة“. وبالرجوع إلى أصل الكلمة العبري، نجد أنها وردت بمعنى ”مشورة“، وقد ورد نفس المعنى باللغة الإنجليزية ”counsel“.

والمشورات بحسب ما جاء في كلمة الرب نوعان:
1- الأول منها المشورات الصالحة
2- والثاني المشورات الرديئة.
المشورات الصالحة بنّاءة وأما الرديئة فهي هدامة.
ولو دقّقنا في الآيات الثلاثة التي ذُكرت على رأس هذا الكلام نجد أنها تتضمن النوعين الرديء والصالح منها.
أولاً: مؤامرات الأثمة الأشرار
ثانياً: مؤامرات المؤمنين الأبرار
ثالثاً: مؤامرات الإله البار
أولاً: مؤامرات الأثمة الأشرار
ورد هذا النوع من المؤامرات مرات عديدة في الكتاب المقدس، وسأذكر بعضاً منها على سبيل المثال لا على سبيل الحصر.
مؤامرة هامان بن همداثا الأجاجي
ذهب هذا الرجل إلى الملك أحشويروش وقال له: ”إِنَّهُ مَوْجُودٌ شَعْبٌ مَّا مُتَشَتِّتٌ وَمُتَفَرِّقٌ بَيْنَ الشُّعُوبِ فِي كُلِّ بِلاَدِ مَمْلَكَتِكَ، وَسُنَنُهُمْ مُغَايِرَةٌ لِجَمِيعِ الشُّعُوبِ، وَهُمْ لاَ يَعْمَلُونَ سُنَنَ الْمَلِكِ، فَلاَ يَلِيقُ بِالْمَلِكِ تَرْكُهُمْ. فَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ فَلْيُكْتَبْ أَنْ يُبَادُوا... فَنَزَعَ الْمَلِكُ خَاتَمَهُ مِنْ يَدِهِ وَأَعْطَاهُ لِهَامَانَ... وَقَالَ الْمَلِكُ لِهَامَانَ: الْفِضَّةُ قَدْ أُعْطِيَتْ لَكَ، وَالشَّعْبُ أَيْضًا، لِتَفْعَلَ بِهِ مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْكَ“.
وتآمر هذا الشخص نفسه على مردخاي ليقتله صلباً، ولكن شكراً لله لأن الرب أبطل هذه المشورات.
وفي العهد الجديد تآمر يهوذا الإسخريوطي، أحد تلاميذ المسيح، مع رؤساء الكهنة وقواد الجند، على تسليم الرب يسوع المسيح إليهم واتفق معهم على طريقة التنفيذ.
وهناك شواهد كثيرة تتحدث عن مؤامرات الأشرار، أذكر منها ما ورد في مزمور 13:31 ”لأَنِّي سَمِعْتُ مَذَمَّةً مِنْ كَثِيرِينَ. الْخَوْفُ مُسْتَدِيرٌ بِي بِمُؤَامَرَتِهِمْ مَعًا عَلَيَّ. تَفَكَّرُوا فِي أَخْذِ نَفْسِي“.
ومزمور3:83-5 ”عَلَى شَعْبِكَ مَكَرُوا مُؤَامَرَةً، وَتَشَاوَرُوا عَلَى أَحْمِيَائِكَ. قَالُوا: هَلُمَّ نُبِدْهُمْ مِنْ بَيْنِ الشُّعُوبِ، وَلاَ يُذْكَرُ اسْمُ إِسْرَائِيلَ بَعْدُ. لأَنَّهُمْ تَآمَرُوا بِالْقَلْبِ مَعًا. عَلَيْكَ تَعَاهَدُوا عَهْدًا“.
وفي مراثي إرميا 62:3 ”كَلاَمُ مُقَاوِمِيَّ وَمُؤَامَرَتُهُمْ عَلَيَّ الْيَوْمَ كُلَّهُ“.
ومزمور10:33 ”هُوَذَا يَطْلُبُ عَلَيَّ عِلَلَ عَدَاوَةٍ. يَحْسِبُنِي عَدُوًّا لَهُ“.
وليس يبطل هذه المؤامرات فقط، لكنه يحوّلها للخير
وتظهر هذه الحقيقة من رد يوسف على إخوته عندما جاءوا - بعد موت أبيهم - إليه طالبين العفو والغفران عن ذنبهم وخطيتهم. فقال لهم يوسف أخوهم: ”فَقَالَ لَهُمْ يُوسُفُ: لاَ تَخَافُوا. لأَنَّهُ هَلْ أَنَا مَكَانَ اللهِ؟ أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرًّا، أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْرًا، لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ، لِيُحْيِيَ شَعْبًا كَثِيرًا“.
وأيضاً يردّ الرب مؤامرات الأشرار على رؤوسهم
فهامان الذي تآمر على مردخاي وعلى اليهود صُلب على نفس الخشبة التي كان مزمعاً أن يصلب مردخاي عليها، وليس هو فقط بل أولاده العشرة أيضاً (أستير 10:7؛ و 13:9-14).
قرأت عن الإمبراطور الروماني ”كاليجولا“ الذي كان يضطهد المسيحيين ويقتلهم بطريقة وحشية، إذ كان يأمر أن يحمّى برميل حديدي فارغ لدرجة الاحمرار لكي يُلقى فيه أحد المؤمنين، ثم يقف بجوار البرميل بوضع يسمح له رؤية المؤمن وهو يكتوي ويتلوّى داخل البرميل. وفي إحدى المرات اهتزّ وسقط داخل البرميل وتُرك فيه حتى مات.
أما الذين تآمروا على دانيآل، فقد أمر الملك داريوس بأن يُطرحوا في جب الأسود هم وأولادهم ونساءُهم، الذين ما أن وصلوا إلى أسفل الجب حتى بطشت بهم الأسود وسحقت كل عظامهم.
ثانياً: مؤامرات المؤمنين الأبرار
مؤامرات الأبرار صالحة وبناءة إذ أنهم يراعون الله ويخافونه. تقول الآية الثانية التي أخذتها ليدور حولها حديثي: ”إِلهٌ مَهُوبٌ جِدًّا فِي مُؤَامَرَةِ الْقِدِّيسِينَ، وَمَخُوفٌ عِنْدَ جَمِيعِ الَّذِينَ حَوْلَهُ“.
والوحي المقدس يوضّح الفرق بين مؤامرات الأشرار ومؤامرات القديسين: ”وَالْمَاكِرُ آلاَتُهُ رَدِيئَةٌ. هُوَ يَتَآمَرُ بِالْخَبَائِثِ لِيُهْلِكَ الْبَائِسِينَ بِأَقْوَالِ الْكَذِبِ، حَتَّى فِي تَكَلُّمِ الْمِسْكِينِ بِالْحَقِّ. وَأَمَّا الْكَرِيمُ فَبِالْكَرَائِمِ يَتَآمَرُ، وَهُوَ بِالْكَرَائِمِ يَقُومُ“ (إشعياء 7:32-8).
والمؤمنون يتآمرون ضد الشيطان وخططه
طلب إيليا النبي من الملك أخآب أن يرسل ويجمع إلى جبل الكرمل جميع أنبياء البعل، وأنبياء السواري مع كل إسرائيل. ويقدم أنبياء البعل والسواري ذبيحة على حطب دون أن يوقدوا ناراً، ويطلبوا من إلههم أن يُنزل ناراً على ذبيحتهم. وفعلوا ذلك، وابتدأوا يطلبون ناراً من إلههم من الصباح إلى الظهر، فلم يكن صوت ولا مجيب! ثم تقدّم إيليا وبنى مذبحاً ووضع عليه حطباً، وعلى الحطب وضع الذبيحة الأخرى، وأمر فسكبوا مياهاً كثيرة على الذبيحة والحطب حتى امتلأت القناة التي حول المذبح. ثم صلى صلاة قصيرة جداً فسقطت نار الرب وأكلت المحرقة والحطب والحجارة ولحست المياه التي في القناة. عندئذ سقط الشعب على وجوههم وهتفوا قائلين: ”الرب هو الله. الرب هو الله“. ومن اعترافهم هذا نستلخص أن حالة الشعب الروحية قد قويت وسمت، والثقة في إلههم نمت وازدادت، وتغيّرت وتبدّلت حالة الضعف والوهن بقوة روحية مباركة.
ثالثاً: مؤامرات الإله البار
”أَمَّا مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الأَبَدِ تَثْبُتُ. أَفْكَارُ قَلْبِهِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ“. من كلمة الله المقدسة يمكننا أن نستشف بعض الحقائق المباركة عن مؤامرة الله:
1- مؤامرات الرب عالية
”لأَنَّ أَفْكَارِي لَيْسَتْ أَفْكَارَكُمْ، وَلاَ طُرُقُكُمْ طُرُقِي، يَقُولُ الرَّبُّ. لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، هكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ“ (إشعياء 8:55-9).
وفي رومية 33:11-34 تقول كلمة الله: ”يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ! لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟“.
ويقول صوفر النعماتي لأيوب: ”أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ الْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟ هُوَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ الْهَاوِيَةِ، فَمَاذَا تَدْرِي؟“ (أيوب 7:11-9).
2- مؤامرات الله للخير
”لأَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرّ، لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً“ (إرميا 11:29).
قالت إحدى المؤمنات القويات في الإيمان والتي كانت تحيط بها التجارب من كل ناحية: إنني دائماً أشعر بالسعادة ولا يفارقني السرور، إذ دائماً أجلس في هدوء أمام النص المبارك الذي ذكره الرسول بولس في رومية 28:8 ”وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ“. وأضافت هذه السيدة الفاضلة: إن الرب يضع أمامي أمثلة حية من الذين تحوّلت الأمور لخيرهم مثل يوسف، ودانيآل. فيوسف أصبح ثانياً في المملكة، ودانيآل صار ثالثاً في المملكة.
3- مؤامرات الرب ثابتة
”أَمَّا مُؤَامَرَةُ الرَّبِّ فَإِلَى الأَبَدِ تَثْبُتُ. أَفْكَارُ قَلْبِهِ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ“.
وهناك آية جميلة في أمثال 20:19-21 ”اِسْمَعِ الْمَشُورَةَ وَاقْبَلِ التَّأْدِيبَ، لِكَيْ تَكُونَ حَكِيمًا فِي آخِرَتِكَ. فِي قَلْبِ الإِنْسَانِ أَفْكَارٌ كَثِيرَةٌ، لكِنْ مَشُورَةُ الرَّبِّ هِيَ تَثْبُتُ“.
وأختم بهاتين الملاحظتين:
1- إننا في يد الرب ولسنا عرضة للظروف والصدف.
2- الرب قادر على إنقاذك من مؤامرات الأشرار كلها.

المجموعة: 200906

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

207 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473235