أذار (مارس) 2009
ذه المقالة مأخوذة عن جريدة التلغراف الصادرة بتاريخ 21 كانون الثاني 2009
صفحة 4، تحت عنوان “أستراليات”
"رجل الأبدية The Eternity Man"، وكلمة الأبدية هي التي زُيِّن فيها جسر الهاربر عام 2000. وقبل ذلك بمدة طويلة كانت الكلمة قد كُتبت على شوارع وأرصفة سيدني حوالي نصف مليون مرة. وكانت لغزاً لم يستطع أحد حلّه.. فمن الذي كان يكتب تلك الكلمة؟ وما الدافع وراء كتابتها؟ وماذا تهدف؟.. إذ كان صاحبها مجهولاً وسُمّي بـ "السيد أبدية".
وتبيّن بعد ذلك أن صاحب تلك الكلمة هو آرثر ستيس.. والسؤال هنا: من هو آرثر؟ ومن أين جاء؟ وماذا كان يقصد بها؟ ولماذا عمد إلى كتابتها؟
وُلد آرثر في منطقة بالماين عام 1884.. وكانت حياته صعبة للغاية.. كان أبواه مدمنين على الكحول وأهملا تربيته والعناية به.. فعانى من الفقر الشديد إذ أمضى طفولته في سرقة قوته اليومي مثل الخبز والحليب من سلات الزبالة.. ولم يدخل المدرسة.. حينما بلغ سن 12 دخل الإصلاحية وأصبح تحت رعاية الدولة.. وتأثر بالظروف المعيشية المزرية في الإصلاحية إذ أدمن على تعاطي الكحول.. وبعد إطلاق سراحه عمل كحارس لأوكار لعب القمار غير القانونية.. وحينما أصبح في العشرين من عمره عمل كحارس أيضاً لدور الدعارة.
في تاريخ 6 آب عام 1930 حدثت له واقعة غيّرت حياته وشخصيته رأساً على عقب. دخل الكنيسة ذات يوم في منطقة برودواي في سيدني واستمع إلى موعظة مؤثرة دخلت على أثرها كلمة الرب يسوع المسيح قلبه.. تحسّس أعماقه وتأكد أنه إنسان خاطئ في حياته وسلوكه، وأن الخلاص من حياة الخطيئة هو عطية مجانية من عند الله، فخرج من الكنيسة حزيناً متأثراً.. واستلقى تحت شجرة تين كبيرة، وأخذ يبكي بمرارة نادماً على أفعاله الشريرة، وقرّر التوبة عن ارتكاب المعاصي، وتعهد أن يكون مخلصاً للرب يسوع المسيح.. وأصبح منذ ذلك اليوم واحداً من أولاد الله المؤمنين.. وفي لحظات حاسمة هدأت ثورة نفسه، وشعر لأول مرة بالسلام الحقيقي في داخله.. دخل في علاقة شخصية مع المخلص الرب يسوع المسيح، وتغيّر آرثر وأصبح إنساناً تقياً طاهراً مؤمناً يخاف الله ويحبه.
وبعد سنوات معدودة، بينما كان آرثر يصلي في الكنيسة، استمع إلى عظة عن الحياة الأبدية أثّرت فيه جداً.. كان قد ألقاها القس الراحل أيدلي، وهو يمسك بيده الكتاب المقدس، وحب يسوع ينير وجهه.. وقد أكّد القس في الموعظة أن كلمة "الأبدية" قد ظهرت في العهد القديم وفي العهد الجديد مروراً بالصليب.. وهنا أخذ آرثر يصرخ ويبكي بطريقة مرتجلة عفوية قائلاً: "أتمنى أن أُدخِل هذه الكلمة المصيرية في أعماق كل فرد في سيدني.. وأن يعرف الناس أين سيقضون الأبدية في السماء أم في الجحيم.. وركع آرثر في الكنيسة وصلى قائلاً: "يا رب، إنني طوع إرادتك فأرسلني حيثما تريد".
أخذت كلمة "الأبدية" تطن في ذهنه وشعر بصوت يتردد في أعماقه بأن رسالته هي كتابة الكلمة في كل مكان في شوارع سيدني حتى تدخل كل قلب ويتذكرها كل فرد. وبالفعل خرج آرثر من الكنيسة وكتب لأول مرة كلمة "الأبدية" بخط دقيق وجميل وهو لا يعرف مبادئ الكتابة والقراءة، ولا يدري كيف دخلت الكلمة عقله مع أنه لم يكن يعرف تهجئتها.. ولكن بالنسبة له كانت مصيرية.. وردد كلمات الرب يسوع المسيح: "أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ... أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فَلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ... لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ". وسخّر باقي حياته من أجل كتابتها ونشرها على أرصفة سيدني نصف مليون مرة.
ومات آرثر.. وذهب إلى الأبدية، لكن كلمة "الأبدية" أصبحت جزءاً من تراث سيدني، حتى أنها كُتبت بالخط الكهربائي الكبير على جسر سيدني هاربر ليتذكرها كل شخص يمرّ تحت ذلك الجسر.
عزيزي القارئ، هل تريد أن تضمن الأبدية في السماء؟
أرجو أن تتأمل في الحقائق التالية:
± الله الذي خلقك يحبك، ويريدك أن تقضي الأبدية معه في السماء.
± أنت لا تستطيع أن تختبر إرادة الله لحياتك أو أن تضمن حياتك معه في السماء لأنك ككل إنسان خاطئ، عصيت وصاياه، وخطاياك فصلت حياتك عن الله، والانفصال عن الله مصيره الجحيم. “لأَنَّ أُجْرَةَ الْخَطِيَّةِ هِيَ مَوْتٌ (الأبدية في جهنم)”، وَأَمَّا هِبَةُ اللهِ فَهِيَ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا”
(رومية 23:6).
± الرب يسوع المسيح تحمّل عقاب خطاياك ومات بديلاً عنك على الصليب “وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا” (رو 8:5).
± يجب أن تتوب عن خطاياك وتطلب من الله أن يغفرها لك.
± المسيح حيّ قام من الأموات، يقدر أن يخلصك ويقويك لتحيا حياة طاهرة له وهو يضمن لك الأبدية معه في السماء.
± قرارك في هذه الحياة يحدّد مصيرك الأبدي - في السماء أم في الجحيم.
± تستطيع الآن أن تضمن مصيرك الأبدي في السماء مع المسيح، إن تبت عن خطاياك وآمنت به - بعمله الفدائي من أجلك على الصليب - “لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ”.