أذار (مارس) 2009
بعد أن فحص الطبيب المريض الذي تربطني به علاقة عائلية وثيقة وراجع ملفاته وتقارير الأشعة، قال عبارة هزت كل كياني: الله هو الشافي، والأمل في الله وحده. أكانت هذه عبارة يأس، أم تهرّب، أم تجنّب للحقيقة المرّة، أم شيء آخر؟ لا أعلم.
المهم فشل الطبّ والدواء وبقي الرجاء في رحمة الله. وجاءت الى مخيّلتي لمحات من الماضي، لتؤكد ما قاله الطبيب...
الله ملجأ لنا وحمانا الوطيد
في الضيق عون صادق ونصير شديد
وسألت نفسي: ما هو المقصود بالشفاء الإلهي؟ وهل الله يشفي الناس أو يأمر بشفائهم أو يهبهم الصحة والعافية؟
توصّلت الأبحاث الطبيّة الحديثة الى استخدام الهرمون لزيادة عمر وطاقة الكائن الحي، وذلك بفضل تقدّم علم الهرمونات والغدد الصماء. والهرمون في علم الأحياء هو عبارة عن مادة تفرزها بعض الغدد الصماء فتزيد من نشاط الأعضاء التي تستقبلها عن طريق الدم أو قد يكون مادة مصنعية معملية تعمل عمل الهرمون. ويقال إن الهرمون المسبب لنمو الكائن الحي قد اكتُشف في عام 1920، وأنه قادر على استعادة خلايا الجسم بدون أعراض جانبية في سن الستين الى طبيعتها كما كانت في سن العشرين سواء كان هذا التحسُّن عضوياً أو عقلياً؛ إنه الصراع من أجل البقاء ومحاربة أمراض الشيخوخة. يكلِّف هذا العلاج سنوياً ما يزيد عن 20,000 دولاراً، وهو متاح في الولايات المتحدة الأمريكية باسم (إتش جي إتش)، ولا يحتاج المرء الى الحقن بالمصل بل باستخدام منتجات وأعشاب طبية طبيعية (وهو ما يسمى باسم جي إتش آر). إنها تركّز على مفهوم "قدرة الجسم في علاج نفسه بنفسه". ففي الجسم البشري يتعادل مستوى الهرمون والدم بالتساوي عند سن 25 سنة، ويمكن للخلايا عندئذ القيام بعملية التجديد والشفاء تلقائياً. أليس هذا شفاء إلهياً خلقه الله، ولم يكتشفه الإنسان إلا بعد الخوض في أبحاث كثيرة لسنوات طويلة. "مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ". لذلك يقول أيوب النبي: "فَاسْأَلِ الْبَهَائِمَ فَتُعَلِّمَكَ، وَطُيُورَ السَّمَاءِ فَتُخْبِرَكَ. أَوْ كَلِّمِ الأَرْضَ فَتُعَلِّمَكَ، وَيُحَدِّثَكَ سَمَكُ الْبَحْرِ. مَنْ لاَ يَعْلَمُ مِنْ كُلِّ هؤُلاَءِ أَنَّ يَدَ الرَّبِّ صَنَعَتْ هذَا؟ الَّذِي بِيَدِهِ نَفَسُ كُلِّ حَيٍّ وَرُوحُ كُلِّ الْبَشَرِ" (أيوب 7:12-10).
إن العلاج بالأدوية والعقاقير الطبية أو بالهرمونات المعملية يحتاج الى استشارات طبية مكثَّفة، وفحوصات معملية متخصصة. ويظل الأمر بين يدي الله، فقد يرفض الجسم عضواً غُرس حديثاً فيه أو لا يستجيب للدواء لسبب لا يعلمه إلا بارئ الكون وحده. والمهم أن مبدأ علاج الجسم الذاتي والتوازن العقلي ضروري لبقاء بنية الإنسان سليمة وصحية.
من خلق هذا التوازن؟
ومن برمج الجسم ليؤدّي وظيفته البيولوجية بنفسه؟
ومن سمح للغدد الصماء أن تغذي الخلايا المستهلكة لتعيد نشاطها الحيوي بكل قوة وبنسب محددة موقوتة؟
إنه الخالق عزَّ وجلَّ الذي كوَّن الإنسان، ورقَّم عظامه، ونفخ في أنفه نسمة حياة، فصار آدم نفساً حية.
إنه الله الذي قال كن فكان، أمر فصار، وبه نحيا ونتحرّك ونوجد.
إنه إله المعجزات وبارئ المبروءات، الذي أبرأ المرضى، وفتح أعين العمي، وشفى الأبرص، وعلّم الإنسان ما لم يعلم، وخلّص كل الخطاة والأثمة بتنازله وتجسُّده وخلاصه على الصليب، و"بجلدته شُفيتم".
إنه الله الذي صنع الإنسان على صورته ومثاله في الحب، والبر، والخير، والجمال، والحق، والعدل، والرحمة.
هل تعلم ما هي نصيحة علماء البيولوجيا والطب الحديث للاحتفاظ بسلامة الجسم وبنية خلاياه صحياً؟ إن إطلاق المجال للهرمون المخزون في الغدد الصماء للانتشار بحرية في الجسم، يمتِّع الكائن الحي بالصحة والسلامة لعمر أطول، وجهد أكثر، وذلك تحت شروط أهمها استقرار الحالة النفسية، والنوم الهادئ، وممارسة بعض التمارين الرياضية، والحدّ من استهلاك الدهون في الجسم، ومراعاة كثافة العظام، وملاحظة الحالة العقلية، وتدريب الذاكرة، وممارسة الجنس بطريقة شرعية، وتقوية العضلات والأعصاب والجهاز المناعي في الجسم، ومراقبة ضغط الدم وأعراضة المرضية، والحفاظ على نعومة البشرة، وثبات الملامح ونسيج الجلد. وهذا يعني أن الجسم يداوي نفسه بنفسه.
وبالاختصار، من منا لا يقوت جسده ويربيه؟
وربنا يشفي العقول المريضة، فالعقول المريضة ليست هي سبب الحروب والكوارث، لكن وراء كل حرب ودمار أسباب. تعددت الأسباب والمصير واحد. إن صلاتنا أن يشفي الله جراح العالم الدامية، ويحقق السلام للشعوب المكافحة.
هل تعلم أن القدماء كانوا يستخدمون الخمر بجرعات معتدلة - كما نصح لوقا الطبيب تيموثاوس قائلاً: "لاَ تَكُنْ فِي مَا بَعْدُ شَرَّابَ مَاءٍ، بَلِ اسْتَعْمِلْ خَمْرًا قَلِيلاً مِنْ أَجْلِ مَعِدَتِكَ وَأَسْقَامِكَ الْكَثِيرَةِ" - والزيت لمعالجة المرضى؟ الخمر عادة ينشّط حركة الدم، أما استخدام الزيت كعادة يهودية فهو وسيلة طبية للتليين والتبريد والترطيب.
لكن كما قال موسيه: "لا شيء يجعلنا عظماء مثل ألم عظيم، وإن الفشل العظيم كثيراً ما يفوق النجاح البطيء".
منذ عدة سنوات قامت مجلة أمريكية كبرى بعمل إحصائية طريفة عن عائلتين عاشتا في ولاية نيويورك. العائلة الأولى بدأها رجل اسمه "ماكس جونس"، كان لا يؤمن بالمسيحية، وكان يعيش في الشر والإباحية، وتزوج بفتاة من طرازه. ومن الدراسات التي أُجريت على 1026 من سلالة هذه الأسرة كانت النتائج التالية:
200 ماتوا قبل الوصول الى سن الشباب.
100 أُودعوا سجن الإصلاحية..
190 باعوا أنفسهم للدعارة..
100 أدمنوا على المسكرات..
وقد كلّفت هذه الأسرة الولاية 100,000 دولار.
أما العائلة الأخرى، عائلة "جوناثان إدواردز"، وكان يؤمن بمسيح المسيحية بكل قلبه، ويؤمن بضرورة تربية الأولاد بالطريقة المسيحية المبنية على الحب والاحترام، وتزوج بفتاة فاضلة. ومن الدراسات التي أُجريت على 700 من سلالة هذه الأسرة كان الآتي:
300 صاروا وعاظاً أتقياء..
65 أساتذة في كليات..
13 عمداء جامعات..
6 من عظماء المؤلفين..
1 نائب رئيس الولايات المتحدة..
ولم تكلف هذه الأسرة الولاية دولاراً واحداً.
وفي الختام، لكي تختبر الشفاء الإلهي، دعني أكتب لك هذه الوصفة الروحية:
تأكد أولاً أنك في علاقة صحيحة مع الله والناس، فلن يتم الشفاء بعيدا عن الثقة في الله الشافي؛ وحتى عندما يسمح لنا أن نمرض ونتألم بدون أمل في الشفاء.
إن شفاءه الروحي والنفسي تعزية للقلوب.
إنني شخصياً أؤمن بوعد الله: "إِنْ كُنْتَ تَسْمَعُ لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلهِكَ، وَتَصْنَعُ الْحَقَّ فِي عَيْنَيْهِ، وَتَصْغَى إِلَى وَصَايَاهُ وَتَحْفَظُ جَمِيعَ فَرَائِضِهِ، فَمَرَضًا مَا مِمَّا وَضَعْتُهُ عَلَى الْمِصْرِيِّينَ لاَ أَضَعُ عَلَيْكَ. فَإِنِّي أَنَا الرَّبُّ شَافِيكَ" (خروج 26:15).
"الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ. الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ. الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ" (مزمور 3:103-5).