أذار (مارس) 2009
في الحلقة الأولى يا أخي العابر من خلفية غير مسيحية، ويا أختي العابرة.. عرفت أنكَ صرتَ ابناً لله... وصرتِ ابنة لله... بإيمانك بأن يسوع المسيح هو ابن الله.
في هذه الحلقة، حديثي إليك عن أهمية إيمانك الراسخ بأن الكتاب المقدس - والكتاب المقدس وحده - هو وحي الله.. "عَالِمِينَ هذَا أَوَّلاً: أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ" (2بطرس 20:1-21).
وسأقدّم لك بعض النصائح التي أثق أنها ستفيدك في قراءة الكتاب المقدس ودراسته وفهمه.
الكتاب المقدس ينقسم إلى جزئين: الجزء الأول هو العهد القديم وعدد أسفاره 39 سفراً، والجزء الثاني هو العهد الجديد وعدد أسفاره 27 سفراً. والعهدان يكوِّنان كتاباً واحداً هو الكتاب المقدس.
ولكي تبدأ قراءتك وفهمك للكتاب المقدس عليك أن تطبّق المبادئ التالية:
أولاً: احفظ أسماء أسفار الكتاب المقدس بترتيب وجودها فيه
ويساعدك على هذا الحفظ، أن تكتب قائمة بأسماء أسفار العهد القديم، وتحفظها عن ظهر قلب بمراجعتها كل يوم، وفي خلال أسبوعين ستكون قد حفظت أسفار العهد القديم بحسب ترتيب وجودها. وتفعل ذلك أيضاً مع أسفار العهد الجديد. وحفظك للأسفار بترتيبها سيساعدك كثيراً على أن تجد السفر الذي تبحث عنه دون مشقّة.
ثانياً: اقتنِ نسخة من الكتاب المقدس لنفسك
ثالثاً: تعلّم أن تضع خطوطاً ملوّنة تحت الآيات التي تؤثّر في حياتك
أعطِ لوناً خاصاً لكل موضوع. فالأزرق مثلاً للنبوّات، والأحمر لدم المسيح الكريم، والأخضر للمواعيد الإلهية، وهكذا... هذه الألوان ستجعل كتابك عزيزاً عليك، ترجع إليه وتجد فيه ما تبحث عنه.
رابعاً: احفظ عن ظهر قلب آية من الكتاب المقدس كل أسبوع
اكتب الآية على ورقة خاصة وردّدها وأنت تقود سيارتك، وفي وقت استراحتك.. هذا يعني أنك ستحفظ 52 آية كل سنة.. وستجد أن شهيتك تتسع لأكثر من ذلك، وحفظك لآيات الكتاب المقدس سيعطيك جواباً ضدَّ كل اقتراحات إبليس.
خامساً: افهم ما تقرأه، فالفهم هو طريق تثبيت الحق في قلبك
قال الرب يسوع المسيح: "كُلُّ مَنْ يَسْمَعُ كَلِمَةَ الْمَلَكُوتِ وَلاَ يَفْهَمُ، فَيَأْتِي الشِّرِّيرُ وَيَخْطَفُ مَا قَدْ زُرِعَ فِي قَلْبِهِ" (متى 19:13). ولكي تفهم ما تقرأ تحتاج أولاً أن تصلي للرب حين تقرأ كتابك المقدس قائلاً: "اكْشِفْ عَنْ عَيْنَيَّ فَأَرَى عَجَائِبَ مِنْ شَرِيعَتِكَ" (مزمور 18:119).
ولعلك تحتاج للالتجاء لخادم تقي من خدام الإنجيل، يفسِّر لك ما عسر عليك أن تفهمه.. أكرر القول أن تلجأ إلى خادم تقي، يحبّ الرب، وقد تعمّق في فهم كلمته.
كتب بطرس الرسول عن رسائل بولس الرسول هذه الكلمات: "كَمَا كَتَبَ إِلَيْكُمْ أَخُونَا الْحَبِيبُ بُولُسُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحِكْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَهُ، كَمَا فِي الرَّسَائِلِ كُلِّهَا أَيْضًا، مُتَكَلِّمًا فِيهَا عَنْ هذِهِ الأُمُورِ (الأمور الخاصة بالأيام الأخيرة)، الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ، كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ" (2بطرس 15:3-16).
دعني أقول لك: هناك مؤمنون روحيون فتح الله عقولهم لمعرفة الحق المُعلن في كلمته، وهناك مؤمنون جسديون يسمِّيهم بولس الرسول: "الأطفال في المسيح" كما نقرأ في كلماته للمؤمنين في كورنثوس:
"وَأَنَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُكَلِّمَكُمْ كَرُوحِيِّينَ، بَلْ كَجَسَدِيِّينَ كَأَطْفَال فِي الْمَسِيحِ، سَقَيْتُكُمْ لَبَنًا لاَ طَعَامًا، لأَنَّكُمْ لَمْ تَكُونُوا بَعْدُ تَسْتَطِيعُونَ، بَلِ الآنَ أَيْضًا لاَ تَسْتَطِيعُونَ، لأَنَّكُمْ بَعْدُ جَسَدِيُّونَ" (1كورنثوس 1:3-3).
فلا تتعجّل في قراءة الكتاب المقدس.. بل أعطِ لنفسك الوقت الكافي لتتأمّل كلماته وتفهم معانيها، وتنتقل من دور الطفولة إلى دور الرجولة في فهم كلمة الله.
إن الكتاب المقدس يتضمّن في داخله الشهادة عن وحيه، فهو كقطعة الذهب الخالص تشهد ذرّاتها عن حقيقة معدنها.
إقرأ قصص الكتاب المقدس ونبواته، وادرس شخصياته: إبراهيم، ويوسف، وداود، وموسى، وإيليا، ومتى، ويوحنا..
إفهم رسالة كل سفر في الكتاب المقدس، فهو مكتوب بتسلسل وإتقان.. يسير بك من يوم خلق الله السموات والأرض، إلى أن يعود المسيح ويتلاشى الزمن في الأبد.
اذكر أنه كما يحتاج جسدك إلى الطعام الصحي، تحتاج روحك إلى كلمة الله لأنه "لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ مِنَ اللهِ" (لوقا 4:4). والكتاب المقدس هو كلام الله، فتلذّذ به وقل مع إرميا: "وُجِدَ كَلاَمُكَ فَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ كَلاَمُكَ لِي لِلْفَرَحِ وَلِبَهْجَةِ قَلْبِي" (إرميا 16:15)