Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار (مارس) 2009

مسافران في البحر، واحد في العهد القديم والآخر في العهد الجديد، اختلفت رحلة كل منهما في هدفها وتفاصيلها ونهايتها عن الثانية مع أنّ الربّ دعا كليهما لحمل رسالة إلى الناس. نرى القصتين في سفر يونان وفي أعمال 1:27-44.
من هما؟


يونان، أرسله الرب في مهمّة من فلسطين إلى العراق، لتبشير أهل نينوى، فذهب بالاتجاه المعاكس إلى ترشيش، ونزل إلى أسفل السفينة ونام نوماً عميقاً.
بولس، سافر في البحر من فلسطين إلى إيطاليا، من أجل اسم المسيح.
الرحلتان طويلتان ومنطلقتان من فلسطين إلى أوروبا. تعرّضت السفينتان للريح والعواصف حتى رمى الملاحة أثاثَ السفينة في كلتيهما.
لكن، ما هي أوجه الخلاف بين المسافرَيْن  المذكورَيْن؟

1. عصيان قاتل وطاعة منجّية
لم يطع يونان وصية الله له، وعوضاً عن التوجه شرقاً إلى العراق (حالياً) انطلق غرباً إلى إسبانيا. وأرسل الرب ريحاً شديدة حتى كادت السفينة تنكسر، وأراد الملاحة أن يعرفوا سبب هذه البليّة فألقوا قرعة، وكما هو مكتوب، "الْقُرْعَةُ تُلْقَى فِي الْحِضْنِ، وَمِنَ الرَّبِّ كُلُّ حُكْمِهَا" (أمثال 33:16)، ووقعت القرعة على يونان، وجاء اعترافه، "خُذُونِي وَاطْرَحُونِي فِي الْبَحْرِ فَيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنْكُمْ، لأَنَّنِي عَالِمٌ أَنَّهُ بِسَبَبِي هذَا النَّوْءُ الْعَظِيمُ عَلَيْكُمْ". ما أصعب أن يكون المؤمن سبباً في أذى الآخرين عوضاً عن أن يكون مِلْحاً في الأرض ونوراً!!
أما بولس فقد سافر أسيراً في البحر لكي يحاكَم أمام قيصر بسبب إيمانه في المسيح. وكان وجوده في السفينة سبب إنقاذ الله لكلّ من عليها وهم 276 شخصاً. كما قال له الملاك، "لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ. يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقِفَ أَمَامَ قَيْصَرَ. وَهُوَذَا قَدْ وَهَبَكَ اللهُ جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ مَعَكَ" (أع 24:27).
2. نوم عميق واهتمام دقيق
كان البحّارة يعانون ويصرخون إلى آلهتهم في الوقت الذي نام فيه يونان نوماً ثقيلاً. يا لخزي المؤمن حين يوبّخه البحار الوثنيّ بقوله، "مَا لَكَ نَائِمًا؟ قُمِ اصْرُخْ إِلَى إِلهِكَ عَسَى أَنْ يَفْتَكِرَ الإِلهُ فِينَا فَلاَ نَهْلِكَ" (يونان 6:1)!
هل ننام بينما الناس حولنا يغرقون في متاهات الحياة وشرورها نحو أبدية مظلمة؟ هل نتوارى عن الأنظار ونختفي كما اختفى يونان في جوف السفينة بعيداً عن المسافرين معه تاركاً إياهم يتخبّطون في المصيبة وحدهم؟
وما أبعد الفرق بينه وبين بولس! فقد كان يتابع تحرّك السفينة والبحارة خطوةً فخطوة، وهكذا نَصَحَ الربّان في البداية بألا يُقلِع من كريت، ثم حذّر الملاحين بألاّ يحاولوا النجاة بأنفسهم وإلا هلكوا. كما نراه يهتمّ بالمسافرين، ويشجّعهم وينصحهم أن يأكلوا بعد صيام 14 يوماً لكي ينجوا وهذا ما ساعدهم لكي يستطيعوا أن يسبحوا عندما تحطّمت السفينة. وبعد أن نجوا إلى البر، مضى ليجمع كثيراً من القضبان للنار التي أشعلوها. بولس هو المسافر الذي يتمنّى كلٌّ منا أن يرافقه، لأنه حسّاس لاحتياجات الآخرين ولا يفكّر في ذاته بل في غيره.
ثلاثة أيام صلاة في ظلمة وثلاثة أيام خدمة
وما كان من البحارة الخائفين إلا أن سمعوا ليونان ورموه إلى البحر، فابتلعه الحوت لمدة 3 أيام، وصار يصلي في جوف الحوت. أما بولس فقد نجّاه الله من الحية التي نشبت في يده عندما كان يساعد في إشعال النار، ومن ثم أعد له الرب خدمة لمدة 3 أيام متوالية وبعدها لمدة 3 أشهر، واستخدمه الله في شفاء أهل الجزيرة وتبشيرهم.
3- أمانٍ متلاشية وأحلام محققة
 لم يتّسع قلب يونان لجميع الناس، وعوضاً عن أن يفرح برؤية أهل نينوى يرجعون إلى الرب فقد اكتأب وأصابه الغمّ وكأنه لم يُرِدْ أصلاً أن يخلص هؤلاء الناس وقال، "يَا رَبُّ خُذْ نَفْسِي مِنِّي، لأَنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي.. اغْتَظْتُ بِالصَّوَابِ حَتَّى الْمَوْتِ" (4:3 و9)؛ بينما كانت أحلام بولس وشهوة قلبه، "مِرَارًا كَثِيرَةً قَصَدْتُ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ، وَمُنِعْتُ حَتَّى الآنَ، لِيَكُونَ لِي ثَمَرٌ فِيكُمْ أَيْضًا كَمَا فِي سَائِرِ الأُمَمِ. إِنِّي مَدْيُونٌ لِلْيُونَانِيِّينَ وَالْبَرَابِرَةِ" (رومية 13:1، 14). وقد حقّق له الله أمانيه المقدسة ليقدم الرسالة إلى البرابرة واليونانيين على حد سواء. وما أعجب طرقه! فلولا هيجان البحر وتيهان السفينة، كيف كان لبولس أن يصل إلى هذه الجزيرة؟ ونرى سعادة بولس تمتزج مع دموع الألم حتى في وسط البحر الهائج. "وَلَمَّا قَالَ هذَا أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ اللهَ أَمَامَ الْجَمِيعِ، وَكَسَّرَ، وَابْتَدَأَ يَأْكُلُ. "فَصَارَ الْجَمِيعُ مَسْرُورِينَ وَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا طَعَامًا" (35:27، 36). وعندما لاقاه مؤمنو رومية حال وصوله، "لَمَّا رَآهُمْ بُولُسُ شَكَرَ اللهَ وَتَشَجَّعَ" (15:28).
فلنتذكر يونان النائم، كم كانت شهادته مخزية أمام البحّارة إذ قال، "أَنَا خَائِفٌ مِنَ الرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ الَّذِي صَنَعَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ!"  (9:1)، مقارنة مع بولس القريب من قلب الله الذي شهد قائلاً، "وَقَفَ بِي هذِهِ اللَّيْلَةَ مَلاَكُ الإِلهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَالَّذِي أَعْبُدُهُ، قَائِلاً: لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ" (أعمال 23:27-24) لا شكّ أننا جميعاً نريد أن نكون كبولس. لذا لنحذر العصيان الذي ينتج خوفاً من الله ونسعى لطاعة كلمته في حياتنا اليوميّة فيطمئننا الربّ بقوله لنا "لا تخف". وأعظم مكافأة نحصل عليها هي أن يهبنا الله، كما بولس، "جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ" معنا!

 

مسافران في البحر، واحد في العهد القديم والآخر في العهد الجديد، اختلفت رحلة كل منهما في هدفها وتفاصيلها ونهايتها عن الثانية مع أنّ الربّ دعا كليهما لحمل رسالة إلى الناس. نرى القصتين في سفر يونان وفي أعمال 1:27-44.

من هما؟

يونان، أرسله الرب في مهمّة من فلسطين إلى العراق، لتبشير أهل نينوى، فذهب بالاتجاه المعاكس إلى ترشيش، ونزل إلى أسفل السفينة ونام نوماً عميقاً.

بولس، سافر في البحر من فلسطين إلى إيطاليا، من أجل اسم المسيح.

الرحلتان طويلتان ومنطلقتان من فلسطين إلى أوروبا. تعرّضت السفينتان للريح والعواصف حتى رمى الملاحة أثاثَ السفينة في كلتيهما.

لكن، ما هي أوجه الخلاف بين المسافرَيْن  المذكورَيْن؟

 

1. عصيان قاتل وطاعة منجّية

لم يطع يونان وصية الله له، وعوضاً عن التوجه شرقاً إلى العراق (حالياً) انطلق غرباً إلى إسبانيا. وأرسل الرب ريحاً شديدة حتى كادت السفينة تنكسر، وأراد الملاحة أن يعرفوا سبب هذه البليّة فألقوا قرعة، وكما هو مكتوب، "الْقُرْعَةُ تُلْقَى فِي الْحِضْنِ، وَمِنَ الرَّبِّ كُلُّ حُكْمِهَا" (أمثال 33:16)، ووقعت القرعة على يونان، وجاء اعترافه، "خُذُونِي وَاطْرَحُونِي فِي الْبَحْرِ فَيَسْكُنَ الْبَحْرُ عَنْكُمْ، لأَنَّنِي عَالِمٌ أَنَّهُ بِسَبَبِي هذَا النَّوْءُ الْعَظِيمُ عَلَيْكُمْ". ما أصعب أن يكون المؤمن سبباً في أذى الآخرين عوضاً عن أن يكون مِلْحاً في الأرض ونوراً!!

أما بولس فقد سافر أسيراً في البحر لكي يحاكَم أمام قيصر بسبب إيمانه في المسيح. وكان وجوده في السفينة سبب إنقاذ الله لكلّ من عليها وهم 276 شخصاً. كما قال له الملاك، "لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ. يَنْبَغِي لَكَ أَنْ تَقِفَ أَمَامَ قَيْصَرَ. وَهُوَذَا قَدْ وَهَبَكَ اللهُ جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ مَعَكَ" (أع 24:27).

2. نوم عميق واهتمام دقيق

كان البحّارة يعانون ويصرخون إلى آلهتهم في الوقت الذي نام فيه يونان نوماً ثقيلاً. يا لخزي المؤمن حين يوبّخه البحار الوثنيّ بقوله، "مَا لَكَ نَائِمًا؟ قُمِ اصْرُخْ إِلَى إِلهِكَ عَسَى أَنْ يَفْتَكِرَ الإِلهُ فِينَا فَلاَ نَهْلِكَ" (يونان 6:1)!

هل ننام بينما الناس حولنا يغرقون في متاهات الحياة وشرورها نحو أبدية مظلمة؟ هل نتوارى عن الأنظار ونختفي كما اختفى يونان في جوف السفينة بعيداً عن المسافرين معه تاركاً إياهم يتخبّطون في المصيبة وحدهم؟

وما أبعد الفرق بينه وبين بولس! فقد كان يتابع تحرّك السفينة والبحارة خطوةً فخطوة، وهكذا نَصَحَ الربّان في البداية بألا يُقلِع من كريت، ثم حذّر الملاحين بألاّ يحاولوا النجاة بأنفسهم وإلا هلكوا. كما نراه يهتمّ بالمسافرين، ويشجّعهم وينصحهم أن يأكلوا بعد صيام 14 يوماً لكي ينجوا وهذا ما ساعدهم لكي يستطيعوا أن يسبحوا عندما تحطّمت السفينة. وبعد أن نجوا إلى البر، مضى ليجمع كثيراً من القضبان للنار التي أشعلوها. بولس هو المسافر الذي يتمنّى كلٌّ منا أن يرافقه، لأنه حسّاس لاحتياجات الآخرين ولا يفكّر في ذاته بل في غيره.

ثلاثة أيام صلاة في ظلمة وثلاثة أيام خدمة

وما كان من البحارة الخائفين إلا أن سمعوا ليونان ورموه إلى البحر، فابتلعه الحوت لمدة 3 أيام، وصار يصلي في جوف الحوت. أما بولس فقد نجّاه الله من الحية التي نشبت في يده عندما كان يساعد في إشعال النار، ومن ثم أعد له الرب خدمة لمدة 3 أيام متوالية وبعدها لمدة 3 أشهر، واستخدمه الله في شفاء أهل الجزيرة وتبشيرهم.

3- أمانٍ متلاشية وأحلام محققة

 لم يتّسع قلب يونان لجميع الناس، وعوضاً عن أن يفرح برؤية أهل نينوى يرجعون إلى الرب فقد اكتأب وأصابه الغمّ وكأنه لم يُرِدْ أصلاً أن يخلص هؤلاء الناس وقال، "يَا رَبُّ خُذْ نَفْسِي مِنِّي، لأَنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي.. اغْتَظْتُ بِالصَّوَابِ حَتَّى الْمَوْتِ" (4:3 و9)؛ بينما كانت أحلام بولس وشهوة قلبه، "مِرَارًا كَثِيرَةً قَصَدْتُ أَنْ آتِيَ إِلَيْكُمْ، وَمُنِعْتُ حَتَّى الآنَ، لِيَكُونَ لِي ثَمَرٌ فِيكُمْ أَيْضًا كَمَا فِي سَائِرِ الأُمَمِ. إِنِّي مَدْيُونٌ لِلْيُونَانِيِّينَ وَالْبَرَابِرَةِ" (رومية 13:1، 14). وقد حقّق له الله أمانيه المقدسة ليقدم الرسالة إلى البرابرة واليونانيين على حد سواء. وما أعجب طرقه! فلولا هيجان البحر وتيهان السفينة، كيف كان لبولس أن يصل إلى هذه الجزيرة؟ ونرى سعادة بولس تمتزج مع دموع الألم حتى في وسط البحر الهائج. "وَلَمَّا قَالَ هذَا أَخَذَ خُبْزًا وَشَكَرَ اللهَ أَمَامَ الْجَمِيعِ، وَكَسَّرَ، وَابْتَدَأَ يَأْكُلُ. "فَصَارَ الْجَمِيعُ مَسْرُورِينَ وَأَخَذُوا هُمْ أَيْضًا طَعَامًا" (35:27، 36). وعندما لاقاه مؤمنو رومية حال وصوله، "لَمَّا رَآهُمْ بُولُسُ شَكَرَ اللهَ وَتَشَجَّعَ" (15:28).

فلنتذكر يونان النائم، كم كانت شهادته مخزية أمام البحّارة إذ قال، "أَنَا خَائِفٌ مِنَ الرَّبِّ إِلهِ السَّمَاءِ الَّذِي صَنَعَ الْبَحْرَ وَالْبَرَّ!"  (9:1)، مقارنة مع بولس القريب من قلب الله الذي شهد قائلاً، "وَقَفَ بِي هذِهِ اللَّيْلَةَ مَلاَكُ الإِلهِ الَّذِي أَنَا لَهُ وَالَّذِي أَعْبُدُهُ، قَائِلاً: لاَ تَخَفْ يَا بُولُسُ" (أعمال 23:27-24) لا شكّ أننا جميعاً نريد أن نكون كبولس. لذا لنحذر العصيان الذي ينتج خوفاً من الله ونسعى لطاعة كلمته في حياتنا اليوميّة فيطمئننا الربّ بقوله لنا "لا تخف". وأعظم مكافأة نحصل عليها هي أن يهبنا الله، كما بولس، "جَمِيعَ الْمُسَافِرِينَ" معنا!

المجموعة: 200903

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

122 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10559766