Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الأول (أكتوبر) 2009

ترى ماذا يحدث عندما يعبد الإنسان؟
أي نوع من الاختبار يحصل له في العبادة؟
ما هي مواقف الإنسان عندما يأتي لكي يعبد؟
ما هي حاجات الإنسان الأساسية التي يجب أن تسدّ؟


كيف يمكن اختبار العبادة أن يسدّ هذه الحاجات؟
هذه أسئلة تراود أفكارنا. ويستطيع علم النفس أن يساعدنا في الإجابة عنها. وعلم النفس يساعد أيضاً على تأكيد صحة الاختبار الديني وعلى اقتراح وسائل فعالة تغني الاختبار الديني.

اختبار مركّز على الشخصية
العبادة هي بشكل أساسي مركّزة على الشخصية. إنها شركة بين شخصين: الله والإنسان. وهذه المقابلة توقظ القوى الكامنة فينا. هي دخول حياة الله في حياتنا. والعبادة تتضمن في اختبارها كل الإنسان وليس قسماً منه فقط. ينظر الكتاب المقدس إلى الإنسان كوحدة. ليس في حياة الإنسان إزدواجية في الشخصية كما تقول الفلسفة اليونانية. إذ أن الكتاب المقدس يقول: "طُوبَى لِحَافِظِي شَهَادَاتِهِ. مِنْ كُلِّ قُلُوبِهِمْ يَطْلُبُونَهُ" (مزمور 2:119). "بكل قلبي طلبتك" (مزمور 10:119). ورأى إشعياء أن كل الإنسان متمرّد "كل الرأس مريض وكل القلب سقيم" (إشعياء 5:1).
وبولس يصلي قائلاً: "وَإِلهُ السَّلاَمِ نَفْسُهُ يُقَدِّسُكُمْ بِالتَّمَامِ. وَلْتُحْفَظْ رُوحُكُمْ وَنَفْسُكُمْ وَجَسَدُكُمْ كَامِلَةً بِلاَ لَوْمٍ" (1تسالونيكي 23:5). والوصية الأولى والعظمى في الناموس أنه على الإنسان أن يعبر عن محبته لله بكل شخصيته "وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ" (مرقس 30:12).
ولا ينبغي أن نظن أن العبارات الموجودة في الكتاب المقدس والتي تشير إلى مقومات شخصيتنا هي مقومات منفصلة مستقلة عن بعضها، الفكر أو الذهن (Nous)، النفس (psyche)، الروح (Pneuma)، الجسد (Soma)، القلب (Kardia). إنها كلها تعبر عن المظاهر المتنوعة لشخصية الإنسان الكاملة... الواحدة. فالعبادة إذاً اختبار تشترك فيه كل الشخصية.
إن العبادة هي عمل شعوري فيه يفهم العابد إعلانات الله له، ويتجاوب الإنسان مع الله في العبادة بمظاهر مختلفة من شخصيته، ويرى علماء النفس ثلاث حالات من النشاط الشعوري أثناء العبادة. وهذه الثلاثة تعمل متحدة.
حالة الشعور: يتضمن اختبار العابد بعض العواطف والمشاعر المعينة في الشركة مع الله كالرهبة والمحبة والثقة والفرح.
حالة العقل: يتضمن اختبار العابد المعرفة الواعية للمعبود، وعلى هذا تتأسس الشركة بين الإنسان والله.
حالة الإرادة: العبادة الأصلية تتضمن ايضاً التصميم والتقرير لعمل شيء ما لله. كتقديم عطايا أو القيام بخدمة، وهذا ما يفعله الإنسان عندما يسلم الإرادة لله.
قال يسوع: "لتكن لا إرادتي بل إرادتك".
قال الرسول بولس: "يا رب. ماذا تريدني أن أفعل؟".
حقاً إن العبادة تصل إلى قلب شخصية الإنسان، فتلمس الإرادة وتحررها، فالعبادة أكثر من عمل عاطفي أو عقلاني، هي عمل إرادي. لقد غيّرت العبادة إرادة بولس الرسول... وبإرادته واختياره تغيّر التاريخ.
للإنسان احتياجات أساسية تُسدّ في العبادة. قال أوغسطينوس: "لقد صنعتنا لنفسك يا الله ولا ترتاح نفوسنا إلا إذا ارتاحت فيك".
إن في عمق أعماق الإنسان حاجات شعورية يجب أن تُسدّ. هناك جوع في القلب البشري يطلب الشبع والاكتفاء. والمدلولات المنطقية التالية تعبّر عن حاجة الإنسان للعبادة.
1- حاجة المحدود إلى غير المحدود
يسعى الإنسان في العبادة نحو الكمال ونحو الاتصال والشركة مع إله مطلق، ويفعل هذا شاعراً بمحدودياته، ولهذا يبحث عن راحة نفسه في الله. يقول المرنم:
"أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا، مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ!... إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ، الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا، فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى تَذكُرَهُ؟ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ؟ وَتَنْقُصَهُ قَلِيلاً عَنِ الْمَلاَئِكَةِ، وَبِمَجْدٍ وَبَهَاءٍ تُكَلِّلُهُ" (مزمور 1:8-5).
2- حاجة السر  إلى الفهم
يحتاج الإنسان إلى المعرفة. ويقترب إلى الله كالمصدر الأساسي للمعرفة. وهذا النوع من الاتصال بالله يمكن أن ندعوه "حلّ للمشاكل بواسطة العبادة". يقول الرسول بولس متعجباً: "يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ!" (رومية 33:11).
ويصلي بولس أيضاً لأجل أترابه المسيحيين قائلاً:
"وَأَنْتُمْ مُتَأَصِّلُونَ وَمُتَأَسِّسُونَ فِي الْمَحَبَّةِ، حَتَّى تَسْتَطِيعُوا أَنْ تُدْرِكُوا مَعَ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، مَا هُوَ الْعَرْضُ وَالطُّولُ وَالْعُمْقُ وَالْعُلْوُ، وَتَعْرِفُوا مَحَبَّةَ الْمَسِيحِ الْفَائِقَةَ الْمَعْرِفَةِ، لِكَيْ تَمْتَلِئُوا إِلَى كُلِّ مِلْءِ اللهِ" (أفسس 18:3-19).
3- حاجة الفَزِع إلى الملجأ
يحتاج الإنسان في أزمنة الاضطرابات والمخاوف وعدم الاطمئنان إلى الملجأ، فيقول مع المرنم بطريقة لا شعورية:
"اَللهُ لَنَا مَلْجَأٌ وَقُوَّةٌ. عَوْنًا فِي الضِّيْقَاتِ وُجِدَ شَدِيدًا. لِذلِكَ لاَ نَخْشَى وَلَوْ تَزَحْزَحَتِ الأَرْضُ، وَلَوِ انْقَلَبَتِ الْجِبَالُ إِلَى قَلْبِ الْبِحَارِ" (مزمور 1:46-2). وأيضاً: "اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ، فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ. أَقُولُ لِلرَّبِّ: مَلْجَإِي وَحِصْنِي. إِلهِي فَأَتَّكِلُ عَلَيْهِ" (مزمور 1:91-2).
4- حاجة الوحيد إلى الشركة مع الله ورفقته
يحتاج الإنسان في غربته وضياعه وتيهانه أن يشعر بأن هناك من يحبه. فالعبادة هي البحث عن هذه المحبة التي تؤمّن للإنسان الاكتفاء إبان الوحدة. في العبادة الحقيقية يأتي الإنسان إلى اختبار الرفقة الشخصية مع الله. "إن أبي وأمي قد تركاني والرب يضمني".
5- حاجة الإنسان إلى الشركة مع العابدين الآخرين
في أعماق الإنسان نزعة للانتساب إلى الأسرة البشرية وإلى الشركة المتبادلة مع العابدين الآخرين. فهكذا كان يرنم العابدون: "فرحت بالقائلين لي: إلى بيت الرب نذهب" (مزمور 1:122). "هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا!... لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَةِ" (مزمور 1:133 و3). وما أجمل أن يعبد الإنسان الله مع إخوة له يجمعهم الولاء للرب الذي فداهم.
6- حاجة المذنب إلى الغفران
تقف النفس في العبادة عارية أمام الله، وهنا يعترف الإنسان بخطاياه ويترجّى غفران الله: "اِرْحَمْنِي يَا اَللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ... إِلَيْكَ وَحْدَكَ أَخْطَأْتُ، وَالشَّرَّ قُدَّامَ عَيْنَيْكَ صَنَعْتُ... قَلْبًا نَقِيًّا اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللهُ، وَرُوحًا مُسْتَقِيمًا جَدِّدْ فِي دَاخِلِي" (مزمور 1:51 و4 و10).
"إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ".
7- حاجة القَلِق إلى السلام
إن القلق اختبار عادي في حياة الإنسان لكونه محدوداً. وأفضل طريقة لانتزاع القلق من داخل الإنسان هي العبادة. والاختبار هذا يصل إلى داخل قلب الإنسان المحتاج إلى الراحة والسلام، فالمرنم يصلي بشوق عظيم قائلاً: "كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ... لِمَاذَا أَنْتِ مُنْحَنِيَةٌ يَا نَفْسِي؟ وَلِمَاذَا تَئِنِّينَ فِيَّ؟ تَرَجَّيِ اللهَ" (مزمور 1:42 و11).
8- حاجة الحياة التي لا معنى لها إلى المعنى والهدف والمسؤولية الكاملة
إن حاجة الإنسان القصوى هي أن يجد لحياته معنى. وفي عمق أعماقه شعور بأنه خُلق لقصد معيّن. ولن يجد الإنسان هدفه من الحياة أو معنى لما يقوم به إن كان لا يعبد الله، إذ في العبادة فقط نستطيع أن نستوعب الحقيقة التالية: "أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ" (رومية 28:8).
9- حاجة المنكسر إلى الانتصار
قد نُغلب مراراً في صراعنا مع عدو البر والصلاح، وقد نُهزَم في معركة الخير ضد الشر، لتكاثر الأعداء علينا، لكن هزيمتنا هي لحين فقط، إذ أننا نسير في موكب نصرة المسيح الذي يعطينا الغلبة في كل حين. يقول النبي: "وَلكِنَّنِي أُرَاقِبُ الرَّبَّ، أَصْبِرُ لإِلهِ خَلاَصِي. يَسْمَعُنِي إِلهِي. لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِي" (ميخا 7:7-8). وفي العبادة يؤمّن الرب لنا القوة الكافية والعزم الشديد لمجابهة جديدة مع العدو الذي هو الشيطان والخطية وروح العالم وشهواته.
10- حاجة الحزين إلى التعزية
إن الحزن يقف عند زوايا كثيرة في طريق حياتنا، وإذا كثر وازداد يسبّب لنا اليأس والشعور بالفراغ، ولكن الله يعزينا "عَزُّوا، عَزُّوا شَعْبِي، يَقُولُ إِلهُكُمْ. طَيِّبُوا قَلْبَ أُورُشَلِيمَ" (إشعياء 1:40-2). وإذا ازدادت المصائب وكثرت الهموم نقول مع حبقوق النبي:  "فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ. يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ، فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي" (حبقوق 17:3-18).
والمسيح هنا يسكب بلسم التعزية ورحيق أزاهير الرجاء والأمل في قلوبنا بكلماته: "لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ. أَنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ فَآمِنُوا بِي... سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ" (يوحنا 1:14 و27).
( عن مجلة الغريب)

المجموعة: 200910

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

616 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577960