نيسان April 2005
آية الرسالة: "ثم لمَنْ من الملائكة قال قط: اجلِسْ عن يميني حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك. أليس جميعهم أرواحاً خادمة مُرْسَلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عبرانيين 13:1و14).
إذا فتح الرب عيوننا كما فتح عينَي غلام أليشع النبي، لرأينا أننا لا نعيش وحدنا على هذه الأرض.. بل يعيش حولنا الملائكة التي تخدم الذين آمنوا قلبياً بالمسيح الذي أكمل فداءهم بموته على الصليب.. كما يحيط بنا الرؤساء والسلاطين وأجناد الشر الروحية التي تصارعنا كمؤمنين بقصد هزيمتنا.
ففي الناحية المنيرة نجد أن "ملاك الرب حال حول خائفيه وينجيهم"
(مزمور 7:34).
وفي ناحية الصراع مع قوات الشر نجد أن "مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات" (أفسس 12:6).
وفي هذه الرسالة – أتحدث عن خدمة الملائكة... وخدمة الملائكة لمن غُسلت خطاياهم بدم المسيح، ترينا مدى حب الله لأولاده وبناته، ومدى عنايته واهتمامه بهم. ومدى قيمتهم العظمى في عينيه.
الملائكة أرواح خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص.
فما هي دوائر خدمة الملائكة؟
1- دائرة تقوية المؤمنين الخائرين
نرى هذا في قصة إيليا النبي.. فبعد أن ذبح إيليا أنبياء البعل عند نهر قيشون.. أرسلت إليه إيزابل زوجة الملك آخاب رسولاً تقول: "هكذا تفعل الآلهة.. إن لم أجعل نفسك كنفس واحد منهم في نحو هذا الوقت غداً. فلما رأى ذلك قام ومضى لأجل نفسه.. ثم سار في البرية مسيرة يوم حتى أتى وجلس تحت رتمة وطلب الموت لنفسه وقال قد كفى الآن يا رب خذ نفسي لأنني لست خيراً من آبائي" (2ملوك 2:19-4).
بطل الكرمل، خارت قواه وطلب الموت لنفسه. وأرسل الرب ملاكاً لخدمة هذا النبي الخائر، وتقويته وإخراجه من خواره... اضطجع إيليا ونام تحت الرتمة، "وإذا بملاك قد مسَّه وقال قم وكل. فتطلّع وإذا كعكة رضف وكوز ماء عند رأسه فأكل وشرب ثم رجع فاضطجع. "ثم عاد ملاك الرب ثانية فمسّه وقال قم وكل. لأن المسافة كثيرة عليك. فقام وأكل وشرب وسار بقوة تلك الأكلة أربعين نهاراً وأربعين ليلة إلى جبل الله حوريب ودخل المغارة وبات فيها" (2ملوك 5:19-8).
حين جاء الملاك إلى إيليا النبي، وعرف مدى خواره، مسَّه بلطف ورقة.. أعدَّ له كعكة وماءً.. وفعل ذلك مرتين حتى زال خوار إيليا، وقام وسار بقوة تلك الأكلة التي كانت بغير شك تحتوي كل الفيتامينات، والكربوهيدرات، والمعادن التي يحتاجها، أربعين نهاراً وأربعين ليلة.
فثق في عناية الرب بك.. وثق أنه لا بد أن يعالج كآبتك، وحزنك، وخوارك.. ويرسل ملاكاً لخدمتك. فأنت عزيز في عينيه.
2- دائرة الدفاع عن المؤمنين الخائفين
نرى هذا في حالة الملك حزقيا.. عمل حزقيا المستقيم في عيني الرب.. وطهَّر إسرائيل من الأصنام.. وأحدث نهضة روحية في البلاد.
وفجأة صعد "سنحاريب ملك أشور على جميع مدن يهوذا الحصينة وأخذها". ولم يكتف بهذا بل تحدّى قدرة الله العلي، فأرسل سفيره ليقول للشعب: "لا يجعلكم حزقيا تتّكلون على الرب قائلاً إنقاذاً ينقذنا الرب"، "مَن مِن كل آلهة الأراضي أنقذ أرضهم من يدي حتى ينقذ الرب أورشليم من يدي" (2ملوك 35:18).
"فلما سمع الملك حزقيا ذلك مزَّق ثيابه وتغطّى بمسح ودخل بيت الرب".. وأرسل إلى إشعياء النبي ابن آموص يقول: "هذا اليوم يوم شدة وتأديب وإهانة.. لعل الرب إلهك يسمع كلام ربشاقي الذي أرسله ملك أشور ليعيِّر الإله الحي فيوبَّخ على الكلام الذي سمعه الرب إلهك فأرفع صلاة من أجل البقية الموجودة" (2ملوك 1:19-4).
وأخذ حزقيا الرسائل التي أرسلها ملك أشور متحدياً فيها الإله الحي "ونشرها حزقيا أمام الرب وصلى حزقيا أمام الرب قائلاً: "والآن أيها الرب إلهنا خلصنا من يده فتعلم ممالك الأرض كلها أنك أنت الرب الإله وحدك" (2ملوك 19:19).
طلب حزقيا من إشعياء النبي أن يصلي.. وصلى هو كذلك في بيت الرب.. وكان هدف صلاته مجد الرب وحده.
وأرسل الرب إشعياء النبي إلى حزقيا الملك مؤكداً له أن "سنحاريب" ملك أشور لن يدخل أورشليم ولا يرمي هناك سهماً ولا يقيم عليها مترسة. وأرسل الرب ملاكاً لخدمة هذا الملك الخائف.
"وكان في تلك الليلة أن ملاك الرب خرج وضرب من جيش أشور مئة ألف وخمسة وثمانين ألفاً. ولما بكروا صباحاً إذاً هم جميعاً جثث ميتة. فأنصرف سنحاريب ملك أشور وذهب راجعاً وأقام في نينوى" (1ملوك 35:19 و36).
فيا أخي المؤمن بالمسيح الفادي، ويا أختي المؤمنة، هل هناك من يهاجمك ويتحدّى إلهك.. إن الرب قادر أن يرسل ملاكاً للدفاع عنك.. لقد أرسل ملاكاً واحداً فقضى على مئة ألف وخمسة وثمانين ألفاً من جنود سنحاريب في ليلة واحدة.
3- دائرة إنقاذ المؤمنين المضطَهَدين
نرى هذا قي قصة سجن بطرس الرسول..
هيرودس الملك كان سياسياً.. قتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف.
"وإذ رأى أن ذلك يرضي اليهود عاد فقبض على بطرس أيضاً.. ولما أمسكه وضعه في السجن مسلماً إياه إلى أربعة أرابع من العسكر ليحرسوه ناوياً أن يقدمه بعد الفصح إلى الشعب فكان بطرس محروساً في السجن. وأما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من أجله" (أعمال 3:12-5).
الشيطان يعرف قيمة الخادم الأمين ولذا يحاول القضاء عليه. وبعد أن قتل هيرودس يعقوب أخا يوحنا، قامت الكنيسة بحملة صلاة بلجاجة لنجاة بطرس.
"ولما كان هيرودس مزمعاً أن يقدمه كان بطرس في تلك الليلة نائماً بين عسكريين مربوطاً بسلسلتين. وكان قدام الباب حراس يحرسون السجن" (أعمال 6:12). إلى هذا المدى عرف الشيطان قيمة بطرس الرسول وتأثير خدمته.. ولكن بطرس نام نوماً عميقاً، وكان في سلام تام، لأنه آمن بكلمات الرب يسوع له: "لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشي حيث تشاء ولكن متى شخت فإنك تمدّ يديك وآخر يمنطقك ويحملك حيث لا تشاء. قال هذا مشيراً إلى أية ميتة كان مزمعاً أن يمجد الله بها" (يوحنا 18:21و19).
كان بطرس ما زال شاباً حين قبض عليه هيرودس.. إذاً فلن يقتله هيرودس.. سيموت في شيخوخته شهيداً لمجد الله.. ولذا فقد نام نوماً عميقاً واثقاً في وعد الرب.
"وإذا ملاك الرب أقبل ونور أضاء في البيت فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلاً قم عاجلاً فسقطت السلستان من يديه وقال له الملاك تمنطق والبس نعليك. ففعل هكذا فقال له البس رداءك واتبعني. فخرج يتبعه. وكان لا يعلم أن الذي جرى بواسطة الملاك هو حقيقي بل يظن أنه ينظر رؤيا. فجازا المحرس الأول والثاني وأتيا إلى باب الحديد الذي يؤدي إلى المدينة فانفتح لهما من ذاته فخرجا وتقدَّما زقاقاً واحداً وللوقت فارقه الملاك. فقال بطرس وهو قد رجع إلى نفسه الآن علمت يقيناً أن الرب أرسل ملاكه وأنقذني من يد هيرودس"
(أعمال 7:12-11).
فيا أخي ويا أختي هل أنت مضطهد مظلوم.. أخذك عدوك إلى سجن اليأس.. وكبت حريتك.. لا تحزن فإن الله قادر أن يرسل لك ملاكاً لإنقاذك من السجن الذي أنت فيه.
إن هناك الكثير من الخدمات التي يقوم بها الملائكة للمؤمنين.. فتِّش عنها في كتابك المقدّس واذكر أن خدمة الملائكة للمؤمنين تُظهر مدى حب الله لهم واهتمامه براحتهم. فثق أنك لست وحدك في هذه الحياة.. وإن ملاك الرب يحل حولك ليحفظك وينجيك.
وابتهج بخدمة الملائكة... واعرف قيمة نفسك في نظر إلهك.