نيسان April 2005
جاء المسيح من وراء الغمام يجول شعاب الأرض ومنعطفاتها
الخفية بحثاً عن الإنسان... وعن إنسانيته الضائعة.. وإذ وجده ملقى..
أخذه برفق.. ورفعه إليه.. وجعله ابناً له بعد أن افتداه بدمه الكريم.
أجل، كل من يودّ التأكد مما صنعه المسيح لأجل الإنسان من المآثر والعظائم، فليمضِ إلى الجلجثة. فهناك تنحسر الظلمة وتتفرّق السحب.. هناك يرى المحبة مشرقة على الصليب.. ناطقة بلا لسان.. ومشيرة بلا بنان. هناك يرى المسيح "الخروف المذبوح" معلقاً بين الأرض والسماء... يصلّي من أجل أعدائه وصالبيه.. هناك يرى قيمة الإنسان، والثمن البالغ الذي به اشترى حريته.
لقد حظي الإنسان - رغم سقوطه - بمحبة المسيح وإكرامه.. فقد انحدر المسيح إلى هذه الأرض كي يعيش إلى جوار الإنسان.. يقاسمه ما يقاسيه من شقاء وتعب، افتقر وهو غني لكي يستغني الإنسان بفقره.
وهكذا تنازل المسيح من عرشه، فعاش حياة الإنسان لكي يمتلك قلب الإنسان، ويرفع الإنسان إلى عرشه النوراني.. ويمنحه الحياة الأبدية.
نزل المسيح إلى مستوى الإنسان كي يرفع مقام الإنسان. فتأمّل عزيزي القارئ كيف أن ابن الله يصير ابن البشر.. لكي يصير ابن البشر ابناً لله.. يتمتّع بعلاقة البنوّة مع الله الآب.. إنه ابن لله لا عبداً. لأن العبد لا يعلم إرادة سيده ولكن الابن يعلم. هذه هي البنوّة التي جعلتنا جزءاً منه.. "أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه"..
هذه هي قضية الخلاص والفداء، التي تتمحور حول الصليب الذي قرّب الإنسان من بارئه، فرمَّم الثغرة، وقرّب المسافات.. وهكذا نجد أنه في الصليب، "الرحمة والحق التقيا.. البر والسلام تلاثما".
أخي العزيز، إلهنا يفتش عليك.. يحبك.. وقد جاء من أجلك..
تأمل في محبته.. وأنت تقرأ هذه المواضيع من على صفحات هذه المجلة.