كانون الأول (ديسمبر) 2005
(لوقا 28:21)
إننا نعيش في الأيام الأخيرة، بل في الساعات الأخيرة. وهذه الحقيقة أصبحت واضحة وظاهرة. فإن كل حدث وكل تطور يحصل، يزيد اقتناعنا ويلهب أشواقنا. ويسيطر على شعورنا تأكيد بأن مجيء الرب يسوع ثانية أصبح على الأبواب...
وفي هذه الأيام، التي ينبغي أن نرفع حياتنا وأبصارنا عن العالم المحيط بنا، ترانا نعيش منحنين في كثير من الأحيان...
انحناء أمام متاعب الحياة ومتطلباتها الكثيرة...
انحناء تحت أحمال الظروف الصعبة والقاهرة...
انحناء بسبب الخوف والقلق والاضطراب، لأنه قامت أمة على أمة، وهناك حروب وأخبار حروب، قريبة وبعيدة، خفيفة وثقيلة، تُرى وتُسمع في كل آن.
انحناء لأن الظلم، والجور، والحسد، والبغضة تخيم على حياة الأفراد والجماعات.
انحناء لأن الأزمنة أصبحت صعبة جداً، وكما وصف الكتاب هذه الأزمنة هكذا نرى ونلاحظ الأنانية، ومحبة الذات، وعبادة المال والمادة.. جنون وراء الشهوات الشريرة.. كبرياء وانتفاخ...
انحناء لأن تيار العالم يجرف الكثيرين والكثيرات وراء مغرياته وأباطيله.
انحناء لأن محبة الله ومحبة الأمور الروحية لم تعد تحتل مركزها اللائق على عروش القلوب.
لكن هل سيدوم هذا الانحناء؟...
إن كان العالم يثقلنا بالضيقات، فحتى متى؟
إن كان الرعب يسيطر مع الخوف والاضطراب، فإلى أي وقت؟
وكما يصف الرسول بولس مظهر حياة الإيمان وليس حقيقتها...
إن كنا نظهر كفقراء، وكأن لا شيء لنا، كحزانى وكمجهولين، وإن كنا نظهر كمائتين وكمؤدبين... فحتى متى يا ترى سنبقى على هذه الحالة؟؟.
ولكن هذه الهجمات من الاضطرابات والأحزان والمخاوف، عوضاً عن أن تزيد الهم هماً، والحزن حزناً، والانزعاج انزعاجاً، فإنها، مجتمعة، تفيض بكلمات القوة والتشجيع والتعزية: ”ومتى ابتدأت هذه تكون، فانتصبوا وارفعوا رؤوسكم لأن نجاتكم تقترب“.
ارفعوا رؤوسكم إلى السماوات... التي منها ننتظر مخلصاً هو الرب يسوع المسيح.
انتصبوا وارفعوا رؤوسكم، لأن اليوم المجيد العظيم الذي لم ولن يشهد التاريخ البشري نظيره ـ هو يوم لقائنا بحبيب قلوبنا، يوم نشاهد صاحب الشخصية السامية المتعالية.
انتصبوا وارفعوا أعينكم وانظروا بعيداً، فوق المرئيات والمحسوسات، وبعين الإيمان، تفرسوا ملياً بالمدينة السماوية، المدينة التي لها الأساسات، التي صانعها وباريها الله.
انتصبوا من الانحناء، حتى لا تتأثروا بالظروف، مؤاتية كانت، أم غير مؤاتية. لننتصب ونرفع رؤوسنا ولنعش بنعمة الرب فوق كل مؤثرات الانحناء ومسبباته. وبفضل هذا الرجاء، وتمسكنا بوعد الرب الأكيد، نتغلّب على كل ما يعيق استعدادنا وانتظارنا ليوم النجاة العظيم.
ولنعاتب نفوسنا مستعينين بكلام النبي داود قائلين:
”لماذا أنت منحنية يا نفسي، ولماذا تئنين فيّ، ترجّي الله، لأني بعد أحمده، خلاص وجهي وإلهي“.