Voice of Preaching the Gospel

vopg

شباط February 2005

عالم اليوم يبحث عن السلام، ويُجري معاهدات سلام ذات شروطٍ والتزامات. ولكن، السلام الحقيقي هو الذي يفكرون به دون أن يدركوه، ويتحدثون عنه دون أن يعرفوه، يسعون إليه دون أن يبلغوه، ويتغنون به دون أن يحبوه. هو غامض عن أذهان الكثيرين وغائب عن مجالات تحركهم.

 

سمعْتهم يريدون أن يتحرروا من كل شيء.. من لباسهم.. من حيائهم.. ومن أخلاقهم، من مشاعر الأهل وتمنياتهم الطيبة، من احترامهم لحريات الآخرين، من اعترافهم بحقوق جميع الناس، من نواميس الطبيعة، من رقابة الدولة، من سلطة القانون والنظام العام، من تحذيرات الوصايا الإلهية، من شريعة الخالق العظيم. ثم يكون لهم سلام، وأي سلام هذا؟

أهو سلام الظلم والاستبداد على المستوى العام أم سلام الأنانية والنزوات الجامحة والسادية البغيضة على المستوى الفردي؟ فالإنسان - كما أوجده الله - مخلوق اجتماعي يعيش ضمن مجموعات قوامها الأسرة فالمجتمع فالدولة فالعالم. يساهم في الحقوق والواجبات مع غيره من الناس، بتعايش سلمي مؤدب وبعلاقات متوازنة عادلة ضمن كمّ من المشاعر المشتركة، بحيث تنتهي حريته في حدودها قبل المساس بحريات الآخرين، ويكتفي بما يخصه من المطالب دون الإضرار بمطالب الآخرين.

ذلك هو السلام الحق الذي يحتاجه العالم اليوم وفي كل زمان ومكان فيؤثر في حياة الناس في أجيالهم، ويوجه مسالكهم وحتى قناعاتهم في طرق الحق والبر والاستقامة.

¨  كم يعيش الكثيرون جداً في عصرنا الحاضر في خوف قاتل واضطراب شامل يؤدي بالكثيرين إلى التردد على أطباء النفس والإدمان على تناول العقاقير. وما أكثر الذين لا يستطيعون النوم إلا بفعل المهدئات.

¨  ويسعى الكثيرون في العالم اليوم من أجل المشتهيات والمفاتن، ويجرون خلف المطامع والمقتنيات الفخمة دون شعور بالرضى. فكلما زاد الغنى زادت محبة المال والتعبد له، مع شعور لا يتوقّف عن الجوع واللهفة إلى المزيد. فكلما تحققت شهوة تفتحت أبواب النفس لشهوات أخر فلا قناعة ولا اكتفاء.

¨  وكم تجد في العالم اليوم من أناس لا يرضيهم أن يعيشوا على وفاق مع آخرين بل تجدهم في حالة حرب مستترة أو معلنة مع جميع الناس، فلا يسلم أحد من انتقاداتهم وتجريحهم وهم متسلحون بالبغضاء والحسد، بالكبرياء والمذمة، حاسبين كل إنسان آخر دونهم كرامة وعقلاً ومقاماً. فإذا ما تساووا مع الآخرين في أمر ما اعتبروا ذلك حظاً سيئاً لهم.

لقد جاء المسيح إلى أرضنا ليعطي سلاماً. ولكنه أهين، وصلب ممن لا يعرفون معنى السلام، ثم قام بسلطان لاهوته، وأعلن عن عطيته التي يقدّمها للذين يقبلونها، وهي سلام فريد لا يستطيع العالم أن يعرفه ولا يمكنه أن يعطيه. "سلاماً أترك لكم سلامي أعطيكم. ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا". وقد ورث محبّوه هذا السلام، فكان لهم مصدر قوة وثبات لأنه:

1- سلام الثقة والاطمئنان

فلا خوف ولا اضطراب ولا قلق أو ارتياب كما تقول الكلمة الإلهية، "ذو الرأي الممكَّن تحفظه سالماً سالماً لأنه عليك متوكل" (إشعياء 3:26). ويقول داود: "بسلامة أضجع بل أيضاً أنام، لأنك أنت يا رب منفرداً في طمأنينة تسكّنني" (مزمور 8:4).

2- سلام القناعة والاكتفاء

فلا تذمُّر، ولا شكوى، ولا شعور بالفراغ وعدم القناعة. "فالنفس الشبعانة تدوس العسل وللنفس الجائعة كل مر حلو". والمؤمن الحقيقي يحسّ دائماً بأنه مشمول بالعناية الإلهية ويحسب أن خير الرب عليه في كل الظروف والأحوال يُشبع القلب ويسمّن العظام.

3- سلام الوفاق والانسجام

حينما يتصالح الإنسان مع الله، بقبول كفارة دم المسيح الذي صُلب لأجله، يصبح في حالة سلام مع خالقه، وفي حالة سلام مع الآخرين. فيحب جميع الناس، ويعيش بالوفاق والانسجام مع الآخرين، لا يؤذي ولا يشهّر بأحد، ويحب الخير لجميع الناس كما يحب لنفسه، ويصبح في حالة سلام مع نفسه.. يعيش بلا تذمر ولا شكوى ولا انقسام في الفكر أو المشاعر.

والسلام الحق ليس هو السلام المفروض فرضاً من قوي على ضعيف، ولا السلام الذي يصطنعه المرء لنفسه هرباً من ارباكات الحياة وإحراجاتها على مبدأ "إذا لم يكن لك ما تريد فأرد ما يكون"، بل هو سلام نابع من أعماق القلب المليء بالحب، والإيمان، والثقة، ينشر إشعاعه على كل ناحية من نواحي النفس والروح والجسد.

ذلك هو السلام الذي يحتاجه العالم أفراداً وجماعات.

المجموعة: شباط February 2005

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

572 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577845