أذار (مارس) 2006
حين نتأمل في كلمة الله، نجد أن المسيح يستهل دعوته للبشر
الذين أثقلت الخطية كاهلهم، بدعوة للراحة.. وهي دعوته الأولى.
قال الرب يسوع: ”تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم“. وهل هناك حمل أثقل من حمل الخطية، وألم أشدّ من ألم الإحساس بالذنب؟ إن المسيح يقدم راحة تامة من حمل الخطية لكل من يأتي إليه بالإيمان. وما أمجد هذا!! فداود النبي يترنم قائلاً: ”طوبى لمن غُفر إثمه وسُترت خطيته“.
وبعد أن يلبي الإنسان الدعوة الأولى ويتمتع بغفران خطاياه، يقدم له السيد دعوة لحياة القداسة. فهو دعانا لنكون قديسين لأنه قدوس.. وهو يعطي القداسة لتابعيه الحقيقيين الذين وثقوا بعمله الكامل على الصليب.
أما الدعوة الثالثة، فهي دعوة للمجد كما يقول الكتاب: ”الذي دعانا إلى مجده الأبدي“. والمجد الأبدي لا يمكن للعقل البشري أن يدركه، أو للسان أن يعبر عنه، أو للعين أن تبصره. فالعقل لا يدركه لأنه أضيق من أن يتصوّره، لأنه ”ما لم يخطر على بال إنسان ما أعده الله للذين يحبونه“، واللسان لا يقدر أن يعبر عنه، لأن موسى لما طلب من الله أن يريه مجده، قال له: ”لا يستطيع أحد أن يراني ويعيش“!
وإن كنا لا نستطيع بعقولنا أو ألسنتنا أو عيوننا أن ندرك المجد الأبدي الذي أعده الله، إلا أننا من خلال الظلال نستطيع أن ندرك شيئاً من الحقيقة. إن ملكة سبا، عندما سمعت عن مجد سليمان الذي كان أغنى ملوك زمانه، أرادت أن تراه. ولما ذهبت إليه، قالت: ”هوذا النصف لم أُخبر به“. إن غنى المؤمن في المجد لا يعبَّر عنه، ويكفي أن نعرف أن أبواب السماء كاللآلئ الثمينة، وشوارعها كالذهب النقي!
يتصوّر البعض أن الله حين يدعونا إليه فإنه يريد منا شيئاً، بينما الحقيقة هي أنه لا يريد أن يأخذ منا سوى خطايانا ومتاعبنا، ويعطينا غفرانه وقداسته، ومجده الأبدي... وكل هذا نناله عن طريق الإيمان. لأنه يقول: ”من يرد فليأتِ ويأخذ“.
فهل تمد يد الإيمان لتنال الغفران، وتتمتع بالقداسة، ثم تحظى أخيراً بالمجد الأبدي؟!!