تشرين الأول (أكتوبر) 2006
يتساءل البعض: ما الذي يميّز المسيح عن غيره؟
ولماذا هو الطريق الوحيد لكل من يريد أن يعرف الله؟
باستثناء التساؤلات بالنسبة لمن يعبدون الأصنام، يأتي هذا السؤال على رأس قائمة الأسئلة الهامة التي يسألها الكثيرون. وكثيراً ما يُتَّهَمون بضيق الأفق، أولئك الذين يصرّون على أنه لا توجد وسيلة أخرى إلى الله بغير يسوع المسيح.
أريد أن أؤكد أولاً أن هذه الدعوى بأن المسيح هو الطريق الوحيد إلى الله ليست من اختراعنا. لن تصدر هذه الدعوة عنا، بل صدرت عن المسيح نفسه، وما نحن إلا مجرّد مردّدين لما ذكره هو والذين كتبوا العهد الجديد بوحي الروح القدس.
قال المسيح: ”أنا هو الطريق والحق والحياة. ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي“ (يوحنا 6:14). وقال أيضاً: ”لأنكم إن لم تؤمنوا أني أنا هو تموتون في خطاياكم“ (يوحنا 24:8). وردّد الرسول بطرس هذه الكلمات: ”وليس بأحد غيره الخلاص، لأنه ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص“ (أعمال 12:4). واتفق الرسول بولس معه في هذا الرأي، فكتب يقول: ”لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح“
(1تيموثاوس 5:2). لقد اتفقت شهادة العهد الجديد على أنه لا يقدر أي إنسان أن يعرف الله الآب إلا عن طريق الابن شخص ربنا يسوع المسيح.
ولكي نعرف السر وراء هذه الحقيقة لنرجع إلى البدء، عندما خلق الله السموات والأرض (تكوين 1:1)، ثم خلق الإنسان على صورته ومثاله (تكوين 26:1)، وبعدما انتهى من خلق كل شيء رأى أن كل ما عمله حسن (تكوين 31:1).
هناك في جنة عدن الآن رجل وامرأة في ظروف مثالية بالغة الكمال، مزودان بكل ما يحتاجان إليه، إلا أنه كان محظوراً عليهما عمل شيء واحد فقط، أن يأكلا من شجرة معرفة الخير والشر، لئلا يموتا (تكوين 17:2).
ولكن للأسف، فقد أكلا من الشجرة المُنهى عنها، ونتيجة لذلك حدث السقوط في أربع دوائر مختلفة:
الدائرة الأولى: علاقة الإنسان بالله
لقد انقطعت هذه العلاقة، وظهر ذلك من محاولة آدم وحواء الاختباء من وجه الرب (تكوين 8:3).
الدائرة الثانية: علاقة الإنسان بأخيه الإنسان
لقد انقطعت هذه العلاقة أيضاً، وظهر ذلك في محاولة كل من آدم وحوّاء إلقاء اللوم كل واحد على الآخر.
(تكوين 12:3-13)
الدائرة الثالثة: العلاقة بين الإنسان والطبيعة
لقد انقطعت هذه العلاقة حينما لعن الله الأرض وأمر أن تنبت الشوك والحسك، وأنه بعرق وجهه يأكل آدم خبزاً (تكوين 17:3-19).
الدائرة الرابعة: الإنسان في علاقته مع نفسه
لقد شعر بالفراغ والنقص، الأمر الذي لم يكن يعرفه قبل السقوط. وقد ظهر ذلك في محاولة آدم وحواء أن يصنعا لنفسيهما مآزر من أوراق التين ليغطيا عريهما (تكوين 7:3-8).
وقد رأى الله في محبته أن هذا الأمر يحتاج إلى تصحيح، فأعطى وعداً بإرسال مخلص أو مسيا لكي يحرّر الخليقة من عبودية الخطية: ”نسل المرأة الذي يسحق رأس الحية“ (تكوين 15:3). ويتحدّث العهد القديم كله، في نبواته وإشاراته ورموزه، عن هذا الحدث العظيم، معلناً أنه سيقبل يوم فيه يأتي هذا الشخص إلى العالم ليحرّر البشرية.
وقد تحقّق بالفعل هذا الوعد، وتجسّد الله في صورة إنسان في شخص ربنا يسوع المسيح (يوحنا 14:1 و29). ثم مات على الصليب من أجلنا، لكي يكون هو الطريق الذي يعيدنا إلى الله. ويقول الكتاب: ”لأن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم، وواضعاً فينا كلمة المصالحة... لأنه [الله] جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا، لنصير نحن برّ الله فيه“ (2كورنثوس 19:5 و21).
لقد مهّد الرب يسوع المسيح الطريق... لقد أتمّ كل شيء، وما علينا إلا أن نقبل هذا الحق. ليس علينا أن نعمل شيئاً نضيفه إلى ما عمله الرب يسوع، لقد عمل كل شيء من أجلنا.
لو كان في إمكان الإنسان أن يصل إلى الله عن أي طريق آخر، لما كان المسيح قد مات. إن موته دليل على أنه لا توجد وسيلة أخرى، لذلك لا يمكن لأي شخص آخر أو أية عقيدة أخرى أن تكون بديلاً عن الرب يسوع المسيح لمعرفة الله الحي الحقيقي.
لكن موت المسيح لم يكن نهاية القصة. دعنا نوضّح لماذا كان المسيح فريداً بالنسبة لغيره. لنفرض أن مجموعة من الناس خرجت للنزهة في غابة كثيفة الأشجار، وإذ توغّلت في الغابة ضلّت الطريق.
وحينما ندرك أننا نسير في الطريق الخاطئ نعلم أننا هالكون لا محالة، فيبدأ الخوف يتطرّق إلى قلوبنا. لكننا نلاحظ في الحال أنه يوجد أمامنا على بُعد مسافة ما فرعان للطريق، وفي كل فرع أشباح لكائنات بشرية.
وإذ نسرع نحو هذه الكائنات البشرية، نكتشف أنه يوجد في فرع منهما إنسان في زيّ حارس من حراس الغابة واقفاً في مكانه وهو بادي الصحة والحيوية، وفي الفرع الآخر من الطريق نرى إنساناً ملقى على وجهه ميتاً.
ترى أي من الاثنين نطلب منه أن يدلنا على الطريق؟ إننا بلا جدال سوف نطلب من الإنسان الحيّ.
حينما يتعلّق الموضوع بالأمور الأبدية، فإننا نطلب من الحي أن يخرجنا من المأزق الذي نحن فيه. ومَنْ غير الرب يسوع المسيح يستطيع أن يقوم بهذا الأمر؟!!
إنه الوحيد الحيّ والذي قام من الأموات، وأثبت بالدليل القاطع على أنه ابن الله (رومية 4:1)، وأنه الطريق الوحيد الذي به يمكن للإنسان أن تكون له علاقة شخصية مع الله الحيّ الحقيقي.