كانون الأول (ديسمبر) 2007
رغم الليل الحالك الظلام وبرده القارس والثلوج المتساقطة، أمسكت المرأة بيدَي طفليها الصغيرين، وساروا في طريقهم للكنيسة لحضور حفلة عيد الميلاد. أما زوجها فبقي في البيت، إذ لم يكن يؤمن قط إلا بما تراه عيناه ويقرّه المنطق... وبينما هو يتمتّع بالدفء ويراقب العواصف والبساط الأبيض في الخارج... أخذ يفكر بسخافة أولئك الذين يترددون على الكنيسة للاحتفال بميلاد طفل وديع يدعونه الله المتجسد.
وإذ به يسمع ضربات اصطدام شيء ما بباب بيته، فاهتم بالأمر وفتح الباب، فوجد عصفوراً يصارع الموت عند عتبة البيت... أمسك به ونظر حوله فرأى سرباً من الطيور الشقية تبحث عن خلاص من البرد القارس وعن ملجأ من قسوة الثلج، فأخذ العصفور المسكين وأشار بيديه لسرب الطيور أن يتبعه إلى حظيرة الحيوانات التي بجوار البيت. ولكن ما من جدوى، فهي لا تفهم إشاراته ولا تعرف لغته، فدخل إلى البيت وأتى ببعض الطعام ووزعه في الطريق إلى الحظيرة، ولكن جهوده ذهبت عبثاً، هذا وبعد أن استنفذ كل ما بوسعه عمله ولم يفلح، التفت إلى سرب الطيور وقال: "ليتني كنت واحداً منكم لأرشدكم للملجأ وأخلصكم". وهنا افتكر كلمات زوجته المحبوبة، كيف أن الله صار كواحد منا لكي يخلصنا ويكون لنا الملجأ، فلم تكن هناك أية طريقة أخرى للخلاص، إلا أن يتجسد الله في وسطنا بشخص عمانوئيل، ربنا يسوع المسيح، ويعيش بيننا، مجرَّباً في كل شيء مثلنا ولكن بلا خطية.
وقبل أن تنتهي احتفالات الميلاد في الليلة ذاتها ترك بيته مسرعاً في اتجاه الكنيسة، وعندما دخلها جلس إلى جانب زوجته ممسكاً بيدها وقائلاً: "كان لزاماً أن يصير الله كواحد منا ليخلصنا".
وسمع الواعظ يختم كلمته بقوله: "لقد بشّر ملاك الرب الرعاة بفرح عظيم، قائلاً: "إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لوقا 11:2).
لقد اعتقد اليهود أن المسيا سيأتي ليخلصهم من عبودية الرومان، أما طفل المغارة - الرب يسوع - فقد جاء ليخلصنا من عبودية ذواتنا، من سلطة الخطية ونتائجها، أتى لكي يحررنا من عقاب خطايانا ويعطينا بالإيمان به حياة أبدية، جاء لينزع البؤس والشقاء، الخوف والقلق.
لقد وُلد الرب يسوع في مغارة حقيرة تاركاً أمجاد السماء. رضي وهو الإله أن يأخذ صورة عبد ويعيش بيننا ولأجلنا... ليحررنا من الخطية وعبودية إبليس اللعين، ويعطينا الحياة الأفضل، الحياة الأبدية. وقد تمم ذلك بميلاده العجيب ومن ثمّ بموته الكفاريّ على الصليب لأجلنا، لنؤمن به وننال الحياة الأبدية العتيدة.
وُلد المسيح بيننا لكي يموت لأجلنا ويخلصنا، أفلا تُقبِل لمن رنمت لميلاده ملائكة السماء قائلة: ”المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة". أوَلا تَقبَل من قال عنه الآب أنه الابن الحبيب، الذي به سررت؟! ألا تسرع ليسوع الوديع الذي يدعو قائلاً: "تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيليّ الأحمال وأنا أريحكم. إحملوا نيري عليكم وتعلموا مني. لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم، لأن نيري هيّن وحملي خفيف" (متى 28:11-30).
الرب يسوع ينتظرك أن تأخذ موقفاً بشأنه في حياتك فهو يقول: "هأنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي"
(رؤيا 20:3).
فليتك أيها الأخ ترفع صلاة صادقة إلى طفل المغارة الوديع، الإله المتجسد، وتسلم ذاتك لعنايته المباركة، قائلاً: "أيها الرب يسوع، إني آتي إليك معترفاً بخطاياي، وبعدم استحقاقي، ولكني ألقي بذاتي على رحمتك الكبيرة، ومحبتك العجيبة، وأطرح نفسي عند صليبك مؤمناً بك رباً وفادياً ومخلصاً شخصياً لي وواثقاً بوعدك، فإني أدعوك يا طفل المغارة أن تسكن قلبي الحقير، وتجعل منه عرشاً لك وتكون ملكاً ورباً والهاً لحياتي. آمين."
تعال بيننا... أقم عندنا...
وخذ من قلوبنا... لك مسكنا