Voice of Preaching the Gospel

vopg

كانون الأول (ديسمبر) 2007

مولود بيت لحم، من هو هذا؟ ما هويته؟ من أين جاء؟ ولماذا جاء؟ وماذا يريد منا أن نفعله؟

نقدم لقرائنا الكرام هذا البحث في حلقة مميزة نحاول فيها أن نطرح أكثر من تساؤل، نهدف بها أن نصل إلى حل لغزٍ محيّرٍ يختلج في أذهان الملايين من البشر عبر التاريخ. واللغز يتعلق بهوية المسيح ومن ترى يكون؟ أهو مجرّد نبي كريم جاء وعبر وانتهت مهمته وانطوت الصفحة بين أوراق التاريخ كغيره ممن سبقوه، أم هو مخلوق ملائكي حلَّ بيننا لمهمة ما قام بها ثم غاب ورحل؟ أم أنه كان إنساناً عادياً امتلك قدرة على صنع المعجزات أذهل بها الناس ممن  حوله  فعظّموه وألّهوه! أم ماذا؟  

 

 ونحن نتساءل مع من يهمه الأمر، ويستمر التساؤل يبحث عن حلٍّ للغزٍ حائرٍ يحتاج إلى توضيح:

لا شك أن الدارس المدقِّق في مثل هذا البحث يلاحظ أن التميز يحيط بالمسيح بدءاً من لحظة ميلاده المعجزي حتى لحظة انطلاقه إلى السماء وغيابه عن هذه الأرض. بل إن التميُّز الذي لازمه في حياته على الأرض ما زال يلازمه حتى بعد أن غاب عنا ورحل! لأن المسيح الذي غاب عن عالم المنظور قبل ألفي عام ما زال يعمل في التاريخ وسيعود ثانيةً لهذه الأرض بنفس الهيئة التي عاش فيها وانطلق. 

ونتساءل: أي مخلوقٍ في الدنيا غاب عن عالمنا إلى المجهول ثم عاد حياً بعد طول غياب يصل حتى اليوم إلى ألفي عام؟!

سؤال يستحق الوقوف عنده والتأمل به!

ولا بد من التنويه هنا أن البحث في لغز ديني محير كهذا قد يقف المرء عنده لثوانٍ معدودات، وعندما لا يجد سبيلاً لكشف عمّا ورائه يتجاهله ويعرض عنه ويكتفي بالقول: الله أعلم.. وبهذا يغلق على نفسه باب البحث. ونحن نرى أن الله منذ أن بدأ بإنزال الوحي قبل آلاف السنين حاور الإنسان، فأعطاه وأخذ منه، وأراد للمؤمن أن يبني إيمانه على وعي وعلمٍ صحيحين، وإلا فما معنى وجود الوعاظ والمفسرين في بيوت الله، أليس لتوعية الناس وإزالة الغموض عن الأذهان؟!

ولكي نعطي هذا البحث حقه سأطرح على قرائي الكرام ثمانية من التساؤلات، وكلها يدور حول شخصية المسيح. وكل تساؤلٍ منها يشدّ القارئ ويشجعه للبحث عن الحقيقة، وسنسهم معه في لقاءات قادمة في محاولة لإزالة الغموض والوصول إلى الحقيقة الصارخة.

1- لماذا تميَّز المسيح بولادته من عذراء؟ علماً بأن الولادة العذراوية لم تكن معلنة للجماهير بل بقيت سراً في طيّ الكتمان لأكثر من نصف قرن فلم يتحدّث بها أحد طوال حياة المسيح على الأرض، وبقيت هكذا إلى أن نطق الوحي على أفواه رسل المسيح وكتبوا الإنجيل. والشواهد على هذا كثيرة، منها ما جاء في الأصحاح الثالث عشر من إنجيل متى حين وقف المسيح يعظ في مجمع لليهود، في مدينة الناصرة التي فيها نشأ وعاش، فذهل سامعوه من أهل مدينته بفصاحته وعلمه، وتساءلوا قائلين: من أين لهذا هذه الحكمة؟ أليس هذا ابن النجار؟ وأمه مريم؟

2- لماذا تميّز المسيح بصنع المعجزات الهائلات على أنواعها، ومنها معرفة الغيب، وإحياء الموتى، وشفاء العمي، والبرص والصم والخرس، ومنها انتهار البحر الهائج، والريح العاصفة لتسكن، فيهدأ البحر وتسكت الريح طوعاً لأمره، ومنها إطعام الآلاف من الناس بخمسة أرغفة وسمكتين كان يحملهما صبي، فيشبع الجميع ويفضل عنها اثنتي عشرة قفة؟!

3-  لماذا تميز المسيح بأن أشار إليه جميع من سبقه من أنبياء، فذكروا اسمه الصريح بوضوح، وتنبأوا عن ولادته من عذراء، وعينوا مكان ولادته في بيت لحم، وأشاروا إلى هدف رسالته لفداء الشعوب، وأكدوا على أنه سيُصلب مثقوب اليدين والرجلين، وأنبأوا أن بعد موته سيقوم من قبره بعدم فساد؟!

4- لماذا تميز المسيح بأن عاش ثلاثاً وثلاثين سنة ولم يتزوج، ولم يمتلك بيتاً، ولم يقتنِ شيئاً من حطام الدنيا؟ فحتى القبر الذي دُفن فيه كان قبراً مستعاراً، والجحش الذي امتطاه يوماً كان للغير، والخبزات الخمس التي أشبع بها الآلاف قدّمها له صبي صغير كان بين الجموع.

لماذا تميّز المسيح فما تزوج خلافاً لسائر أنبياء الله؟ فبعضهم تزوج بأكثر من امرأة، واقتنى أكثر من زوجة كإبراهيم ويعقوب أبو الأسباط، وداود وغيرهم؟!

5- كلنا يعلم أن سلطان الموت يطال جميع الناس، فنحن جُبلنا من تراب وإلى تراب تعود أجسادنا. صحيح أن الأنبياء وكل الأتقياء الموتى هم أحياءٌ عند ربهم يرزقون، لكن أجسادهم مدفونةٌ في التراب. فإن كان المسيح مخلوقاً بشرياً، أين استقر جسده الذي عاش فيه قبل ألفي عام؟ هل تحلل جسده في التراب كغيره من الأنبياء ومن عظماء التاريخ أم ماذا؟ فها هو قبر المسيح في مدينة القدس يزوره الحجاج من كل شعوب الأرض، فالقبر فارغ مكشوف للعيان، وله أرضية صخرية نظيفة لا تحوي رفاةً لميت. وكأن القبر الصامت هناك يرفع الصوت وينادي لشعوب الأرض ليشهد بأن صاحب القبر ليس فيه. فما سر هذا التميز يا ترى؟! فطالما أن الجسد ليس في قبره، أين استقر إذاً؟ هل هو في السماء؟ ولماذا يتميز المسيح في هذا من دون غيره؟

سؤال آخر نطرحه أمام القارئ الكريم ليتأمل به لعله يجد ما يزيل الغموض.

6- كلنا يعلم أن المسيح عاش حياته كغيره في فترة زمنية محددة نادى خلالها وبشر وصنع ما صنع من معجزات، ثم انتهت وغاب عن الساحة.. فالبقاء لله وحده، وليس من إنسان خالد على وجه الأرض.

إنما السؤال الذي يطرح نفسه:

كيف سيعود المسيح إلى هذه الأرض ثانيةً؟ فأين كان إذاً خلال فترة الغياب الطويلة البالغة حتى الآن 2000 عام؟  فالأموات لا يعودون ولا يتنقّلون بل هم في قبورهم هاجعون إلى يوم القيامة، أما هو فإن عاد فهو حي، إذاً خلال كل فترة غيابه الطويل، كيف وكيف وكيف؟ ما السر في هذا ولماذا يتميز هو وحده بهذا العجب فوق كل ما تميز به عن سائر الأنبياء والمرسلين؟ فمن ترى يكون هذا الذي ينتقل بين السماء والأرض بهذا اليسر؟ وبين الرحلة والأخرى ألفي عام أو يزيد!

هل من سر كامن وراء هذا له علاقة بهوية هذا الكائن العجيب الذي يُدعى المسيح!؟

هذا السؤال نتركه أيضاً في مرمى القارئ الكريم ليتأمل به في خلوته لعلنا نلتقي معه على كلمة سواء، ويزول الغموض!

7- معروف لدينا أن التقويم الميلادي تقويم عالمي لكل شعوب الأرض، فميلاد المسيح اعتُبر النقطة المركزية التي تدور في فلكها تواريخ الأحداث وتوالي الأيام والسنين لدى جميع الشعوب، وحتى الأحداث التي سبقت ميلاده لسنين عديدة شملها التقويم الميلادي برعايته، ويشير إليها بسنة كذا وكذا قبل الميلاد. بمعنى أن التاريخ كله من بدء الخليقة أصبح مشمولاً تحت مظلة التقويم الميلادي. والتقاويم عادةً تنشأ لدى الشعوب بعد حدثٍ تاريخي هام يصطلحون عليه كنقطة البدء في تاريخ مسيرتهم، إنما السؤال الآن: ما سر اتفاق شعوب الأرض على اختلاف معتقداتهم، وحضاراتهم، ونظمهم السياسية بقبول التقويم الميلادي ليكون تقويماً عالمياً لكافة سكان الأرض. وبعلمنا لم يسجل التاريخ أي جدلٍ حول هذا الموضوع بل إن الأمر جرى تلقائياً دون جهد أو مداخلة أو ضغط سياسي أو ديني من أحد؟!!

إنما السؤال: لماذا تميَّز المسيح بهذا في نظر كافة الشعوب حتى أجمعت على أن حدث ميلاده هو الأهم بين أحداث الدنيا ليبدأ التقويم العالمي به.. وشعوب الأرض عادة لا تتفق على رأي واحد في أي بحث.

أم كان ذلك منها اعترافاً عفوياً يؤكد ما للمسيح من تميز فاق الوصف! وأن المسيح لا يخص المسيحيين وحدهم بل إن المسيح لكل الشعوب!

8- كلنا يعلم أن رسالة المسيح كانت رسالة سلام مميزة لم ينادِ بمثلها أحد لا قبله ولا بعده، فالمسيح علّم أتباعه البعد عن التشاحن والعنف، والخصام والحروب. ودعاهم أن يسامحوا ويتسامحوا مع جميع الناس حتى ولو اختلفوا عنهم في الرأي أو الدين أو العقيدة. كما أدان المسيح أدوات الحرب وأساليب الانتقام بكلمات قوية فقال: ”أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم“. وقال: ”رد سيفك إلى غمده، من يأخذ بالسيف بالسيف يؤخذ“.

إنما السؤال الآن: فالمسيح الذي نادى بهذا... كيف انتشرت ديانته في العالم دون أن يدعمها سيف أو رمح، أو مدفع حتى صارت المسيحية الدين الأوسع انتشاراً بين شعوب الأرض؟.. علماً أن الشعوب التي دخلت المسيحية، دخلتها براحتها دون تهديدٍ أو وعيدٍ..

وكيف قضت المسيحية على آلهة الشعوب الوثنية دون حربٍ أو قتالٍ أو إذلال! ألا يشكل هذا مؤشراً يدعو للدهشة والتساؤل ويدعو للبحث في من ترى يكون المسيح؟

لاحظ معي قارئي الكريم أن المسيحية لم تعظم المسيح اجتهاداً منها، أو اعتماداً على استنتاج بسبب ما تفرّد به المسيح من عجب. فالمسيحية لم تضع إكليلاً على رأس المسيح ليس له، ولم تزينه بتاجٍ لا يستحقه! إنما نحن آمنا بما أوحي إلينا من كلام الحق.

أما ما تميز المسيح به فهذا مثار اعتزازٍ لنا. وهي دون شك داعمة لعناصر الإيمان الذي نحمله. وحين نتحاور مع الغير قد نشير إليها لتساعد الصديق في كشف الستارة عن أمورٍ غابت عنه أو ربما تحاشى الخوض فيها لسببٍ أو لآخر، أو لعله أهملها سهواً أو عمداً.

عزيزي القارئ، دعني أخدمك وأجري إلى الله:

عليك بالإنجيل، فهو منارة حق تصقل النفس، الإنجيل يحرر العقل من عقد مستعصية تئن تحتها المجتمعات البشرية ومنها: الجهل، والتعصب، والانغلاق، والكبت، والتطرّف، والتخلّف! وإلى غير ذلك من أمور تشد المجتمعات البشرية إلى الوراء. إنجيل المسيح يحرر العقل ويدعو للسلام.

سلام بين الإنسان وخالقه. وسلام بين الإنسان ونفسه. وسلام بين الإنسان ومَن حوله. والإنجيل يقدم تعاليمه بلغةٍ مهذبة ممتعة لطيفة تأسر القارئ.

المجموعة: 200712

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

445 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11577572