Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران (يونيو) 2007

أرجو أن تقرأ حبقوق 1

1  على مرصدي أقف وعلى الحصن انتصب وأراقب لأرى ماذا يقول لي وماذا أجيب عن شكواي.

2  فأجابني الرب وقال اكتب الرؤيا وانقشها على الألواح لكي يركض قارئها.

 

3  لان الرؤيا بعد إلى الميعاد وفي النهاية تتكلم ولا تكذب. إن توانت فانتظرها لأنها ستأتي إتيانا ولا تتأخر

4  هوذا منتفخة غير مستقيمة نفسه فيه. والبار بإيمانه يحيا.

5  وحقا إن الخمر غادرة. الرجل متكبر ولا يهدأ. الذي قد وسّع نفسه كالهاوية وهو كالموت فلا يشبع بل يجمع إلى نفسه كل الأمم ويضم إلى نفسه جميع الشعوب.

6  فهلا ينطق هؤلاء كلهم بهجو عليه ولغز شماتة به ويقولون ويل للمكثّر ما ليس له.الى متى.وللمثقّل نفسه رهونا.

7  ألا يقوم بغتة مقارضوك ويستيقظ مزعزعوك فتكون غنيمة لهم.

8  لأنك سلبت أمما كثيرة فبقية الشعوب كلها تسلبك لدماء الناس وظلم الأرض والمدينة وجميع الساكنين فيها

9  ويل للمكسب بيته كسبا شريرا ليجعل عشّه في العلو لينجو من كف الشر.

10  تآمرت الخزي لبيتك. ابادة شعوب كثيرة وأنت مخطئ لنفسك.

11  لان الحجر يصرخ من الحائط فيجيبه الجائز من الخشب

12  ويل للباني مدينة بالدماء وللمؤسس قرية بالإثم.

13  أليس من قبل رب الجنود إن الشعوب يتعبون للنار والأمم للباطل يعيون.

14  لان الأرض تمتلئ من معرفة مجد الرب كما تغطي المياه البحر

15  ويل لمن يسقي صاحبه سافحا حموك ومسكرا أيضا للنظر إلى عوراتهم.

16  قد شبعت خزيا عوضا عن المجد.فاشرب أنت أيضا واكشف غرلتك. تدور إليك كاس يمين الرب. وقياء الخزي على مجدك.

17  لان ظلم لبنان يغطيك واغتصاب البهائم الذي روّعها لأجل دماء الناس وظلم الأرض والمدينة وجميع الساكنين فيها

18  ماذا نفع التمثال المنحوت حتى نحته صانعه أو المسبوك ومعلّم الكذب حتى أن الصانع صنعة يتكل عليها فيصنع أوثانا بكما.

19  ويل للقائل للعود استيقظ وللحجر الأصم انتبه.أهو يعلّم.ها هو مطلي بالذهب والفضة ولا روح البتة في داخله.

20  أما الرب ففي هيكل قدسه. فاسكتي قدامه يا كل الأرض

***********************

كان حبقوق نبياً من أنبياء العهد القديم، ولأنه كان رجلاً تقياً حزن جداً على الشر والفساد الذي انتشر بين شعبه، أي اليهود، قبل الأسر البابلي بحوالي 20 سنة. ولذلك سكب قلبه للرب وقال:

”حتى متى يا رب أدعو وأنت لا تسمع [أي لا تستجيب؟ أصرخ إليك من الظلم وأنت لا تخلّص؟“

ومن هذا نستنتج أنه مراراً توسّل إلى الله ليتداخل فيعاقب الظالم وينصف المظلوم، وأن يحوّل قلوب القضاة ليحكموا بالعدل. ولكنه شعر كأن الله لم يهمه الأمر. فتساءل حبقوق:

”لِمَ تريني إثماً، وتُبْصر جوراً...“؟ وهذا يدل على أن شرور الأمة ضايقته جداً، كما أنه اندهش أن الله يرى الجور، أي الظلم، ولا يعمل شيئاً. وهذه ومثلها أسئلة يسألها الكثيرون في أيامنا هذه، كما في كل العصور، فيقولون: لماذا يسمح الله بهذا الاغتصاب والظلم؟ ولماذا لا يتداخل؟ ليس ذلك فقط، بل يبدو كأن الظالم يفتخر بقدرته، ”وترفع المخاصمة نفسها“. أما عن القوانين والشرائع فكأن لا وجود لها. ”لذلك جمدت الشريعة“ أي أصبح لا تأثير للقانون، وحتى حين تعقد المحكمة جلستها يكون الحكم غير صحيح، وإن كان صحيحاً لا يُنفَّذ وذلك لأن الأشرار لهم السلطة. والصدِّيق كشخص أسير يحيط به الشرير فلا يجد منقِذاً ولا منفَذاً، والنتيجة النهائية هي اعوجاج القضاء. هذه خلاصة الأعداد الأربعة الأولى من كلام حبقوق. وفي الحقيقة هي كلمات لا تنطبق فقط على أيام حبقوق، بل تبدو كأنها تعليق رجل حكيم صالح على الأخبار اليومية، في أيامنا هذه، وفي مجتمعنا هذا، بل في مجتمعات كثيرة حتى في أرقى دول العالم. ما كنا نتعجب لو أن حبقوق كان يتكلم عن الشعوب المحيطة بشعبه، ولكن العجب كل العجب أنه كان يتكلم عن شعب ميّزه إلهه عن الشعوب الوثنية حوله، فأعطاه كلامه ووصاياه الصالحة، وأرسل فيه أنبياء ”مبكراً ومرسلاً“. ولكن كلام الأنبياء وإنذاراتهم وقعت على آذان صماء. ولكن، أليس من العجيب أيضاً أن ينطبق هذا الكلام في أيامنا هذه على شعوب انتشر فيها نور الإنجيل؟! شعوب طبعت ملايين النسخ من الكتاب المقدس، وترجمتها إلى لغات عديدة، وأرسلتها إلى كل أنحاء العالم؟ شعوب أرسلت مرسلين إلى البلاد الوثنية، وبها معاهد لدراسة الكتاب المقدس، وأقام الله فيها معلمين موهوبين ومبشرين كثيرين. كما أن الله كافأ هذه الشعوب التي تُسمّى ”مسيحية“ فباركها مادياً واجتماعياً. ولكن للأسف الشديد انطبق عليها قول موسى: ”سمن يشورون ورفس. سمِنْتَ وغلُظْتَ واكتَسَيتَ شحماً! فرفض الإله الذي عمله. وغَبـِيَ عن صخرة خلاصه“ (تثنية 15:32). وانطبق على هذه الشعوب أيضاً التوبيخ الذي نطق به موسى النبي: ”ألربَّ تكافئون بهذا يا شعباً غبياً غير حكيم“ (تثنية 6:32)؟ تفتخر هذه الشعوب بتقدّمها المذهل في العلم والاختراعات، ولكن الله يصفها بالغباء وعدم الحكمة. وإنه أمر محزن حقاً أن الشعوب المعادية للمسيحية يمكنها أن تشير إلى فساد وخلاعة واستهتار الدول التي فيها الكنائس الفخمة، والتي فيها قد تتحلّى المرأة بصليب من ذهب أو فضة، ولكنها لا تعرف معنى الحشمة... وفي نفس الوقت هي التي منها تأتي الأفلام الخليعة، وكل النجاسات!

هل يسكت الله على هذا كله؟

ومتى قرر الله أن يؤدّب هذه الشعوب التي انحرفت عنه بعد أن دخلها نور الإنجيل، فبماذا أو بمن سيؤدبها؟ الجواب عن هذا هو الدرس الذي يعلّمنا إياه حبقوق.

بعد أن قدّم حبقوق لله شكواه بخصوص الشر المنتشر في مملكة يهوذا، أجابه الرب ابتداء من عدد 5 قائلاً: ”انظروا بين الأمم وأبصروا وتحيّروا حيرة. لأني عامل عملاً في أيامكم لا تصدقون به إن أُخبر به“. واقتبس الرسول بولس هذه العبارة في رحلته التبشيرية الأولى في مجمع اليهود في أنطاكية بيسيدية إذ قال لهم: ”فانظروا لئلا يأتي عليكم ما قيل في الأنبياء [مشيراً إلى كلام حبقوق]، انظروا أيها المتهاونون وتعجّبوا واهلكوا لأنني عملاً أعمل في أيامكم. عملاً لا تصدقون إن أخبركم أحد به“ (أعمال 4:13-31). وكأن الرب يجهّز حبقوق لمفاجأة لم يكن يتوقّعها. ونحن نعلم أن كل ما كُتب هو لإنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور. أما المفاجأة لحبقوق هي أن الله أخبره أنه سيؤدّب شعبه بواسطة الكلدانيين ”الأمة المرّة القاحمة“
(حبقوق 6:1)! ”الكلدانيين“؟! الوثنيون المعروفون بالقسوة والشراسة؟ نعم، سيؤدب شعبه بأمة لا تعرف الله الإله الحقيقي، بل تعبد أصناماً بلا عدد، تعبد ”آلهة الذهب والفضة والنحاس والحديد والخشب والحجر“
(دانيآل 4:5). هذا هو الدرس الخطير الذي يعلمنا إياه حبقوق، فهو لن يؤدبهم بأمة أفضل منهم، أو بأمة لطيفة تظهر الشفقة نحوهم، بل أمة مرّة قاحمة ”السالكة في رحاب الأرض لتمتلك مساكن ليست لها“، أي إنها تغزو الدول لتحتلّها وتأخذ أملاكها. وهذا يطابق ما قاله الرب أيضاً في (حزقيال 24:7): ”فآتي بأشرّ الأمم فيرثون بيوتهم“. ”هي هائلة ومخوفة“. أي إرهابية ”من قِبَل نفسها يخرج حكمها وجلالها“. فهي لا تستشير دولة أخرى ولا تبالي بآراء الشعوب الأخرى، ولا بهيئة الأمم المتحدة، فيقول: ”وخيلها أسرع من النمور وأحدّ من ذئاب المساء“. كما يصف جنودها وشجاعتهم وسرعتهم، فهم ”يأتون من بعيد ويطيرون كالنسر المسرع إلى الأكل“. لا يعرفون العدالة بل ”يأتون كلهم للظلم“، ولا يتراجعون إلى الوراء، بل ”منظر وجوههم إلى قدام“ ويسبون أناساً كعدد الرمل. لا يخافون من ملوك ورؤساء الدول الأخرى. هي أمة تهدم الحصون، ولذلك هي تعبد قوّتها! يا له من وصف يستخدمه الله الآن لتأديب المسيحية الإسمية. فهم لا يخافون الموت بل يحبون الموت كما نحب نحن الحياة.

لا شك أن هذا كله أذهل حبقوق، كما يذهل كثيرين في أيامنا هذه. ولكن حبقوق كان رجل الإيمان. فأدرك أن لله هدفاً حكيماً، فقال: ألست أنت منذ الأزل يا رب إلهي قدوسي. لا نموت؟“ فهو أدرك أن الله لا ينوي أن يفني الشعب كله. ثم قال: ”يا رب للحكم جعلتها. ويا صخر للتأديب أسستها“. أي إن هدف الله هو تأديب شعبه لا إفناؤه. ومع ذلك فقد كان هذا أمراً مؤلماً ومحيّراً فتساءل لماذا ”تصمت حين يبلع الشرير من هو أبرّ منه؟“. ولا شك أن كثيرين في أيامنا هذه يسألون نفس السؤال: لماذا يسمح الله للأشرار أن ينجحوا في شرهم هذا، فيعاملون الناس كما لو كانوا ”كسمك البحر“، يصطادهم الأشرار ويفتخرون بقوتهم، وبقتل الأبرياء؟ ولأن حبقوق وجّه سؤاله للرب، أجابه الرب وعرّفه مصير الكلدانيين. فبعد أن ينتهي الرب من تأديب شعبه، لا بد أن يعاقبهم عقاباً شديداً كما هو واضح في سفر إرميا 50 و51، ومن إشعياء 13 و14. وكل مؤمن يعرف كلمة الله يعرف مصير الإرهابيين الذين يفرحون ويفتخرون بقتل الآخرين. ولا يهمهم إذا ماتوا هم أيضاً بمتفجراتهم في سبيل الغاية والهدف اللذين أمامهم.

لذلك أجاب الرب حبقوق الذي وقف على مرصده ليسمع جواب الرب، ومن ضمن ما قاله له الرب هي تلك العبارة الشهيرة: ”البار بإيمانه يحيا“ (حبقوق 4:2). وهي النصيحة الإلهية لنا إزاء ما يدهشنا في هذه الأيام. شكراً لله الذي لم يتركنا في حيرة إزاء الحوادث الرهيبة التي نسمع عنها يومياً، بل وضّح لنا كل شيء وأعطانا عطية الإيمان حتى يمكننا بالرغم من كل الظروف أن نقول كما قال حبقوق: ”فمع أنه لا يزهر التين، ولا يكون حمل في الكروم. يكذب عمل الزيتونة، والحقول لا تصنع طعاماً، ينقطع الغنم من الحظيرة، ولا بقر في المذاود، فإني أبتهج بالرب وأفرح بإله خلاصي“ (حبقوق 17:3-18)، آمين.

المجموعة: 200706

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

174 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11576806