Voice of Preaching the Gospel

vopg

أيلول (سبتمبر) 2007

هذه الرسالة القصيرة مليئة بدروس ثمينة ومهمة ولا سيما في هذه الأيام الأخيرة التي وقعت قرعتنا فيها. فإني أنصح القارئ العزيز أن يقرأ الرسالة كلها، ثم الآيات 1-7 التي سندرسها في هذه المرة.

 

كان يهوذا كاتب هذه الرسالة منشغلاً بموضوع الخلاص الذي هو نصيب كل مؤمن حقيقي - ربما بمصدر الخلاص وبركاته - ولكن الروح القدس شغله بأمر آخر وأوحى إليه أن يكتب ليحرّض المؤمنين أن يجتهدوا أن يكونوا حريصين بخصوص "الإيمان المسلّم مرة للقديسين". وكلمة "الإيمان" هنا تعني مجموعة التعاليم والحقائق الرئيسية التي هي أساس إيماننا. وهي تشمل لاهوت ربنا يسوع المسيح، وأنه ابن الله الأزلي الذي تجسّد فعلاً ووُلد من العذراء، فكان في نفس الوقت ابن الله وابن الإنسان. ومات على الصليب لا كشهيد بل كبديل ونائب عنا لأننا "كلنا كغنم ضللنا. مِلنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا" (إشعياء 6:53). فهو السبيل الوحيد لخلاص الإنسان. هذا "الإيمان الأقدس" [وهو تعبير لم يرد إلا في هذه الرسالة في عدد 20] يشمل موت المسيح الفدائي كما يشمل قيامته حرفياً بجسده الممجّد، وأنه صعد إلى السماء وسيأتي ثانية. وبعبارة أخرى يشمل كل الحقائق الأساسية الواردة في العهد الجديد من الكتاب المقدس الذي هو كلام الله الموحى به. ولذلك هو معصوم من كل خطأ. كتب يهوذا هذه الرسالة لكي يتمسك المؤمنون في كل العصور بهذا الإيمان الأقدس بكل اجتهاد وحذّر من أي تهاون أو تساهل بخصوص هذا الإيمان. وقوله "المسلّم مرة للقديسين" يعني أنه أُعطي مرة واحدة ولا مجال للإضافة أو الحذف، للتفسير أو التبديل. كما قال أحد المؤمنين: "إن أُتيَ بشيء جديد فهو ليس حقيقياً، وإن كان حقيقياً فهو ليس جديداً".

أما السبب الذي لأجله أوحى الروح القدس ليهوذا بكتابة هذه الرسالة هو أنه دخل خلسة بين المؤمنين أناس مضلِّلون. ومما يدل على أهمية هذا الموضوع هو أن أربعة من كتّاب العهد الجديد أنذرونا بخصوص هؤلاء المعلمين الكذبة، بل إن الرب يسوع المسيح نفسه تكلم عنهم في الموعظة على الجبل فقال: "احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة" (متى 15:7). بل قال إن كثيرين من هؤلاء الكذبة سيعملون معجزات وقوات كثيرة باسم المسيح، لكنه سيقول لهم في ذلك اليوم: "إني لم أعرفكم قط. اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (انظر متى 21:7-23). والأربعة الآخرون هم بولس وبطرس ويوحنا ويهوذا.

فقال بولس في 1 تيموثاوس 1:4-2 "ولكن الروح يقول صريحاً: إنه في الأزمنة الأخيرة يرتدّ قوم عن الإيمان، تابعين أرواحاً مضلّة وتعاليم شياطين، في رياء أقوال كاذبة، موسومة ضمائرهم". وفي 2تيموثاوس 3:4-4 "لأنه سيكون وقت لا يحتملون فيه التعليم الصحيح، بل حسب شهواتهم الخاصة يجمعون لهم معلمين مستحكّة مسامعهم، فيصرفون مسامعهم عن الحق، وينحرفون إلى الخرافات".

والرسول بطرس أيضاً أنذر قائلاً: "سيكون فيكم أيضاً معلمون كذبة، الذي يدسّون بدع هلاك. إذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم، يجلبون على أنفسهم هلاكاً سريعاً. وسيتبع كثيرون تهلكاتهم. الذين بسببهم يُجدَّف على طريق الحق" (2بطرس 2:1-2).

والرسول يوحنا قال: "أيها الأحباء لا تصدقوا كل روح بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله. لأن أنبياء كثيرين قد خرجوا إلى العالم" (1يوحنا 1:4). كل هذا يؤكد لنا خطورة الأمر ويحثّنا على أن نجتهد لأجل الإيمان المسلّم مرة للقديسين. هذا هو الهدف الذي كان أمام يهوذا في كتابة هذه الرسالة.

ويصف الروح القدس هؤلاء المعلمين الكذبة،

أولاً: بأنهم ”فجّار"

 ومع أن "المسيح إذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعيّن لأجل الفجّار" (رومية 6:5)، إلا أن هؤلاء لم يستفيدوا من موت الرب يسوع الفدائي، بل استمروا في فجورهم، لذلك يقول عنهم:

ثانياً: "يحوّلون نعمة إلهنا إلى الدعارة"

وهذا أمر معروف سمعنا عنه كثيراً في الأخبار اليومية، وهو ما سجله لنا التاريخ الكنسي. فكم من أناس أخذوا مكان القيادة وادّعوا أنهم طبقة خاصة فوق الآخرين، ولكنهم انغمسوا في الشر والدعارة.

ثالثاً: ”ينكرون السيد الوحيد“

يقول عنهم أنهم "ينكرون السيد الوحيد: الله وربنا يسوع المسيح" (يهوذا 4). وهذا هو أيضاً ما قاله الرسول بطرس في 2بطرس 1:2 كما رأينا. وهذا الإنكار قد يكون بالكلام أو بالتصرّف أو بالاثنين معاً. فمنهم من لا يعترف بلاهوت المسيح ومن يجعلونه في مستوى الملائكة بالرغم من كل الإعلانات الواردة في الكتاب المقدس عن يسوع المسيح "الكائن على الكل إلهاً مباركاً إلى الأبد. آمين" (رومية 5:9).

بعد هذه المقدمة التي تعلمنا الهدف الذي من أجله أوحى الروح القدس ليهوذا بكتابة هذه الرسالة، يؤكد لنا الوحي المقدس أن الدينونة لا بد أن تقع على هؤلاء الفجار. ولنلاحظ أن الحقائق الواردة في هذه الرسالة تُقَدَّم في صيغة مجموعات ثلاثية. فيذكّرنا بثلاثة دينونات وقعت في الماضي، وهي:

ثلاثة دينونات

أولاً: دينونة غير المؤمنين من بني إسرائيل

 الدينونة التي وقعت على غير المؤمنين من بني إسرائيل، فمع أنهم جميعاً خرجوا من مصر بقيادة موسى النبي وجميعهم عبروا البحر الأحمر كما على اليابسة، إلا أن الرب بعد ذلك "أهلك الذين لم يؤمنوا". وعلّق الرسول بولس على ذلك في كورنثوس الأولى 1:10-5)، وفي عبرانيين 19:3، يقول: "فنرى أنهم لم يقدروا أن يدخلوا [أرض الموعد] لعدم الإيمان". وفي عبرانيين 2:4 "لم تنفع كلمة الخبر أولئك إذ لم تكن ممتزجة بالإيمان في الذي سمعوا". فمع أنهم بحسب الظاهر عبرانيون كالآخرين إلا أن الدينونة وقعت عليهم لعدم إيمانهم، وهو ما لا بدّ أن يحدث لهؤلاء المعلمين الكذبة.

ثانياً: دينونة الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم

"والملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلام" (يهوذا 6). هؤلاء ليسوا الملائكة الذين يتبعون الشيطان. لأن الشيطان وملائكته ليسوا مقيّدين. بل يصفهم الوحي المقدس بأنهم "أجناد الشر الروحية في السماويات" (أفسس12:6). وهم الذين يستخدمهم الشيطان لمحاربة المؤمنين وإيقاعهم في الخطيئة. أما الملائكة الذين ذكرهم يهوذا فهم مقيّدون بقيود أبدية تحت الظلام محفوظين إلى دينونة اليوم العظيم، وذلك لأنهم تركوا مسكنهم. ونحن لا نعرف بالتحديد كيف حدث هذا، ولكن يبدو أنهم أكثر خطورة من الملائكة الأشرار الذين يتبعون إبليس – ولذلك هم مقيّدون.

ثالثاً: دينونة سدوم وعمورة

يذكرنا بالدينونة التي وقعت على سدوم وعمورة والمدن التي حولهما بسبب انتشار الزنا والشذوذ الجنسي كما هو مدوّن في تكوين 19. وبهذه المناسبة نذكر ما قاله حزقيال عن إثم سدوم وعمورة وهو "الكبرياء، والشبع من الخبز وسلام الاطمئنان" وهي ما يتصف بها المجتمع الذي يعتبره الناس مجتمعاً ناجحاً! ولكن الله قال: "إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جداً" (تكوين 20:18). لذلك "جُعلت عبرة مكابدة عقاب نار أبدية". وهذا هو ما ينتظر هذا العالم الحاضر الشرير. ولكن المؤمنين هم غرباء في هذا العالم وقد صاروا شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذي في العالم بالشهوة (2بطرس 4:1). أما هؤلاء المعلمون الكذبة فينطبق عليهم القول: إن "الأمور الحادثة بينهم سراً ذكرها أيضاً قبيح" (أفسس 12:5). بل نقول بكل أسف إن بعض المعلمين الكذبة الآن لا يعملونها سراً بل علناً ويفتخرون بها!

بعد أن أكّد لنا مصير هؤلاء المعلمين الكذبة يخبرنا أكثر عن صفاتهم وأعمالهم. وهذا ما سنتكلم عنه في المرة القادمة، إن شاء الرب وعشنا.

المجموعة: 200709

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

87 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10571702