Voice of Preaching the Gospel

vopg

نيسان (إبريل) 2008

في إحدى الليالي الهادئات استيقظت على حلم جميل، كان أروع ما فيه أنني كنت مستمراً في صلاة بدأت في السهاد وأُكملت في اليقظة، وكانت آنذاك بكلماتٍ لم أكن قد تعوّدت نطقها قبلاً، وبعبارات لست أظن نفسي قادراً بذهني أن أصوغ نظيرها... وكأن غرفة نومي كانت مضاءة بنور، وقلبي كان يطفر فرحاً وقد غمره سلام عجيب...! إنه لاختبار رائع تمنيت لو تكرر كثيراً، فإن حضوراً مهيباً منحني حينها انطباعاً غامراً أوحيَ إليّ بأن للمؤمن آفاقاً جديدة سيختبرها يوماً وبصورة أغنى..

 

بعد ذلك الكشف الجديد أخذت أتأمّل أكثر فأكثر في عناصر الصلاة الموحى بها من الله وقد لخصها الرب يسوع له المجد بكلمات قليلة مركزة جداً في عظته على الجبل:

1- عبارات الحمد والشكر والعرفان نحو الآب القدوس الذي يمتلئ قلبه بالحب والحنان. فالمدخل إلى كل صلاة مرفوعة من القلب هو الشكر لأن القلب المسلّم لقيادة الروح يفيض دائماً بترنيمات الحمد، واللسان ينطق بالتسبيح، فلا تقيّده الظروف ولا تعقله المشاعر الجريحة  أحياناً مهما كانت عقابيل المعاملات الجائرة التي نتعرّض لها من البعيدين ومن المقرّبين وحتى من الأحباب المخلصين. فجميعنا كبشر ضعفاء لا ترقى بنا حياة الجسد إلى روحانية ما فوق الطبيعة؛ ونحن ما برحنا في سجن أعضائنا من اللحم والدم، ومن العصب والعظام؛ فالطبيعة القديمة تظل تطبع بصماتها على تصرفاتنا وتؤلم مشاعرنا الروحية، ولكن لنتذكر دائماً أن معاملات الله هي طيبة من نحونا في كل حين ”هو الصخر الكامل صنيعه. إن جميع سبله عدل. إله أمانة لا جور فيه. صدّيق وعادل هو“ (تثنية 4:32). وحتى لحظة الانعتاق من قفص المادة هذا لنعوِّد نفوسنا على الشكر مهما كانت الظروف.

2- عبارات التعظيم والتمجيد لذلك الاسم المبارك. فتجري على أفواهنا كذلك عبارات الإكبار والإجلال لإلهنا القدير المهوب الذي ليس لعظمته حدود. يصلي المرنم قائلاً: ”باركي يا نفسي الرب. يا رب إلهي قد عظمت جداً. مجداً وجلالاً لبست. اللابس النور كثوب. الباسط السموات كشقة. المسقّف علاليه بالمياه. الجاعل السحاب مركبته. الماشي على أجنحة الريح. الصانع ملائكته رياحاً وخدّامه ناراً ملتهبة“ (مزمور 1:104-4). ويقول إشعياء حينما رأى مجده في الهيكل: ”قدوس قدوس قدوس مجده ملء كل الأرض“. ويصلي آساف: ”اللهم في القدس طريقك. أي إله عظيم مثل الله“
(مزمور 13:77)، وإرميا: ”لا مثل لك يا رب. عظيم أنت وعظيم اسمك في الجبروت“
(إرميا 6:10)، ودانيآل: ”وصليت إلى الرب إلهي واعترفت وقلت: أيها الرب الإله العظيم المهوب حافظ العهد والرحمة لمحبيه وحافظي وصاياه“ (دانيآل 4:9). ويقول المرنّم أيضاً: ”الرب عالٍ فوق كل الأمم. فوق السموات مجده. من مثل الرب إلهنا الساكن في الأعالي؟“ (مزمور 4:113-5). ويقول بولس الرسول: ”ملك الدهور الذي لا يفنى ولا يرى الإله الحكيم وحده له الكرامة والمجد إلى دهر الدهور“ (1تيموثاوس 17:1). وتتصف صلوات جميع الأتقياء بهذه الصفة، فإن الله عظيم، واسمه مجيد، وهو مستحق من كل واحد أن يشيد بعظمته تلك.

3- الإعلان عن أشواق القلب للّقاء المجيد في ملكوته السعيد، حيث تغيب عن المصلي تماماً صورة العالم المنظور وأحاسيس الجسد الملموس وتنصهر الروح هائمة في آفاقٍ فسيحة متحرّرة من أصفاد الضعف والحزن والعياء. وتزدان بأنوار المسيح كل أرجاء السماء. لحظات تضمحل فيها أمجاد الأرض بكل أشكالها وتصغر في ناظريك قيمة الأشياء. ففي ملكوت البر والعدل والسلام سوف تُنسى جميع الأمور الأولى فلا تخطر لك على بال. لذلك تشرئبّ نفوسنا إلى ملكوت صاحب الجلال. والروح والعروس يقولان: تعال. ومن يسمع فليقل: تعال. آمين. تعال أيها الرب يسوع. ليأت ملكوتك.

4- عبارات التسليم والخضوع. شرط التسليم لمشيئته الصالحة هو من أهم مستلزمات الصلاة. كثيراً ما تمتلئ صلواتنا بالتذمّر والأنين ورثاء النفس أحياناً أو حتى الشعور بالإحباط، ”يا إلهي، نفسي منحنية فيّ. لذلك أذكرك من أرض الأردنّ وجبال حرمون. من جبل مصعر غمرٌ ينادي غمراً عند صوت ميازيبك. كل تياراتك ولججك طمت عليّ“ (مزمور 6:42-7). وفي هذه العبارات يقول المرنّم لله أنه يحاول الارتفاع إلى جبال الشركة ولكنه يجد نفسه بين غمار يمّ عظيم متلاطم، أو يعتبر نفسه بحراً من الهموم والمخاوف والمتاعب ينادي بحراً من القوة والدعم والإسناد وقد صارت له الدموع خبزاً نهاراً وليلاً...! أو ربما نقول مع إرميا النبي الباكي:  ”أيضاً حين أصرخ وأستغيث يصدّ صلاتي.. وقد أبعدت عن السلام نفسي. نسيت الخير وقلت بادت ثقتي ورجائي من الرب“ (مراثي 8:3 و17). لكن ما أروع تلك العبارات التي نطق بها بولس في رسالة رومية 35:8-39 لأنه كان قد سلّم بكل خضوع لمشيئة الله الصالحة ”فقال لي تكفيك نعمتي لأن قوتي في الضعف تُكمل. فبكل سرور أفتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحلّ عليّ قوة المسيح... لأني حينما أنا ضعيف فحينئذ أنا قوي“ (2كورنثوس 9:12-10).

5- التماس حاجاتنا وفقاً لرضاه مع إعلان الشعور بالاكتفاء بكل ما تجود به يد القدير من خير ونعمة للنفس والروح والجسد. فإن الذين يطلبون خبز الكفاف من يد الذي له ما في السموات والأرض لا يقللون من قدرة الله على العطاء لأنه حينها سيجزل لهم عطاياه حسب غنى مجده وليس بما نحسبه نحن غنى بل كما هو في نظره هو ”وأما أنتم فاطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه وهذه كلها تُزاد لكم“.

6- توسلات للصفح والغفران: لم يصل أي من البشر يوماً لدرجة الكمال المطلق، فمن هو الذي لا يعثر بالفكر أو القول أو العمل؟ ورغم أننا مبررون على حساب دم المسيح ولكن الطبيعة الفاسدة تبقى فاعلة ما دمنا في جسد الخطية هذا، وإذ قد اغتسلنا بكفارة المسيح لكن لا بد لنا يومياً من غسل الأرجل التي يعتريها الغبار وتدميها أشواك الدرب. ولكن حينما نقول لله اغفر لنا خطايانا لنذكر أن شرطاً لازماً لا بدّ من توفره فينا كي تستجاب صلاتنا وهو أن نغفر نحن أيضاً للمذنبين إلينا.

7- رجاء المعونة والحماية الدائمة: ويا له من رجاء لا يخيب، لأن ”اسم الرب برج حصين يركض إليه الصدّيق ويتمنّع“. فما أكثر صعوبات الأرض وضيقاتها، وما أشدّها حيل إبليس وأدهاها، لكننا نجد في ذلك الذي غلب الشيطان قوة ودعماً لا يزولان ولا يتزعزعان ”وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر“. وقال المرنّم بثقة: ”لأنه يخبئني في مطلته في يوم الشر. يسترني بستر خيمته. والآن يرتفع رأسي على أعدائي حولي فأذبح في خيمته ذبائح الهتاف أغنّي وأرنّم للرب“ (مزمور 5:27-6)؛ و”ليس مثل الله يا يشورون. يركب السحاب في معونتك والغمام في عظمته. الإله القديم ملجأ والأذرع الأبدية من تحت فطرد من قدّامك العدو وقال أهلك“ (تثنية 26:33-27). فنحن نذكر الرب في صلاتنا بكل مواعيده الصادقة وليس لأننا نظن أنه قد نسيها، ولكن لأننا نعلن لنا دوام ثقتنا بها ويقيننا بنوالها.

عزيزي القارئ، يقول الكتاب: ”صلاة البار تقتدر كثيراً في فعلها“، والصلاة المقتدرة هي التي نختبر فيها بهجة الشركة ودفء الشعور بالقرب من ذلك الإله القدير الأمين الذي يسمع دائماً للذين يطلبونه ويصلون إليه بالروح والحق. وإن العبارات المحفوظة والمكررة عن ظهر قلب لا تعطينا ذلك الشعور بل حينما نصلي نكشف للرب قلوبنا فيكشف لنا سرّه. يضمّد الجراح ويعزّي النفس، يغفر الإثم ويطهّر القلب والضمير، يثبّت الحياة ويصلح أمورها.

المجموعة: 200804

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

475 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10471989