كانون الأول (ديسمبر) 2008
ي هدأة الليل وقد نامت العيون وغفت الجفون، آويت بدوري إلى السكون. ولكن لم يغمض لي جفن، فقمت أتطلع إلى السماء، ومن بعيد رأيت نجماً ينظر في خيلاء.. فتذكرت مع الحكماء.. ذلك النجم العظيم البهاء الذي في المشرق أضاء.. لكن، ماذا لو لم يأتِ نجم السماء؟
رحت إلى الكلمة المقدسة ألتمس العون.. فإذا في البدء خلق الله الكون.. وخلق الإنسان ورأى أن كل شيء حسن.. لكن الإنسان انجذب من شهوته فسقط وانقطعت علاقته بالله.. وإذا غضب الله معلن على جميع فجور الناس وإثمهم، وفي نهاية العهد القديم هذه الكلمات: ”لئلا آتي وأضرب الأرض بلعن“. يا إلهي رحمتك!! وذهبت إلى النبوات ألتمس العون، فإذا بالوعد أن نسل المرأة يسحق رأس الحية! لكن، لو لم يأتِ... فمن يسحقها؟ وما كانت النبوات تتم!
ووجدت شرطاً قائماً أنه بدون سفك دم لا تحصل مغفرة.. ومن هو قادر أن يبذل الدم؟!.. ولو لم يأتِ المسيح كفارة للعالم لبقي العالم بدون خلاص وبدون حياة!!
ثم رأيت الإنسانية فإذا ”الجميع زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله. ليس من يصنع صلاحاً ليس ولا واحد“. إنسانية بلا مبادئ ضاع منها الحق.. وطريق الفردوس أمامها مغلق.. انتصر إبليس وساد الظلام في العالم.. سكت صوت النبوة.. وصارت الحياة بلا أغنية بلا سلام!!
اضطربت نفسي داخلي من هول ما رأيت لو لم يأتِ المسيح: غضب الله مُعلن! نبوات لم تتم! أرض مضروبة بلعن! عالم بدون خلاص! إنسانية بلا مبادئ! أبدية بلا رجاء! حياة بدون أغنية، بل ظلام ولا سلام! ومن هول ما تصوّرت سالت دموعي، وأنّت فيّ ضلوعي، وأصبحت كميت. وإذا بيد تمتدّ فترفع وجهي وتقول: تذكَّر رحمة الله ومحبته.. إنه في ملء الزمان جاء قديم الأيام مولوداً في صورة إنسان، والذي لم يعرف خطية صار خطية ليخلص الخطاة! مجداً لك يا إلهي! فإذا الحب قد جاء، وأعلنت بشائر السماء: ”هَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ“. قد أشرق نور عجيب هزم كل سلطان الظلام، وبادت اللعنة، وساد السلام، وهتفت الملائكة: ”المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة“.
لقد جاء.. واسمه يسوع لأنه يخلص شعبه من خطاياهم.. قد جاء.. واسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا.. قد جاء ففتح باب الفردوس لأن الابن قد جاء ليفتح باب الأبدية ويعلن للناس الرجاء والفداء ويقودهم إلى حياة أفضل.
وماذا عنك؟ هل تقبله اليوم مخلصاً لحياتك؟ هل تدخل به في عهد مع الله فتُرفع عنك اللعنة، وتعود العلاقة المفقودة، فتحيا معه في سلام، وتصبح ابناً محبوباً لله، ولك المواعيد والحياة الأبدية؟ وأنت على عتبة العام الجديد، هل تذكر ميلاد المسيح المجيد، فتصبح إنسانًا جديدًا لأنه ”إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديدًا“.