شباط (فبراير) 2008
إن الخطية بحسب تعريف الكتاب المقدس هي التعدي على شرائع الله وأحكامه. وكل من يفعل الخطية يفعل التعدي أيضاً.
لشد ما نتألم إن كان إنسان يتعدى علينا أو على حقّ من حقوقنا، أو يخوننا! ألا يقبح هذا العمل في عيوننا؟ أولا نشعر بدافع لعقابه؟ فإن كنا ونحن ضعفاء وتحت الخطية بعينها نشعر بهذا، فكم بالحري الله القدوس الذي عيناه أطهر من أن تريا الشر والخطية؟ تُرى ألا يتألم؟ ألا يحزّ في نفسه أن يرى مخلوقاته يخطئون أمام عينيه ويعادونه بتعدياتهم على شرائعه وأحكامه؟ فهل يترك القضاء العادل أحد المعتدين على أحكامه دون قصاص؟
عندما يرى الله أن الإنسان الذي خلقه على صورته وشبهه، وأراده أن يكون ابناً صالحاً له يتعدى على أحكامه وشرائعه ويفعل الخطية ويزداد في البعد عنه، لا بد له أن يقاصصه، لأنه إله قدوس وقد لفظ حكمه على الخطية: ”النفس التي تخطئ هي تموت“ (حزقيال 4:18). فبالرغم من كونه إلهاً محباً فهو أيضاً إله عادل ويتقيّد بتنفيذ أحكامه وإلا لبطل كونه إلهاً عادلاً، لكنه يطيل أناته كثيراً على الإنسان ويعطيه فرصة طويلة لكي يتوب ويعود عن ضلاله وخطاياه.
في أيام نوح ظلت أناة الله تنتظر مئة وعشرين سنة على الناس حتى يعودوا عن خطاياهم وتعدياتهم. ولما لم يرجعوا عنها وقد امتلأت الأرض ظلماً منهم، أرسل الله طوفاناً عظيماً فأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء ولم ينج إلا نوح ومن كان معه في الفلك.
وفي أيام لوط عندما امتلأت أرض سدوم وعمورة رجساً وظلماً قال الرب: ”إن صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيتهم قد عظمت جداً“ (تكوين 20:18). ”فأمطر على سدوم وعمورة كبريتاً وناراً من عند الرب من السماء وقلب تلك المدن وكل الدائرة وجميع سكان المدن ونبات الأرض“. لكنه إذ ذكر إبراهيم أنقذ لوطاً البار وابنتيه من وسط الانقلاب.
وهكذا نرى كيف أن الله القدوس يقتصّ من الخطاة والفجار ”لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم، الذين يحجزون الحق بالإثم“ (رومية 18:1).
عندما أخطأ داود النبي أمام الله أرسل له الله ناثان النبي ليبلّغه بحكمه عليه بسبب خطيته، فقال له ناثان: ”لماذا احتقرت كلام الرب لتفعل الشر في عينيه؟ قد قتلت أوريا الحثي بالسيف وأخذت امرأته لك امرأة... والآن لا يفارق السيف بيتك إلى الأبد لأنك احتقرتني... هأنذا أقيم عليك الشر من بيتك“ (2صموئيل 9:12-11).
فإن كان الله لم يعفِ الشعوب في القديم من حكمه العادل والرهيب، بل كان يقتصّ منهم شرّ اقتصاص عندما يعصون أحكامه وشرائعه بارتكابهم الخطية والشر فيهلكهم ويحرقهم ويعمل السيف في بيوتهم، فهل تظنه يعفينا نحن اليوم من جريمة تعدِّينا على شرائعه وأحكامه بارتكابنا الخطية؟ أم أن الله يتغيّر مع تغيُّر الزمان والمكان؟ حاشا! كل شيء يتغيّر ويزول ما عدا الله القدوس لأنه: ”هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد“ وأحكامه لم ولن تتغيّر.
لم يشفق الله على ابنه ولم يعفه من القصاص عندما حمل خطايا البشرية طوعاً لكي يفتدي العالم، ونفذ فيه حكمه العادل على الخطية فأجرع البار كأس غضبه معلقاً إياه على صليب العار. فهل تظنه يشفق علينا نحن الخطاة الأثمة؟ وهل ننتظر منه رحمة إن لم نتب؟ إن كل من يفعل الخطية هو مجرم وشرير في نظر الله، وكلمة الله تقول: ”فسخط وغضب شدة وضيق على كل نفس إنسان يفعل الشر“ (رومية 8:2-9). إننا بارتكابنا الخطية نعادي ونخاصم إلهاً قدوساً وليس بشراً مثلنا. فأين نهرب من غضب ذلك الجالس على العرش ومن يوم دينونته الآتي؟
إن الله - أيها القارئ العزيز - يتأنّى ويطيل أناته كثيراً على الخطاة، وهو لا يريد أن يهلك أناس بل أن يقبل الجميع إلى التوبة. والرسول بولس يقول: ”أم تستهين أيها الإنسان بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة؟“
لنصحُ إذاً ونمتثل بمحبة الله لنا ولطفه وإمهاله ونعود عن ضلالنا. ألا نشعر أننا خطاة وبحاجة إلى المصالحة مع الله قبل فوات الأوان؟ إن الرب يسوع المسيح ينادي الناس الآن لكي يتصالحوا مع الله بواسطة دمه. كما يقول الكتاب المقدس: ”بدون سفك دم لا تحصل مغفرة“ (عبرانيين 22:9)، وأن الوسيط الوحيد بين الله والناس هو الرب يسوع المسيح (1تيموثاوس 5:2).
أدعوك عزيزي القارئ أن تتصالح مع الله الآن وتحصل على غفران خطاياك! اقبَل إذن الرب يسوع مخلصاً شخصياً لحياتك وتب عن خطاياك فتغفر حالاً وتنال الحياة الأبدية.