Voice of Preaching the Gospel

vopg

تموز (يوليو) 2008

وتصل هذه الدولةُ العربية المعنيَّة إلى القمة في الوصاية الذكرية على الجنس اللطيف. وتبقى المرأة رهينةً في قبضة الذكر سواءً كان الأب أو الأخ أو الزوج أو ابن العم أو الابن.

وفي القرن الحادي والعشرين، يظلُّ الحظرُ قائماً لا بل مفروضاً على الأم والزوجة والبنت والأخت إمَّا بحجة الحماية، أو الرعاية أو للحفاظ على العفة والطهارة والنقاء. وكأنِّي بهذه المولودة "أنثى" - كما لا تزال تدعى حتى الآن في بلداننا المتعددة- تعاني نقصاً عقلياً، أو هي القاصرُ الذي لا يمكنُه بلوغُ سنِ الرشد، أو العاجز الذي ليس أهلاً لاتخاذِ أيِّ قرار. ولقد فوجئتُ يوماً حين قالتْ لي إحداهن بأنَّها لا يسمحُ لها الخروجُ مع الأولاد من بلدِها إلا بإذنٍ شرعيٍ من الزوج للسفر إلى الخارج.

 

هذا كان بلدي الذي ترَبيتُ فيه وترعرعتُ في كنَفِه ونشأتُ بين أحضانه. ولمَّا كبرْتُ كان محطَّ افتخاري وموضعَ ثقتي. نعم، حتى العاصمةُ المتحضِّرة التي نشأتُ فيها واعتقدتُ أنَّها تواكب العصر في التقدم والتطور، فوجئتُ بها تحذو هي أيضاً حذوَ بلادٍ أخرى في تضييق الخِناق على المرأة ولو كانتْ أستاذة جامعية أو طبيبة. فحقُّ الذكرِ عليها هو حقُّ الوصاية الشرعية التي لا تنتهي إلا بالموتِ.

وفي هذا الصدد دعتْ منظمةُ حقوق الإنسان هذا البلدَ العربي المعنيَّ إلى وضعِ حدٍّ للنظام الذي يُحظِّرُ على المرأة العملَ أو السفر أو الزواج  وحتى الاستفادة من الخدمات الطبية من دون إذنِ أحد الذكور في أسرتها. وقالت المنظمة في تقرير أصدرتْه مؤخراً: "إنَّ على هذه الدولة اتخاذَ تدابير فورية لتصحيح انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن الوصاية الذكرية. وأضافت المنظمة أنَّه يجب أن تَحترمَ هذه الحكومةُ واجباتها الدوليَّة وتلغي هذا النظام التمييزي القائم. وتَرى المنظمة أنَّ سياسة الوصاية والتمييز ضد المرأة في المملكة، تَحرِمُ النساء من أبسط الحقوق كالدراسة أو السفر أو الزواج أو حتى الحصول على الرعاية الصحية. وأشارت المنظمة بأنََّه على الرغم من أن الحكومة أصدرت تعليماتٍ جديدةً للحدِّ من هذه القيود المفروضة على المرأة، فإنَّ بعضَ المسؤولين لا يتبعون دائماً هذه التعليمات. ولا تزالُ بعض المستشفيات تطلب إذنَ وليِّ الأمر لاستقبال نساء وتقديم خدمات طبية لهنَّ أو لأولادهن أو حتى السماح لهنَّ بمغادرة المستشفى.  ولا تزال المرأة تواجه مشاكلَ لرفع شكوى أو تقديم إفادتها أمام المحكمة من دون ممثّلٍ قانوني. وقالت المسؤولة عن حقوق المرأة للشرق الأوسط  في المنظمة، من غير المعقول أن تُنكرَ الحكومةُ حقَّ النساء في اتخاذ قراراتهن لكنَّها تُحمِّلهنَّ مسؤوليةَ أعمالهن عند سن البلوغ من الناحية الجنائية. وبلوغُ سنِّ الرُّشد في المملكة لا يمنح النساءَ أيَّ حقٍّ بل يُلقي على عاتقهن المزيدَ من المسؤوليات. وعليه لا تتجاهل المملكة القانونَ الدولي بل أيضاً الشرائعَ الدينية في المساواة وأهليَّة المرأة القانونية."

ما رأيكِ عزيزتي القارئة؟ لا بل ما هو رأيكَ عزيزي القارئ؟ وإلامَ يا ترى سيؤولُ إليه شعورُ المرأة الحقيقي إزاء هذه القوانينَ الظالمة في حقِّها وفي حقِّ اللهِ خالقِها وصانعِها الذي منحَها هذه الحقوقَ البسيطةَ في الاختيارِ والعيشِ وممارسةِ المَهام والأعمال، تماماً كالمخلوق الأول آدم؟ فلا عجبَ إذن إنْ هي تصرفت في هذه الأجواء الظالمة تصرفاتٍ جانحةً أو التجأتْ إلى سلوكياتٍ منحرفة تنمُّ عن تمرّدها الداخلي كما نسمع من هنا وهناك.  ولا عجبَ أيضاً أن تنظر هي الأخرى إلى نفسها نظرةَ الاستهتارِ بالنفس، فتردد مع أخرياتٍ كثُر: أنا لا أساوي شيئاً وليست لي قيمةٌ تُذكر. 

ليس في تلك المملكة فقط، بل هناك الكثير من مثيلاتِها في بلادنا العربية اللاتي يلجأن إلى سن القوانين المجحفة في حق الشق الثاني من الإنسانية. وهنَّ بالتالي لا يتصرَّفن من ذاتهن، بل يعكسن أفكار مجتمعاتٍ سالفة، لا بل معتقدات سبقتَهن. وتحضُرني وأنا أكتب هذا الموضوع، صلاةُ يهوديٍّ يقول شاكراً ربَّه: اللهم أشكرك لأنك خلقتني إنساناً وليس حيواناً، ويهودياً وليس أممياً، ورجلاً وليس امرأة. ومن هنا نعرف معاناة المرأة منذ القديم وحتى في عصور الجاهلية حين كانوا يَئِدُون البنات إبَّان ولادتهن. لكنَّ الله الخالقَ للذكر والأنثى هو الله الواحد، الله العادل، الله الذي لا يتغيَّر والذي ليس عندهُ محاباة، ولا تمييز، ويعامل الجميعَ سواء، يريد أنَّ الإنسان يتغير في تفكيره وفي مفاهيمه الخاطئة التي أدخلَها هو ومجتمعه الفاسد على معتقداته وممارساته. ولهذا نرى إلهَ الرحمة والعطف والحنان والمحبة غير المتناهية يتجسَّدُ في عالم البشر في شخص الفادي والمخلص يسوع المسيح لكي يخلِّص وينقذَ ما قد هلك، رجلاً كان أم امرأة دون فرق أو تمييز. ونراه وهو العالِم بآراء تلاميذه من نحوِ المرأة، وبالمفاهيم الخاطئة المطبوعة في أذهانهم، نراه يلقِّنُهم درساً لا بل دروساً عظيمة في قيمة النفس البشرية ليس لأنَّها ذكر أو أنثى، بل لأنها نفحةٌ من روح الله الخالدة، ونسمة من فيهِ. فيلتقي مع السامرية عند بئر يعقوب، ويتكلم إليها على الرغم من أنَّها سامرية، وذاتُ أخلاقٍ رثَّة. لقد قضى معها وقتاً وأخبرها عن ماء الحياة المجاني. تعجَّب التلاميذ عند رجوعهم من القرية بأنَّه أولاً يتكلم مع امرأة، وثانياً امرأة من السامرة. كان التلاميذ منشغلين بأنفسهم، يعيشون في دائرتهم الخاصة، مكبَّلين بقيود ثقافية واجتماعية جعلت منهم مجحِفين في نظرتهم الدونيَّة للمرأة، ومحصورين في  العداء القائم بين اليهود والسامريين.  أما المعلم الصالح، الذي أتى لكي يكون للإنسان بشقيه الرجل والمرأة سواء، حياة وحياة أفضل،  بيَّن لهم بأنَّ هدفه ليس هو الطعام الجسدي الذي ذهبوا لكي يجلبوه من المدينة، بل الطعام الروحي الذي أرسله الله الآب من أجله. لذا قال لهم:  لي طعامٌ آخر لستم تعرفونه أنتم. لقد شبعتْ نفس الرب يسوع عندما قاد نفس السامرية إلى الحق. وراحت هي بدورها تخبر عن المخلص الذي التفت إليها أولاً، وأعتقها ثانياً من حياتها الماضية، ومنحها الغفران الكامل عن خطاياها.

والآن ونحن في القرن الحادي والعشرين نجد أنفسنا لا زلنا مكبَّلين في مفاهيم خاطئة ثقافية واجتماعية قائمة تضع الحواجز والقيود بين شقي الإنسانية. قيود تجعل الإنسان فيها سيداً متسلطاً على شق الإنسانية الآخر. هذا الشق الذي خلقه الله على صورته ومثاله ومنحه عقلاً مبدعاً خلاقاً، وإرادة حرة ليفكّر ويختار ويقرر، هذا الشق أتى يسوع المسيح ليُرجعَ إليه قيمته الحقيقية، هي قيمة نفسه الخالدة. وإزاءَ هذا التحريرِ الفعلي من سلطان الخطية، والرفع من شأنه، ما هي حجة الشق الثاني الذكري أمام الله يا ترى؟ وماذا ستكون حجتنا نحن المؤمنين الذين لا نكترث بحاجة الجميع إلى الطعام الروحي الذي يُحيي النفس وينقذها من عذاب الجحيم؟

وأنتِ سيدتي، حريُّ بك أن تغيِّري نظرتك إلى نفسك المهشمة والمحطّمة، وتعرفي حقيقة قيمتك الغالية مثلما عرفها المخلص والفادي يسوع المسيح. تعالي إليه واقبلي تحريره الفعلي نفساً وروحاً وجسداً من الخطية أولاً، ومن المفاهيم الخاطئة المنتشرة من حولِك أيضاً، وهكذا تصبحين حرة طليقة ولا تعودين رهينة بيد الرجل وأحكامه الجائرة في حقك. لأنه مكتوب: ”إن حرركم الابن [الرب يسوع المسيح] فبالحقيقة تكونون أحراراً“.

المجموعة: 200807

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

141 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10473038