تشرين الأول (أكتوبر) 2008
تعصف بعالمنا اليوم تيارات متعددة وعقائد شتى، وتظهر بين الحين والآخر موجات جديدة تمتاز بغرابة ابتكاراتها وسطحية مفاهيمها، التي لا تلبث أن تنتشر بسرعة هائلة في أوساط الشباب، كتعويض عن الضياع، ولكن... من دون جدوى!
وبإمكاننا أن نتخيل أنفسنا، كأننا نسير في سوق طويل، يعرض فيه كل تاجر بضاعته بشكل منسّق ومنظّم، وقد أحاطها بهالة من الزخارف والأشكال البديعة، محاولاً إبراز حسناتها وإخفاء مساوئها. هذا بالإضافة إلى إعلانات مغرية وجذابة تقنع الإنسان بفائدة البضاعة المعروضة والقصد منها. حينئذ لا بد لنا أن نقف بحيرة متسائلين عن البضاعة الأفضل بالنسبة لنا، وقد نختار إحداها مقنعين نفوسنا أننا وجدنا ضالتنا المنشودة وغرضنا الأسمى.
والأمر الغريب أننا سنصادف في زاوية مهملة من ذلك السوق - إذا كنا جديين في البحث - شخصاً تبدو على محياه ملامح المحبة والتواضع، لا يعرض أية بضاعة لكنه يتحدث فقط إلى المارين بصوت رقيق ناعم، ويَعِدُ وعوداً كبيرة وجيدة للغاية.
أليست هذه صورة مبسطة عن حالة العالم اليوم؟ كل يعرض بضاعته - أي أفكاره وعقائده - بشكل منطقي وجذاب. لكننا في المقابل نجد المسيحية - على عكس كل المذاهب الأخرى - تقدّم شخص الرب يسوع المسيح. فالمسيحية ليست عقيدة وليست فلسفة سامية ولا مبادئ أخلاقية رفيعة، إنها لا تخلو من كل هذه، لكنها في الأساس تستند على حقيقة ملموسة.. الحقيقة المتجسدة في شخص المسيح، والتي تؤكد أنه منقذ الإنسان من براثن الخطية، والمخلص الذي يعطيه حياة روحية جديدة تستمر فيه إلى الأبد.
لا يحتاج إنسان اليوم إلى عقيدة أو تعليم أو فلسفة، فقد نال منها نصيباً وافراً، لكن إنسان اليوم هو بأمسّ الحاجة إلى من يُحدِث فيه التغيير الداخلي العميق، ويجعله إنساناً جديداً يفعل الصلاح وكل ما هو إيجابي وبنّاء، مظهراً الفضائل الإنسانية وعلى رأسها فضيلة المحبة. ولا يوجد سوى ذلك الشخص العجيب الرب يسوع المسيح الذي أعلن بأقواله وبرهن بموته على خشبة الصليب أنه المخلص الوحيد للإنسان.
لقد أكدت التجربة الحية لمئات الألوف لا بل لملايين الأشخاص على مرّ التاريخ، أن شخصية المسيح كانت المحور بالنسبة لهم، والأساس الذي بدّل حياتهم. وهكذا أصبحت هذه حياة مثمرة مطمئنة واثقة بمخلصها ووعوده الثمينة.
إن المسيح يقف اليوم كما كان في القديم، وسط عالم مضطرب يائس، صارخاً بصوت قد تعلو عليه كل أصوات العقائد والمبادئ الأخرى، وقائلاً: ”تعالوا إليّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم“ (متى 28:11). إنه فعلاً نداء تاريخي ومؤثّر يوجّهه المسيح إلى كل إنسان، لأنه لا يوجد إنسان غير متعب، أو إنسان متمتع بالراحة الحقة، فهل تلبّي قارئي العزيز نداء الرب يسوع المسيح وتكون بذلك قد اخترت الاختيار الصحيح؟ أم أنك ستستمر تبحث وراء السراب عن مبادئ وعقائد لا حياة فيها؟