شباط February 2010
"لأنكم لم تعبروا هذا الطريق من قبل" (يشوع 4:3).
اننا نقف على أعتاب هذا العام الجديد وفي أفكارنا علامة استفهام عما يخبئه لنا المستقبل من أحداث، ولسان حالنا يقول: "إننا لم نعبر هذا الطريق من قبل".
لقد أمر الرب الشعب القديم بأن يجعلوا تابوت عهد الرب - الذي هو رمز للرب يسوع المسيح - يسير أمامهم في المقدمة وهم يسيرون وراءه... والآن يصل الشعب الى مكان لم يعبروه من قبل!!!
وكم نحن في ابتداء هذه السنة نحتاج الى أن يسير الرب أمامنا ويرشدنا كما وعدنا لأنه هو الراعي الذي يُخرج خرافه الخاصة ويذهب أمامها والخراف تتبعه لأنها تعرف صوته.
لقد قال أحد المؤمنين الأفاضل: "أنا لا أعلم ما يخبئه لي المستقبل ولكن أعلم الذي يضمن لي المستقبل".
يا لها من حكمة ومحبة عظيمة! كيف أن الله قد أخفى عن عيوننا الحوادث التي ستتم في المستقبل، لأننا لو عرفنا ذلك لأصبحت الحياة صعبة جداً وغير محتملة، لذلك طلب منا أن نتكل عليه، ونسلمه زمام حياتنا.
"لأَنَّهُ قَالَ: لاَ أُهْمِلُكَ وَلاَ أَتْرُكُكَ حَتَّى إِنَّنَا نَقُولُ وَاثِقِينَ: الرَّبُّ مُعِينٌ لِي فَلاَ أَخَافُ. مَاذَا يَصْنَعُ بِي إِنْسَانٌ؟" (عبرانيين 5:13-6).
لقد وعدنا الرب أن لا يتخلّى عنا، وكما أنه لم يتخلّ عنا في الماضي فإنه لن يتخلى عنا في المستقبل، لأن أمانته دائمة، ورحمته الى دور فدور. فلنلقِ رجاءنا عليه واثقين بأنه لا ولن يتركنا، ولكنه يريد منا أن نضعه في مقدمة حياتنا، وأن لا نحوّل أنظارنا عنه، ولا نطلب معيناً سواه، لأنه هو كل شيء بالنسبة لنا، ولنقل له كما قال له موسى النبي: "إن لم يسر وجهك أمامنا لا تصعدنا من ههنا. فقال له الرب: وجهي يسير أمامك فيريحك".
فالحياة بدون المسيح هي كعروس بلا عريس، وكنهر بلا ماء، وكنهار بلا ضياء. لكن الله أيضاً لعظمة محبته الفائقة قد وعدنا ببعض الأمور المهمة لحياتنا لكي يجعل حياتنا مليئة بالسلام والاطمئنان، فقال على لسان قديسيه:
"وَنَحْنُ نَعْلَمُ [ربما لا نفهم] أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، الَّذِينَ هُمْ مَدْعُوُّونَ حَسَبَ قَصْدِهِ" (رومية 28:8).
"مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ، بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ" (يوحنا 24:5).
"الَّذِي يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالابْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللهِ" (يوحنا 36:3).
"لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ. اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ، وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ الْوَحِيدِ" (يوحنا 16:3-18).
"لأَنَّ الْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ. فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضًا أَنْ يَمُوتَ. وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا".
(رومية 6:5-8)
لقد وعدنا الله بأن كل أمر يخصنا يخصه هو أيضاً، ومن يمسّنا يمس حدقة عينه، وأننا أعزاء جداً في نظره. لذلك عندما تهاجمنا التجارب، ويأتي عدو نفوسنا ليجربنا فيجب أن نتيقن "مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ الأَمْرُ" لأن كل الأشياء تعمل معا لخيرنا ولمجده.
وإن كنت تمرّ في أزمة مالية، فاعلم يقينا بأنه "مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ الأَمْرُ" لأن الرب ربما يريد أن يعلمك درساً لكي تعتمد عليه وتثق بأنه قادر أن يسدّد جميع احتياجك لأن غناه لا يستقصى. وهو الذي وعد أن يهتم بنا بقوله: "أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ!“ لذلك نرنم مع المرنم:
عصفور دورٍ إن سقط يُنسى من الناس فقط
الله لا ينساه قط، فكيف ينساني
وان كنت تعبر في وادي الألم والحزن، فاعلم "مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ الأَمْرُ" لكي يعلمك الرب أن تشعر مع المتألمين الذين هم في ضيق وأنين.
وان خاب أملك في صديق فتحت له قلبك فاعلم "أنه من عند الرب خرج الأمر" وأنه قد سمح بذلك لكي تتعلم أنه يوجد صديق ألزق من الأح فافتح له قلبك واتكل عليه.
واذا افترى عليك أحد بقولٍ أو فعل فاعلم أنه "مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ الأَمْرُ" وأن الله سمح بذلك لكي ”وَيُخْرِجُ مِثْلَ النُّورِ بِرَّكَ، وَحَقَّكَ مِثْلَ الظَّهِيرَةِ“ (مزمور 6:37).
واذا خسرت بعض الأشياء المادية فاعلم "مِنْ عِنْدِ الرَّبِّ خَرَجَ الأَمْرُ" لأنه يريد أن يعلمك لكي تتكل عليه وليس على مالك. لكي يمكنك أن تقول مع حبقوق: "فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ، وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ. يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ، وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَامًا. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ، وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ، فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلهِ خَلاَصِي. اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي، وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَالأَيَائِلِ، وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي" (حبقوق 17:3-19).
اننا نعلم أن كل دقة من دقات قلوبنا تنقلنا بصمت وبكل يقين الى الأبدية. لكن، مع كل هذا "لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ" فلرنم ترنيمة الظفر والانتصار قائلين ومرتلين:
أجهل ما سوف يأتي في الغد أو بعده
فالغد في علم ربي ليس خاف عنده
ليس همي ما يصير من أمور آتيات
همي أن أرضي ربي في الحياة والممات
لست أدري ما يكون من حياتي في الغد
أعلم شيئا يقينا ربي ممسك يدي