شباط February 2010
قال الرب يسوع المسيح كلمة قوية محا بها كلمة ”مستحيل“ من الوجود إذ قال: "كل شيء مستطاع للمؤمن". وبهذا نجد أن هذه الكلمة لم يعد لها مكان إلا في عقول أنصار الهزيمة والتردّد.
يقول علماء الرياضة: إن من المستحيل أن تجد مثلثاً ذي أربعة أضلاع، لأن في هذه الحالة ينقلب إلى مربّع أو مستطيل، أما بقاؤه مثلّثاً فهو من المحال..
فالمستحيل إذاً غير موجود في ذاته.
إن كلمة مستحيل قد تكون نسبية وقد تكون مطلقة. وهي في كلا الحالين تدلّ على استحالة المستحيل... فرؤية الحديد طافياً فوق الماء أو معلّقاً في أجواء الفضاء كانت تُحسب استحالة مادية في نظر أهل القرون الغابرة. لكنها أصبحت شيئاً عادياً في وقتنا الحاضر.
إذاً مستحيل الأمس أصبح ممكناً اليوم، ومستحيل اليوم، قد يصير ممكناً غداً، فالمستحيل هنا بهذا المعنى النسبي قد تمحوه الأيام والسنون.
غير أن كلمة مستحيل ستبقى معنى مطلقاً لا تمحوه الأيام ولا تؤثر فيه السنون. فمن المستحيل أن يصبح المربّع مثلّثاً أو العكس.. ومن المستحيل على الكوشي أن يغيّر جلده، ومن المستحيل على الطائر أن يعيش في قلب البحر.
لكن المسيح تحدّى هذه المستحيلات سواء كانت نسبية أم مطلقة فقال: "غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله".
اعتقد عامة الناس قديماً وبعض علمائهم، أنه من المستحيل أن تكون الأرض كروية، وأن تكون متحرّكة حول الشمس. لكن الكشف العلمي قلب هذه الأوضاع رأساً على عقب وعقباً على رأس.
منذ مدة كان الجراحون يقولون: إنه من المستحيل عليهم أن يجروا جراحة لمريض دون أن يعاني من الألم، غير أن سمبسون أوحى إليه عقله، بأنه يوجد مخدّر ينقذ المريض من آلام الجراحة، فاكتشف الكلوروفورم، وانتقلت الجراحة إلى عالم جديد كله نور ورجاء.
هل من سبيل لمحو المستحيل المطلق؟؟
نعم، ثلاثٌ إذا اقترنت معاً محت بأناملها الرقيقة كلمة مستحيل من سجل الوجود وهي:
شدة الله القادر — صلاة الإنسان المضطرّ — وقوة الإيمان المقتدر
هذه الثلاثة إذا اجتمعت معاً تولدت منهن قوة عجيبة تمحو المستحيل من سجل الوجود.
إن شدة الله القادر، مذخرة في صدر المسيح الحي في السماء.
وصلاة المضطر منبعثة من قلب الإنسان الضعيف الذي يدبّ على سطح الأرض.
ويد الإيمان المقتدر هي حلقة الاتصال بين قوة الله وضعف الإنسان فتخلق من الضعف قوة، ومن اليأس بأساً، ومن الآلام خيراً ورجاء.
في الأصحاح التاسع من إنجيل مرقس قال المسيح: "كل شيء مستطاع للمؤمن". فقد جاء إليه التلاميذ بإنسان به روح نجس، وقد لاقى هذا الإنسان أشدّ أنواع العذاب، من جراء هذا الشيطان الذي احتلّ عقله ونفسه منذ ولادته. وفي نظر الجميع أضحى شفاء هذا الغلام مستحيلاً. لكن قوة المسيح المقتدرة في فعلها قد جعلت هذا المستحيل ممكناً، إذ انتهر المسيح هذا الروح النجس، فخرج في الحال.
ونازفة الدم التي أنفقت كل مالها على الأطباء ولم تنتفع شيئاً، بل صارت إلى حال أسوأ وأضحى شفاؤها مستحيلاً.
وهنا أيضاً أظهر المسيح قدرته العجيبة في تحطيم المستحيل فأعاد إليها صحتها كاملة.
أما العنصر الثاني الذي يلغي المستحيل فهو صلاة الإنسان المضطر. وليس في الوجود شخص أضعف من الإنسان المضطر بل ليس أقوى منه وهو جاثٍ على ركبتيه مصلياً لله. إنه في هذه الحال موضوع فزع الشيطان وخوفه.
إن صلاة الإنسان تعطيه القوة فيقهر المستحيل.
يقول علماء الاقتصاد: إنه من الصعب بل من المستحيل، أن تحيا جماعة كبيرة منظمة، بدون رصيد أو دخل ثابت، لكن صلاة جورج موللر مكّنت آلاف من اليتامى، من أن يعيشوا عيشة رغدة، في أثناء قرن كامل. فأنفقت عليهم ستين مليوناً من الجنيهات، دون أن يكون لهم دخل ثابت وهذا من قوة الصلاة.
والعنصر الثالث الذي يزيل المستحيل هو الإيمان المقتدر، ولا عجب فإن الإيمان هو اليد التي تتناول بركات الله فتغني الفقير بغنى الله الذي لا يُحصى ولا يُعدّ.
وليس من الضروري أن يكون إيماننا عظيماً، ولكن يكفي أن يكون إيماننا سليماً وإن يكن صغيراً مثل حبة الخردل.
قيل لأحد المؤمنين ذات مرة: إن إيمانك عظيم! فأجاب قائلاً: إيماني صغير ولكن إلهي عظيم.
ربي، اكشف لي عن جلال قدرتك... وعلّمني أن اصلي، وزد إيماني، بل أعن عدم إيماني.