Voice of Preaching the Gospel

vopg

أذار March 2011

مزمور 4:149؛ تيطس 10:2؛ 1بطرس 3:3-4

يسعى الناس وراء الجمال، فالشاب الذي يريد أن يتزوج يبحث عن زوجة لها مواصفات خاصة أولها الجمال الشكلي، وأن تكون غنية. وعندما يبحث أحد رجال الأعمال عن سكرتيرة خاصة يضع لها شروطًا معيّنة أولها جمال المنظر والمظهر.

وفي سبيل الوصول إلى الجمال الذي يسعى إليه الناس تحاول الفتيات تجميل أنفسهن باستخدام أدوات تجميل ومساحيق تكلفهن أموالاً طائلة. وكم من أناس كان جمال الوجه سببًا قويًا لمتاعبهم رجالاً كانوا أم نساء. فسارة، بسبب جمالها، كادت أن تفقد زوجها الذي تحبه بكل قلبها. فعندما رآها المصريون امتدحوها لدى فرعون الذي طمع أن يضيفها إلى زوجاته... وجمال يوسف جعل زوجة سيده فوطيفار تطلب منه فعل الشر معها، ولما رفض اتهمته اتهامات كاذبة أودع بسببها السجن. ونقرأ كل يوم عن حوادث الاغتصاب للجميلات... ولا أنسى ما قرأته في بريد الأهرام من وقت قصير قول إحدى السيدات، وهي تعرض مشكلة تطلب لها حلاً بدأتها بأمنية غريبة: ليتني ما كنت جميلة، فجمالي هو سبب شقائي وتعاستي.

ولكن اليوم سأحدثكم عن جمال لن يكون سببًا في شقاء أحد، بل سيكون مبعثًا للأفراح القلبية. هذا هو الجمال الذي يهبه الرب لتابعيه، وسأذكر ثلاثة أدوات للتجميل:

أولاً: الخلاص من الخطية

ثانيًا: تنفيذ التعاليم الإلهية

ثالثًا: النقاوة القلبية

 

أولاً: الخلاص من الخطية

يذكر الوحي المقدس في مزمور 4:149 آية رائعة تقول: "يُجَمِّلُ الْوُدَعَاءَ بِالْخَلاَصِ". الخلاص يجمّل كل إنسان يحصل عليه. يقدم الرب دعوة للبشر أجمعين للحصول على أداة التجميل هذه دون أن يتكلفوا شيئًا. "اِلْتَفِتُوا إِلَيَّ وَاخْلُصُوا يَا جَمِيعَ أَقَاصِي الأَرْضِ". نعم، إن الخلاص ثمين! قال عنه كاتب العبرانيين: "خَلاَصًا هذَا مِقْدَارُهُ"، لكن الإنسان يحصل عليه مجانًا لأن الرب دفع ثمنه على عود الصليب بدمه الطاهر. إن الخطية هي سبب كل قبح، وسبب كل بلاء في العالم. هي سبب بكاء اليتامى والأرامل، وسبب تأوّهات المتألمين، وصراخ المتوجعين، وأنّات المرضى، وهي سبب التشوّهات الناتجة عن الإصابة بأمراض خطيرة.

انظر ماذا فعلت الخطية بمريض بيت حسدا الذي استمرّ مرضه ثماني وثلاثين سنة أضاعت جماله؛ تصدر من جسده الروائح الكريهة الناتجة من صديد قروح الفراش، وهو فاقد الحركة. تركه جميع الأقرباء والأصدقاء، والدليل على أن الخطية هي التي أوصلت هذا الرجل إلى ما كان عليه قبل لقائه بيسوع، قول يسوع له عندما وجده في الهيكل: "هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ".

أخي وأختي، ليخلع كل واحد أسمال خطاياه ويلبس ثياب الخلاص، ثياب العز والجمال، "فَرَحًا أَفْرَحُ بِالرَّبِّ. تَبْتَهِجُ نَفْسِي بِإِلهِي، لأَنَّهُ قَدْ أَلْبَسَنِي ثِيَابَ الْخَلاَصِ. كَسَانِي رِدَاءَ الْبِرِّ، مِثْلَ عَرِيسٍ يَتَزَيَّنُ بِعِمَامَةٍ، وَمِثْلَ عَرُوسٍ تَتَزَيَّنُ بِحُلِيِّهَا" (إشعياء 10:61).

في الصورة التي رسمها لنا الوحي المقدس في الأصحاح السادس عشر من نبوّة حزقيال، نرى تأثير أداة التجميل هذه بأوضح صورة. يذكر لنا صورة رمزية ولكنها تمثل الحقيقة بالكامل.

يصوّر لنا منظر مولودة حديثة طُرِحْتِ عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ بِكَرَاهَةِ نَفْسِها... مَدُوسَةً بِدَمِها، لم تشفق عليها عين، ولم يرقّ عليها قلب، فتُركت دون أن تُغسل بماء أو تقمّط، ولكن عندما مرّ الرب بها وكان زمنها زمن الحب، حمّمها ومسحها بالزيت، وألبسها مطرّزة، وآزرها بالكتان، وكساها بزًّا، وجمّلها جدًا، حتى صارت تصلح لمملكة، وخرج اسمها في الأمم لجمالها الذي كان كاملاً ببهاء الرب الذي جعله عليها. يا لعظمة الخلاص! إنه يبدد كل قبح بجمال حقيقي.

 

ثانيًا: تنفيذ التعاليم الإلهية

الشيء الغريب أن عدم تنفيذ التعاليم الإلهية لا يشوّه الإنسان المتمرّد فقط بل يشوّه التعاليم الإلهية ذاتها. فلنرجع ونقرأ الآية التي ذكرها الرسول بولس في رسالته إلى تيطس: "يُزَيِّنُوا تَعْلِيمَ مُخَلِّصِنَا اللهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ". عندما قرأت هذه الكلمات لأول مرة وقفت أمامها مندهشًا لفترة طويلة، وبدأت أتساءل: أليست وصايا الله جميلة ونقيّة، قال فيها كاتب المزامير: "كَلاَمُ الرَّبِّ كَلاَمٌ نَقِيٌّ، كَفِضَّةٍ مُصَفَّاةٍ فِي بُوطَةٍ فِي الأَرْضِ، مَمْحُوصَةٍ سَبْعَ مَرَّاتٍ"

(مزمور 6:12). والعدد سبعة كما هو معلوم، إنه عدد الكمال. إذًا شريعة الرب وتعاليمه ووصاياه في درجة الكمال المطلق. فهل تحتاج إلى تزيين وتجميل؟! إنها تحتاج أن نظهرها على حقيقتها وبكمال زينتها. ما أكثر الذين يشوّهون جمال التعاليم الإلهية بحياتهم وسلوكهم الذي يتناقض تمامًا مع التعليم. لهؤلاء يقول الوحي الإلهي: "لأَنَّ اسْمَ اللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُمْ بَيْنَ الأُمَمِ". ينظر الناس إلى المواظبين على حضور الاجتماعات، والذين قد لا يفوتهم اجتماع إلا لعذر قهري، لكن حياتهم وسلوكهم يتناقض مع كلمة الله تمامًا. فيقول الناس: "أهذه هي نوع الكنائس؟ انظروا ماذا يفعلون؟ اسمعوا ماذا يقولون؟ وإلى أين يذهبون؟". هؤلاء تشوّهت حياتهم وشوّهوا تعاليم الرب.

لكن من يسيرون حسب كلمة الرب، يرى الناس أعمالهم الحسنة ويمجّدون أباهم الذي في السماوات.

يوصي الوحي المقدس قائلاً: "وَلكِنْ كُونُوا عَامِلِينَ بِالْكَلِمَةِ، لاَ سَامِعِينَ فَقَطْ خَادِعِينَ نُفُوسَكُمْ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ أَحَدٌ سَامِعًا لِلْكَلِمَةِ وَلَيْسَ عَامِلاً، فَذَاكَ يُشْبِهُ رَجُلاً نَاظِرًا وَجْهَ خِلْقَتِهِ فِي مِرْآةٍ، فَإِنَّهُ نَظَرَ ذَاتَهُ وَمَضَى، وَلِلْوَقْتِ نَسِيَ مَا هُوَ. وَلكِنْ مَنِ اطَّلَعَ عَلَى النَّامُوسِ الْكَامِلِ ­ نَامُوسِ الْحُرِّيَّةِ ­ وَثَبَتَ، وَصَارَ لَيْسَ سَامِعًا نَاسِيًا بَلْ عَامِلاً بِالْكَلِمَةِ، فَهذَا يَكُونُ مَغْبُوطًا فِي عَمَلِهِ" (يعقوب 22:1-25).

السلوك بتدقيق يزيّن تعاليم مخلصنا في كل شيء، حتى إن لم يتكلموا بأفواههم، فهم يجمّلون التعاليم الإلهية بجمال حياتهم. طُلب من أحد المسيحيين الأتقياء والذي كان يعمل في مجال التعليم أن لا يتحدّث عن المسيح في المدرسة الوثنية التي كان يعمل فيها، ووافق هذا الرجل التقي على هذا الشرط. وفي نهاية العام اعتنق المسيحية من الطلبة خمسة وأربعون طالبًا. فجاؤوا بهذا المدرس وسأله المسؤولون: ألم توقّع على إقرار بعدم التحدّث عن المسيح للطلبة؟ قال: نعم. فقالوا له: أنت خالفت ما جاء بهذا القرار، ولكنه أكّد أنه لم يخالف ما جاء بالقرار، فإنه فعلاً لم يتحدّث عن المسيح، وقال: حتى اسألوا هؤلاء الطلبة. فلما سألوهم، أجابوا: لم يتحدّث إلينا بفمه ولكن تحدّث إلينا بحياته، ورأينا جمال دينه في حياته.

 

ثالثًا: النقاوة القلبية

"وَلاَ تَكُنْ زِينَتُكُنَّ الزِّينَةَ الْخَارِجِيَّةَ، مِنْ ضَفْرِ الشَّعْرِ وَالتَّحَلِّي بِالذَّهَبِ وَلِبْسِ الثِّيَابِ (الكثيرة الثمن)، بَلْ إِنْسَانَ الْقَلْبِ الْخَفِيَّ فِي الْعَدِيمَةِ الْفَسَادِ، زِينَةَ الرُّوحِ الْوَدِيعِ الْهَادِئِ، الَّذِي هُوَ قُدَّامَ اللهِ كَثِيرُ الثَّمَنِ". ومعنى هذه الآية، أن لا تعتمد المرأة على الزينة الخارجية لإظهار جمالها بضفر الشعر، والتحلّي بالذهب، ولبس الثياب الفاخرة، وإنما لتعتمد الزينة الداخلية ليكون قلبها متزينًا بروح الوداعة والهدوء. هذه هي الزينة التي لا تفنى، وهي غالية الثمن في نظر الله، وبها كانت تتزين النساء التقيات قديمًا. وأرجو أن نلاحظ أن الوداعة والهدوء بدون نقاوة القلب تعتبر تصنّعًا، ولكن الوداعة والهدوء الناتجين عن النقاوة القلبية هما صفتان حقيقيتان. ألم يقل الكتاب إن "اَلْحُسْنُ غِشٌّ وَالْجَمَالُ بَاطِلٌ، أَمَّا الْمَرْأَةُ الْمُتَّقِيَةُ الرَّبَّ فَهِيَ تُمْدَحُ"؟ (أمثال 30:31)

إن الجمال الحقيقي ليس هو جمال الوجه ولا جمال قوام الجسم، لكن الجمال الحقيقي هو جمال القلب، جمال الحياة الروحية المدققة التي أساسها حلول المسيح بالإيمان في القلب.

يا من تطلبون جمال الوجه، اسمعوا ماذا يقول عنه سليمان الحكيم: "خِزَامَةُ ذَهَبٍ فِي فِنْطِيسَةِ خِنْزِيرَةٍ الْمَرْأَةُ الْجَمِيلَةُ الْعَدِيمَةُ الْعَقْلِ".

الجمال الحقيقي هو جمال الحياة الداخلية النقية والطاهرة.

المجموعة: 201103

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

266 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10474603