نيسان April 2011
كان لا بد أن يموت المسيح... فصليبه كان المذبح، وساعته قد جاءت، فثبّت وجهه لينطلق نحو أورشليم معلنًا لتلاميذه أن ابن الإنسان لم يأتِ لينقض ويهلك بل ليخلّص، وأن حبة الحنطة إن لم تقع "فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ".
وقد حاول إبليس أن يبعد المسيح عن الصليب فبدأ على جبل التجربة، ثم كرّر المحاولة بعد التجلي بواسطة بطرس، وفي جثسيماني بالصراع العظيم، لكنه فشل لأن الرب يسوع المسيح ثبّت وجهه ولم يحوّله أحد عن ذلك الصليب.
كان المذبح هو الشيء الوحيد الذي يضفي على ذبائح العهد القديم معنى وقوة وفاعلية حقيقية "لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا". والصليب هو الترتيب الإلهي الوحيد الذي يمكن أن يشطب الخطية ويمحو الدينونة عن كل إنسان يؤمن بموت المسيح في الوقت المحدد. ففيه وحده استوفى الله القدوس حقه "الرَّحْمَةُ وَالْحَقُّ الْتَقَيَا. الْبِرُّ وَالسَّلاَمُ تَلاَثَمَا". لذلك نحن مخلصون ومقدسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرة واحدة، حين سكب على الصليب ما هو أغلى من الذهب، وطُعن بالحربة في جنبه لتنفجر منابع حياته العميقة وتنزل آخر قطرة من دمائه لأجل فدائنا نحن البشر.
وفداء المسيح لا يتعلق بأرواحنا فحسب، بل بأجسادنا أيضًا. فالمسيح افتدى أرواحنا، وهذا يمتّعنا بالتجديد. كما أنه افتدى أجسادنا لنتمتّع بقيامة الأجساد، وهذا جزء من المقتنى الذي دفع المسيح ثمنه بدمه. فالجسد الذي يُزرع في ضعف سيُقام في قوة، والذي يُزرع في هوان سيُقام في مجد على صورة جسد المسيح المُقام.
ولقد قام المسيح ناقضًا أوجاع الموت، ومحطمًا أختام الرومان، ومؤكدًا أنه هو القيامة والحياة، وأن الموت لا يقيّده، والقبر لا يمسكه، والحراس بحرابهم لا يعطلون موكب نصرته. لقد جاءت ساعة القيامة فقام بطل الجلجثة ومخلص البشر قائلاً: "أين شوكتك يا موت. أين غلبتكِ يا هاوية؟".
وما عليك - عزيزي القارئ - أمام هذا الفداء العظيم إلا أن تصرخ وتقول:
يا من متَّ من أجلي وقمتَ منتصرًا، إنني مديون لك في آلامك، وموتك، وقيامتك. أرجوك، زد حبي لك ولخدمتك وثبّت يقيني في قوة قيامتك لأعيش دائمًا في موكب نصرتك، فأكون أمينًا لك طول حياتي وحتى الموت.