Voice of Preaching the Gospel

vopg

نيسان April 2011

استعرض بولس الرسول قضية قيامة المسيح في الأصحاح الخامس عشر من رسالته الأولى إلى كنيسة كورنثوس، وبدأ بالبراهين المؤكدة لحقيقة قيامة المسيح من الأموات، فقال إن أول برهان على قيامة المسيح، أن هذه القيامة كانت إتمامًا لنبوات الأنبياء، ثم انتقل للبرهان الثاني وهو ظهورات المسيح المتعددة لصفا الذي هو بطرس الرسول، ثم للاثني عشر، ثم لأكثر من خمسمئة أخ كان أكثرهم باقيًا عندما كتب رسالته، وآخر الكل ظهر له بعد أن صعد إلى السماء.

 

ومع وجود براهين أخرى كثيرة... كظهور المسيح لتوما الرسول الذي شك في حقيقة قيامته وقال لرفقائه حين أخبروه أن المسيح قام "إِنْ لَمْ أُبْصِرْ فِي يَدَيْهِ أَثَرَ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ إِصْبِعِي فِي أَثَرِ الْمَسَامِيرِ، وَأَضَعْ يَدِي فِي جَنْبِهِ، لاَ أُومِنْ" (يوحنا 25:20).

فظهر له وقال: "هَاتِ إِصْبِعَكَ إِلَى هُنَا وَأَبْصِرْ يَدَيَّ، وَهَاتِ يَدَكَ وَضَعْهَا فِي جَنْبِي، وَلاَ تَكُنْ غَيْرَ مُؤْمِنٍ بَلْ مُؤْمِنًا" (يوحنا 27:20)، وإذ تيقّن توما حقيقة قيامة المسيح هتف قائلاً: "ربي وإلهي" (يوحنا 28:20). ثم ظهوره لتلميذين منطلقين إلى قرية عمواس، وهناك ابتدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يفسر لهما الأمور المختصة به في جميع الكتب (لوقا 27:24). ثم ظهوره لمريم المجدلية ومناداتها باسمها (يوحنا 16:20).

مع كل هذه البراهين القوية التي كان بولس يعرفها فإنه انتقل في حديثه للرد على الذين يقولون "ليس قيامة أموات" (1كورنثوس 12:15)، وسرد الآثار المترتبة على هذا الادعاء الخطير فقال:

"فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ" (1كورنثوس 12:15-14)، لأن المبني على الباطل... باطل.

واستطرد قائلاً: "وَنُوجَدُ نَحْنُ أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ للهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ، فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذًا الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضًا هَلَكُوا!".

(1كورنثوس 15:15-18)

واختتم حديثه بالكلمات: "إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ" (1كورنثوس 19:15-20) ولذا فنحن أسعد جميع الناس.

هذه نتيجة منطقية... قيامة المسيح من الأموات جعلت المؤمنين به أسعد جميع الناس... وهذه هي أسباب سعادة المؤمنين بالمسيح الذي صُلب وقام من الأموات:

 

أولاً: لأنهم تيقنوا من حقيقة تبريرهم

قال بولس الرسول عن المسيح: "الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا".

(رومية 25:4)

والتبرير معناه غفران خطايا المؤمن وسترها، كما يقول داود النبي في المزمور "طُوبَى لِلَّذِي غُفِرَ إِثْمُهُ وَسُتِرَتْ خَطِيَّتُهُ. طُوبَى لِرَجُل لاَ يَحْسِبُ لَهُ الرَّبُّ خَطِيَّةً، وَلاَ فِي رُوحِهِ غِشٌّ" (مزمور 1:32-2).

المؤمنون بالمسيح الذي صلب وقام قد تبرروا وبهذا صاروا في سلام مع الله، "فَإِذْ قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية 1:5).

 

ثانيًا: لأنهم متيقنون من شفاعة المسيح فيهم

"مَنْ هُوَ الَّذِي يَدِينُ؟ اَلْمَسِيحُ هُوَ الَّذِي مَاتَ، بَلْ بِالْحَرِيِّ قَامَ أَيْضًا، الَّذِي هُوَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِ اللهِ، الَّذِي أَيْضًا يَشْفَعُ فِينَا" (رومية 34:8). المسيح الذي قام من الأموات هو الآن جالس عن يمين الله ولذا فهو شفيعنا الوحيد.

كتب يوحنا الرسول للمؤمنين قائلاً: "يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ الْبَارُّ" (1يوحنا 1:2).

ويقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين عن المسيح:

"فَمِنْ ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضًا إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ" (عبرانيين 25:7).

الشفاعة تعني طلب الغفران للمذنبين، وطلب المعونة لهم حتى لا يخطئوا.

والمسيح الحي هو الشفيع الوحيد لأنه مطلق الوجود، يسمع صلوات الذين يطلبوه في كل مكان... ويرتكب خطية من يطلب من أحد القديسين الأموات أن يشفع فيه، لأنه بطلبه الشفاعة من قديس مات يجعله مطلق الوجود مثل المسيح، وفي هذا إساءة كبرى للمسيح.

المسيح هو الشفيع الوحيد، لأنه بموته صار كفارة لخطايانا أي سترًا لهذه الخطايا، وسدّد أجرة الخطية التي هي الموت، وهو جالس عن يمين الله (عبرانيين 12:10). أما غيره من القديسين فهو محدود الوجود لا يستطيع أن يسمع طلبات الذي يطلبونه في مختلف أقطار الأرض، وهو لم يمت ليسدد أجرة الخطية، وقد انتقل إلى مكان لا يقدر أحد من العائشين على الأرض أن يصل إليه. ولا عبرة بما يُقال عن الشفاعة الكفارية والشفاعة التوسّلية.

 

ثالثًا: لأنهم واثقون من رفقة المسيح الحي لهم

قبل أن يصعد المسيح إلى السماء بعد قيامته قال لتلاميذه: "دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآب وَالابْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَعَلِّمُوهُمْ أَنْ يَحْفَظُوا جَمِيعَ مَا أَوْصَيْتُكُمْ بِهِ. وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ" (متى 18:28-20).

ورفقة المسيح للمؤمنين به في كل زمان ومكان تعلن أنه مطلق الوجود. وقد قال في مناسبة أخرى: "لأَنَّهُ حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسْطِهِمْ" (متى 20:18).

ويجدر بنا أن نلاحظ هنا أن المسيح يرافق المؤمنين به في مختلف الظروف "إِذَا اجْتَزْتَ فِي الْمِيَاهِ فَأَنَا مَعَكَ، وَفِي الأَنْهَارِ فَلاَ تَغْمُرُكَ. إِذَا مَشَيْتَ فِي النَّارِ فَلاَ تُلْذَعُ، وَاللَّهِيبُ لاَ يُحْرِقُكَ" (إشعياء 2:43). وتعلن هذه الكلمات المنيرة أن المسيح قد يسمح للمؤمنين بالدخول في مياه الاضطهاد ونيران التجارب والآلام... وهو لا يخرجهم من الأنهار والنار، لكنه يرافقهم فيها.. تمامًا كما رافق شدرخ وميشخ وعبدنغو في الأتون المتقد سبعة أضعاف وشعرة من رؤوسهم لم تحترق (دانيآل 27:3).

وحين يصل المؤمن بالمسيح إلى لحظة الموت، فالمسيح يرافقه كما قال داود النبي: "أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي" (مزمور 4:23).

فهل يوجد أسعد من المؤمنين الواثقين في رفقة الرب لهم؟

 

رابعًا: لأنهم متيقنون من حقيقة قيامتهم ومصيرهم

الإنسان الوحيد المتيقن من حقيقة قيامته، ومصيره الأبدي هو المؤمن إيمانًا قلبيًا بالمسيح الذي صلب ومات وقام.

لقد صوّر بولس الرسول في حياته حقيقة معرفته لمصيره ومكافأته وهو ما زال حيًا، فكتب إلى تيموثاوس يقول: "فَإِنِّي أَنَا الآنَ أُسْكَبُ سَكِيبًا، وَوَقْتُ انْحِلاَلِي قَدْ حَضَرَ. قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا" (2تيموثاوس 6:4-8).

هل هناك أسعد من المؤمن الذي عرف بكل يقين مصيره بعد الموت، ومكافأته في الأبدية؟

 

خامسًا: لأنهم متيقنون من عودة المسيح ثانية إليهم

آخر مشهد صوّره كاتب سفر أعمال الرسل للمسيح، هو مشهد ارتفاعه إلى السماء أمام أعين الرسل الذين اختارهم. تكلم المسيح للرسل قائلاً: "لكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ، وَتَكُونُونَ لِي شُهُودًا فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ.

وَلَمَّا قَالَ هذَا ارْتَفَعَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ. وَأَخَذَتْهُ سَحَابَةٌ عَنْ أَعْيُنِهِمْ. وَفِيمَا كَانُوا يَشْخَصُونَ إِلَى السَّمَاءِ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ، إِذَا رَجُلاَنِ قَدْ وَقَفَا بِهِمْ بِلِبَاسٍ أَبْيَضَ، وَقَالاَ: أَيُّهَا الرِّجَالُ الْجَلِيلِيُّونَ، مَا بَالُكُمْ وَاقِفِينَ تَنْظُرُونَ إِلَى السَّمَاءِ؟ إِنَّ يَسُوعَ هذَا الَّذِي ارْتَفَعَ عَنْكُمْ إِلَى السَّمَاءِ سَيَأْتِي هكَذَا كَمَا رَأَيْتُمُوهُ مُنْطَلِقًا إِلَى السَّمَاءِ" (أعمال 8:1-11).

لقد ارتفع المسيح بنفسه، وسيأتي بنفسه.

وارتفع من فوق جبل الزيتون، وسيأتي ثانية إلى جبل الزيتون (زكريا 4:14).

وارتفع والرسل ينظرونه وسيأتي وتنظره كل عين.

لهذه الأسباب كلها نقول إن المؤمنين بيسوع الذي صلب ومات ودفن وقام هم أسعد جميع الناس

فهل أنت ضمن هؤلاء السعداء؟!

المجموعة: 201104

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

260 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
11578592