Voice of Preaching the Gospel

vopg

نيسان April 2011

وَبَاكِرًا جِدًّا فِي أَوَّلِ الأُسْبُوعِ أَتَيْنَ (النساء) إِلَى الْقَبْرِ إِذْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. وَكُنَّ يَقُلْنَ فِيمَا بَيْنَهُنَّ: مَنْ يُدَحْرِجُ لَنَا الْحَجَرَ عَنْ بَابِ الْقَبْرِ؟" (مرقس 2:16-3).

 

"وَبَعْدَ السَّبْتِ، عِنْدَ فَجْرِ أَوَّلِ الأُسْبُوعِ، جَاءَتْ مَرْيَمُ الْمَجْدَلِيَّةُ وَمَرْيَمُ الأُخْرَى لِتَنْظُرَا الْقَبْرَ. وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ" (متى 1:28-2).

أحداث القيامة مفعمة بالرموز ذات الأبعاد التي تستثير المدارك وتحرّك في القلب المشاعر الروحية لكل من يؤمن بالمسيح. فالقيامة التي شهد لها الكتاب المقدس، وورد ذكرها في بعض الوثائق الرومانية وحتى اليهودية، هي في صُلب الإيمان المسيحي لأن صلبَ المسيح وحده وعدم قيامته لا قيمة لهما في الخطة الإلهية. فليس المسيح هو أوّل من صُلب في العهد الروماني، ولكنه هو أوّل من صُلب وقام من الأموات منتصرًا على الجحيم، وقاضيًا على شوكة الموت، وضامنًا لفداء الإنسان وقيامته في مجيئه الثاني.

ولكن، ماذا يعني لنا الحجر المدحرج؟

لنتأمل في سياق الآيات الواردة أعلاه لندرك مرامي الحجر المدحرج. لقد جاءت النساء باكرًا جدًا في أول الأسبوع إلى القبر، يدور في رؤوسهنّ سؤال خطير: من يدحرج الحجر عن باب القبر؟ وندرك من الاقتباسات الأخرى أنهن قد جئن حاملات الحنوط؛ وكأنهنّ أردن أن يُكمّلن ما لم يتمكّن يوسف الرامي ونيقوديموس من القيام به. علينا أن لا ننسى أن أولئك النسوة كن آخر من غادر تل الجلجثة بعد إنزال المسيح عن خشبة الصليب، أن بعضًا منهن تبعنه إلى حيث وُوري في ضريحه كما ورد في إنجيل متى 61:27. وقد تساءلن حائرات: كيف يمكنهن أن يدلفن إلى القبر المختوم المسدود بحجر هائل يتعذّر عليهنّ زحزحته ولا سيّما أن الحراس الذين عُهد إليهم المحافظة على القبر خوفًا من أن يأتي تلاميذ المسيح ويسرقوا جثمانه، ما برحوا قائمين في مراكزهم. فما العمل؟

عندما نمعن النظر في هذا الموقف ونتساءل: ما الذي دعا أولئك النسوة أن يأتين لزيارة القبر كما يقول إنجيل متى؟ أهي عملية التحنيط التي كانت في حكم المستحيل في تلك الظروف الراهنة؟ لا شك أن ولاءهن للمسيح ومحبتهنّ له، والشعور بالخسارة الفادحة التي مُنِيْنَ بها هي من جملة الدوافع التي حملتهن على زيارة القبر. وفوق ذلك، لا ريب أنهنّ شعرن بخيبة الأمل لأن هذا المسيّا الذي قال عن نفسه أنه ابن الله قد أخفق في إنقاذ نفسه من أيدي أعدائه، فكيف إذن يمكنه أن يحرر الأمة من الحكم الروماني الطاغي؟ لقد رأين فيه المسيّا المنتظر، ولكن ها هو الآن مسجّى في ضريح باردٍ وبموته باد الأمل في استعادة مجد إسرائيل.

ولست أشك لحظة أن صورة القبر والحجر الضخم الذي كان يسدّ مدخله كانا مثار خوف وقلق وإحساس بالخيبة. وإني أرى في هذا الموقف صورة حية لمواقف الكثيرين منا؛ فنحن المؤمنين الذين اختبرنا نعمة الخلاص، ومعاملات الرب معنا، نقف حائرين وضائعين وخائفين عندما تعترضنا العقبات ونفكّر برعب أحيانًا بهذا الحجر الذي يقف حائلاً بيننا وبين المسيح. فأولئك النسوة رغبن في الدخول إلى القبر، ولكن، آه، من هذا الحجر، فمن يدحرجه لهنّ؟ بل هل يأذن الحراس لهن أن يتسلّلن إلى القبر ويكسرن الختم؟

لم يكنّ يتوقّعن المفاجأة التي كانت تنتظرهنّ. فحالما اقتربن من القبر "وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، لأَنَّ مَلاَكَ الرَّبِّ نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ وَجَاءَ وَدَحْرَجَ الْحَجَرَ عَنِ الْبَابِ، وَجَلَسَ عَلَيْهِ"

(متى2:28). يا لها من مفاجأة! إن العقبات الكأداء التي كنّ يتوقعنها أصبحت كلا شيء. الحجر المختوم قد دُحرج، والحراس أمام منظر الملاك (أو الملائكة) البرّاق اعترتهم رعدة رهيبة، وصاروا كالأموات، وليس ذلك فقط، فإن أول ما قاله الملاك للمرأتين: "لاَ تَخَافَا أَنْتُمَا".

عندما يكون قلب المؤمن مشبعًا بالإيمان والاتكال الكامل على الله، فإن الله يعرف أشواق قلبه، ويكتنهُ سرّ قلقه وأحزانه، ويعلم حقيقة مشاكله، فهل يمكن أن يتخلّى عنه؟ لقد جاءت النسوة، من جملة ما جئن إليه، لينظرن القبر، وإذا بالقبر مفتوحًا لهنّ، ولا يوجد أي عائق يحول دون دخولهن إليه. وهكذا أيضًا عندما يتدخّل الله في حياة كل مؤمن ومؤمنة، فإنه يبدّد الظلام وينفي الهموم، ويمهّد العقبات؛ يدحرج الحجر، ويقول: "لا تخف! لأني معك"، وكما تذكرت النساء كلام المسيح لهنّ ولتلاميذه بأن على ابن الإنسان أن يتألم ويُصلب ثم يقوم من بين الأموت في اليوم الثالث، وقد تحقق ذلك في القبر الفارغ، علينا نحن أن نتذكر أيضًا مواعيد الرب يسوع لنا وتعهده بالوقوف إلى جانبنا لمجابهة مشكلات الحياة وأتعابها. إن الله لا يعجز عن شيءٍ بل إنه يجعلنا أن نرى أيضًا كيف تلاشت جميع ضيقاتنا ومصاعبنا حتى تلك التي نظنّ أن لا حلّ لها. وكما جلس الملاك على الحجر رمزًا لزوال العقبة فإن المسيح دائمًا يخضع مشكلاتنا لإرادته ويفك عنّا أثقالنا.

يقول ألِن كول في تفسيره لإنجيل مرقس: "إن القيامة قد بدّدت كل خوفهنّ وهمومهنّ وجعلتها غير ضرورية؛ وما لم يكن في وسعهنّ أن يفعلنه أنفسهنّ، فإن الله كان قد أنجزه. فالقيامة إذًا، هي صورة واضحة لعمل نعمة الله في حياة الفرد". ولإن الله حيّ، فإنه قادر أن يدحرج كل أحجار أو صخور حياتنا الناتئة، ويزيل من دربنا ما يعيق تقدّمنا في الحياة المسيحية.

وكذلك، فإن الحجر المدحرج أيضًا هو رمز لانفتاح العلاقة بين الإنسان والله. فعندما دخلت النساء إلى داخل القبر وهنّ مندهشات، قال لهنّ الملاك: "لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الْحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَاتِ؟ لَيْسَ هُوَ ههُنَا، لكِنَّهُ قَامَ!". إن كلام الملاك وشهادة العيان بفراغ القبر وقيامة المسيح هما من أعمق الحقائق في المسيحية، فمنذ تلك اللحظة إلى الآن ما زال القبر فارغًا، والحجر مدحرجًا، والمسيح جالسًا عن يمين الآب في السماويات يتعامل مع الإنسان بفضل رحمته ونعمته، وهذا مما أفضى على الصليب أروع مغزى من أية حقيقة أخرى. فلأنه حي ولأن جسده لا يمكن أن يرى فسادًا، فإننا نحن أيضًا لدينا اليقين بأن أثقالنا كلها قد حملها، وفداءه قد حررنا من دينونة الخطيئة، وأننا أحياء فيه، وأن الموت، بالنسبة لنا، ليس فناء بل هو انتقال وعبور جسرٍ إلى الضفة الأخرى لأن "مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا". إن هذا التأكيد هو سرّ رجاء المؤمنين في هذه الحياة.

ولكن دعونا ننظر إلى الموضوع من وجهة نظر سلبية. ما الذي كان يمكن أن يحدث لو لم يكن الحجر مدحرجًا، وأن المسيح لم يقم من بين الأموات كما سبق وأنبأ عن نفسه؟ ما هي النتائج الوخيمة التي تسفر عنها هذه قضية المذهلة؟ لا ريب، إن أول ما يخطر ببالنا أن المسيح كان مدّعيًا، وقد خدع تلاميذه وكل من آمن به، وثانيًا، إن جميع النبوءات التي وردت في العهد القديم عنه هي ليست سوى مجموعة أوهام، أو أحلام خائبة. وثالثًا، إننا نحن المؤمنين، قد فقدنا كل أمل بالرجاء والخلاص، وأن موت المسيح الكفاري قد ذهب أدراج الرياح، وأن مثل هذه الحادثة لا بدّ أن تبدّل وجه التاريخ بطريقة سلبية تدعو للرثاء.

ومن ناحية أخرى، لو بقي المسيح دفينًا بين الأموات، وأن باب القبر ظلّ مغلقًا بذلك الحجر الضخم الأصمّ، فإن كل التطلعات الإنسانية الروحية تتلاشى في المجتمع لأن تعاليم المسيح، وقيمه، ودعوته للخلاص، تخلو من القوة القادرة أن تفك أغلال عبودية الإنسان المكبّل بأصفاد الخطيئة. وبالتالي، فإن الحرية التي دعا إليها: "فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الابْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَارًا" تضحي كذبة أخرى من جملة الأكاذيب التي نطق بها المسيح. وعندئذ من يكون الظافر الأعظم في هذه الحالة؟ لا شك هو الشيطان الذي سعى منذ القديم أن يحول دون مجيء المسيح، وإثارة الشك في قدرته على التكفير عن خطيئة الإنسان. وإذ صلب المسيح ومات، ودُفن، فقد ظنّ الشيطان أن خطة الله الأزلية قد تمّ القضاء عليها. ولكن فجأة دُحرج الحجر، وقام المسيح حاملاً راية المجد والظفر. لقد سقطت معاقل إبليس، وفشلت جميع خططه الخبيثة، وأُدرك أن باب التوبة والخلاص قد فُتح إلى الأبد لكل من يُقبل إلى المسيح بالإيمان.

عزيزي القارئ، أي حجر في حياتك ينتصب في وجهك لكي يمنعك من المجيء إلى المسيح القادر على إطلاق سراحك من العبودية؟ اذكر أن المسيح الذي مات من أجلك هو نفسه الذي قال: "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ". وهذه الدعوة موجّهة أيضًا للمؤمنين الذين ما برحوا يرزحون تحت أثقال هموم الدنيا ومتاعبها. إنه يدعوهم إليه لكي يعينهم على حمل مشكلاتهم، وآلامهم، وأحزانهم وضيقاتهم، فهل من مستجيب؟

المجموعة: 201104

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

97 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10560459