Voice of Preaching the Gospel

vopg

نيسان April 2011

كان دين الخطية رهيبًا في استحقاقه، عظيمًا في قيمته، عسرًا في الوفاء به لأن "أجرة الخطية هي موت"،

ومن ذا الذي يستطيع أن يؤدي دين الموت... وماذا يبقى له بعد ذلك؟

 

إن أسهله هو حينما تُغمض العينان، ويتوقف نبض القلب، وتبرد حرارة الجسد، ثم يبدأ بالتفسّخ والفناء - ولكن هناك ما هو أدهى من ذلك وأشدّ هولاً: وهو حينما تطرد النفس من محضر الله وتهوي إلى بحيرة النار المتقدة بالكبريت في عذاب لا يسهل ولا يلين إلى أبد الآبدين. ويا لها من ظلمةٍ لا يؤمل لها انجلاء، ونفيٍ أبديٍّ لا يُتوقّع بعده لقاء.

كان هاجس تلك الغرامة الهائلة التي ألقاها عدل الله المطلق على كاهل الإنسان الخاطئ الذي ناء بذلك الحمل الثقيل، يشغل بال الإله الرؤوف الرحوم من جهة أخرى، فكيف تسمح رحمته وكماله الأدبي بتلك النتيجة الخاسرة، وقد كوّن الإنسان على صورته ومثاله في البَرِّ والحرية والبقاء؟ كانت تجربة الإنسان مع البِرِّ فاشلة، فقد سقط من برّه في جنة عدن، وكانت تجربته مع الحية خادعة، فقد ظنّ أن له الحق بالتصرف كما يشاء ضاربًا بوصايا خالقه عرض الحائط، كما أوحى له الشيطان! أما موضوع الخلود أو البقاء فإن النتيجة المحتومة فيه هي أن يقضي الإنسان الخاطئ طول الأبدية في هاوية العذاب بحيث يكون الفناء والاندثار أقلّ هولاً وأخفّ أثرًا من ذلك المصير.

لكن إعلانات الله الرائعة، التي نطالعها هنا وهناك على صفحات كتب الوحي المقدس، تكشف لنا كيف هيّأ الله في المشورات الأزلية خلاص بني الإنسان بالفداء، الذي صنعه الله بذاته في شخص الأقنوم الثاني في اللاهوت في شخص المسيح المخلص، ليحلّ المعضلة من أساسها ويدفع الغرامة التي يعجز البشر عن دفعها. "فَرَأَى [الله] أَنَّهُ لَيْسَ إِنْسَانٌ، وَتَحَيَّرَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ شَفِيعٌ. فَخَلَّصَتْ ذِرَاعُهُ لِنَفْسِهِ، وَبِرُّهُ هُوَ عَضَدَهُ. فَلَبِسَ الْبِرَّ كَدِرْعٍ، وَخُوذَةَ الْخَلاَصِ عَلَى رَأْسِهِ. وَلَبِسَ ثِيَابَ الانْتِقَامِ كَلِبَاسٍ، وَاكْتَسَى بِالْغَيْرَةِ كَرِدَاءٍ" (إشعياء 16:59-17).

وصرّح أيضًا على لسان النبي هوشع: "مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ الْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ. أَيْنَ أَوْبَاؤُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ شَوْكَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟ تَخْتَفِي النَّدَامَةُ عَنْ عَيْنَيَّ" (هوشع 14:13).

- لطالما تساءل الذين لم يستطيعوا أن يدركوا أساسيات اللاهوت وكمال العدل والرحمة الإلهيين: كيف يلقي الله وزر أناس أشرار على شخص بار لا ذنب له؟ ولماذا لم يتخذ الله الكلي القدرة طريقة أخرى لخلاص البشر؟ وكيف يسمح الله أن يجتاز الابن الإلهي في وضع مهين كذلك الذي حدث في الصليب؟ أليست هنالك عند الله الكلي العظمة والسلطان وسيلة أخرى سوى أن يتحمّل السيد المسيح مغبة ما جنته أيدي البشر الخطاة ليحلّهم من استحقاق قضاء العدل الإلهي ويطلقهم أحرارًا بلا حساب أو عقاب؟

بكل بساطة، كما نفهم من روح كتب الوحي المقدس، أن تلك هي عظمة الحب الإلهي الذي أعلن ذاته "بتجسده" لبني البشر، بعد أن ضلّوا عن طريقه، وتاهوا في برية الذات والبغضاء، وكدّروا بشتى أنواع المآثم جميع موارد الأرض، حتى بلغ صراخ خطاياهم إلى عنان السماء "فَحَزِنَ الرَّبُّ أَنَّهُ عَمِلَ الإِنْسَانَ فِي الأَرْضِ، وَتَأَسَّفَ فِي قَلْبِهِ"، وقرّر بحكم عدله أن يقضي على الجنس البشري كله بالفناء غرقًا، ولكنّ رحمته بقيت تباري عدله فاقام نوحًا رجلاً بارًا في جيله وأمره أن يبني فلكًا لنجاة بقية لئلا يفنى كل بني آدم، فكان الفلك سبب نجاة الذين كانوا بداخله وكان رمزًا للمسيح من حيث اجتيازه بين تيارات الغضب!

ثم توالت الرموز في العليقة المشتعلة، والحية النحاسية، وخيمة الاجتماع مع تجهيزاتها، ورئيس الكهنة، والمذبح، والذبيحة، والدم المرشوش على الأعتاب ليحمي الذين داخل الأبواب... حتى جاء المرموز إليه شخصًا بشريًا بروح إلهي لكي يبذل الجسد الذي اتخذه من البشر لأجل فداء بني البشر فكان "حمل الله الذي يرفع خطية العالم" وتبرهن للعيان من خلال الأمور التالية:

 

1- في تجسده وحياته على الأرض بين بني البشر وما عاناه منهم

لقد تحمّل في جسده ذاك كل ما يمكن أن يكابده إنسان ما لكي يعطي بني الإنسان الثقة والرجاء بالحياة الأفضل في الأبدية بعد أتعاب الأرض وآلامها. فكانت أول غرامة دفعها رب المجد هي أنه شارك الإنسان في كل شيء، فجاء وعاش على الأرض التي لعنت بسبب خطية الإنسان. لقد دخل بين حاجزي الزمن فصار له تاريخ ميلاد يُعيّد له الناس سنويًا، وصار له تاريخ وفاة يذكره العالم في يوم الجمعة العظيمة! وهو الذي "لا بداية أيام له ولا نهاية حياة". ثم قام من الموت بقوة لاهوته.

 

2- لقد ذاق أيضًا مرارة الفقر والاحتياج

فولد ليس في مهد لأفقر الناس بل في مذود للحيوانات لم يملكه قط، ولكنه كان مستعارًا... وفي دخوله الانتصاري إلى أورشليم ركب حمارًا مستعارًا ودُفن عند موته في قبرٍ مستعار!

لقد أجاب مرة الذي طلب أن يتبعه إلى مكان سكناه قائلاً: "لِلثَّعَالِبِ أَوْجِرَةٌ، وَلِطُيُورِ السَّمَاءِ أَوْكَارٌ، وَأَمَّا ابْنُ الإِنْسَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ". كل هذا مع أنه مكتوب عنه قول الآب: "مِنْ قِدَمٍ أَسَّسْتَ الأَرْضَ، وَالسَّمَاوَاتُ هِيَ عَمَلُ يَدَيْكَ" (مزمور 25:102).

 

3- ذاق "له المجد" أتعاب الأرض التي "تنبت شوكًا وحسكًا"

لقد أكل خبزه بعرق وجهه، فعمل نجارًا في البيت الذي احتضنه، وسار ماشيًا على قدميه في تلال وهضاب فلسطين وفي وديانها الوعرة. جلس مرة على بئر السامرة وقد تعب وجاع وعطش، فكان ينتظر امرأة هدّها التعب، وأضناها الجوع والعطش لمعرفة الحق والرجوع إليه. وهو المكتوب عنه أنه يريح التعابى، وهو خبز الحياة، وهو الذي يعطي العطشان من ينبوع ماء الحياة مجانًا.

 

4- لقد حزن مرارًا وليس كما يحزن بنو البشر

كان حزنه عميقًا نابعًأ من قلب إله كامل في حبّه ومشاعره الصادقة. لقد بكى على قبر لعازر لأنه كان ينظر من خلال موت صديقه الجسدي إلى موت البشرية جمعاء. وبكى حين أطل على مدينة أورشليم من سفح جبل الزيتون رغم أن الشعب كان يهتف له بكل فرح وحماس، لأن تلك المدينة لم تعرف زمن افتقادها. أما حزنه في جثسيماني فكان فريدًا من نوعه لم يذقه إنسان قط. لأنه كان حزنًا فدائيًا حتى صار عرقه كقطرات دم ساقطة على الأرض. كل هذا وهو المكتوب عنه أنه "مؤتي الأغاني في الليل"، مانح الفرح والسلام!

 

5- أما عن آلام المسيح وصلبه فحدّث ولا حرج

لقد أحصت النبوات في العهد القديم كل تلك الآلام قبل حدوثها بسنين طويلة. ومنها على سبيل المثال: أنه سيُرفض ويُحتقر (إشعياء3:53)؛ ويقوم ضده شهود زور (مزمور 11:35)؛ وسيُلطم ويُتفل على وجهه (إشعياء 6:50)؛ وأنه سيُجلد (مزمور 3:129)؛ وأنه سيُهزأ به ويُهان (مزمور 6:22 و8)؛ وأنه ستُثقب يداه وقدماه (مزمور 16:22)؛ وأن جنبه سيُطعن بحربة (زكريا 10:12)؛ وغيرها كثير، وقد تحققت جميعها بشكل دقيق مدهش!

لقد ذاق المسيح كل أنواع الألم النفسي والجسدي من أجل خطايانا لكي يحقق الله بذلك "وهو الحكيم القدير" كل عدالة السماء، فيجري رحمته على الخطاة دون أن يجرح عدله المطلق. فحمل المسيح في جسده أثقال الغضب الإلهي بديلاً عني وعنك - أيها القارئ الكريم. وقد عبّرت عن هذه البدلية مقولة نبوة إشعياء القائلة: "تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ، وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا"، أي أن كل التأديب الإلهي الذي كان سيقع على بني البشر - بسبب خطاياهم وليس لهم طاقة على احتماله لأنه سينتهي بالموت الأبدي - حمله المسيح في جسده ذاك الذي مات، ولكنه قام بقوة لاهوته لكي يمنحنا الحياة. وقالت النبوة أيضًا: "لكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا، وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَابًا...".

فليتنا نتقدم إليه بكل طاعة وخضوع ونقبل عمله الكفاري عن خطايانا وذنوبنا. لقد جاء المسيح في تجسده حملاً وديعًا تحمّل كل أنواع الآلام والإهانات لأجلنا، ولكنه سيأتي في مجيئه الثاني كرب الأرباب وملك الملوك. فإن لم تقبله الآن طوعًا كفادٍ ومخلص، فستقبله عن قريب كرهًا كديان صارم يلقي بك إلى النقمة والعذاب الأبدي! فتب إليه الآن واطلب منه أن يغفر خطاياك ويضمّك إلى بيته قبل فوات الأوان.

المجموعة: 201104

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

110 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10476953