Voice of Preaching the Gospel

vopg

نيسان April 2011

"مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ" (لوقا 69:22). كان هذا هو جواب الرب يسوع المسيح لرؤساء الكهنة والكتبة الذين استجوبوه أثناء المحاكمة قبل الحكم عليه بالصلب، قائلين: «إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الْمسِيحَ، فَقُلْ لَنَا!». فَقَالَ لَهُمْ: «إِنْ قُلْتُ لَكُمْ لاَ تُصَدِّقُونَ، وَإِنْ سَأَلْتُ لاَ تُجِيبُونَنِي وَلاَ تُطْلِقُونَنِي». ولنلاحظ رد فعل هؤلاء الرؤساء على تصريح المسيح، إذ أجابوه قائلين: «أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا هُوَ». فَقَالُوا: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شَهَادَةٍ؟ لأَنَّنَا نَحْنُ سَمِعْنَا مِنْ فَمِهِ» (لوقا67:22-71).

 

فماذا قصد المسيح بقوله «مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ»؟ ولماذا كان رد فعل رؤساء الكهنة السريع «أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟».

للإجابة عن هذه التساؤلات علينا أن نعود إلى الأصحاح السابع من سفر النبي دانيآل. وكان الله قد كشف للنبي دانيآل في رؤيا عمّا سيحصل إلى حين مجيء المسيح، وعن الممالك الأربع التي ستسيطر على منطقة الشرق الأوسط إلى مجيء المسيح. ثم فاجأ الوحي النبي دانيآل بهذه الرؤيا المدهشة: «كُنْتُ أَرَى فِي رُؤَى اللَّيْلِ وَإِذَا مَعَ سُحُبِ السَّمَاءِ مِثْلُ ابْنِ إِنْسَانٍ أَتَى وَجَاءَ إِلَى الْقَدِيمِ الأَيَّامِ، فَقَرَّبُوهُ قُدَّامَهُ. فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا وَمَجْدًا وَمَلَكُوتًا لِتَتَعَبَّدَ لَهُ كُلُّ الشُّعُوبِ وَالأُمَمِ وَالأَلْسِنَةِ. سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ مَا لَنْ يَزُولَ، وَمَلَكُوتُهُ مَا لاَ يَنْقَرِضُ» (دانيآل 13:7و14).

يبدو واضحًا من هذه الآيات أنه في عهد المملكة الأخيرة الرابعة (أي الرومانية) سيأتي مثل ابن إنسان ويجيء لعند الله، وأن الله سيعطيه سلطانًا ومجدًا وملكوتًا لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. وهكذا عندما قال الرب يسوع المسيح لرؤساء الكهنة: « مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ»، فَهِمَ هؤلاء الرؤساء أن المسيح يشير إلى نبوءة النبي دانيآل، وأنه هو نفسه ابن الإنسان الذي سيجلس الآن عن يمين الله الآب، ويأخذ السلطان والمجد والملكوت، والذي ستتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. ولهذا سارعوا بالتساؤل: «أَفَأَنْتَ ابْنُ اللهِ؟» أي أدركوا أن ابن الإنسان هذا هو نفسه ابن الله، المسيح المنتظر الذي سيملك على العالم، وستتعبد له كل الشعوب.

وإذا عدنا إلى الإنجيل بحسب بشارة مرقس نقرأ هذا الحوار الذي دار بين رئيس الكهنة والمسيح: «فَسَأَلَهُ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ أَيْضًا وَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ الْمُبَارَكِ؟» فَقَالَ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ. وَسَوْفَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ». فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ ثِيَابَهُ وَقَالَ: «مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ؟ قَدْ سَمِعْتُمُ التَّجَادِيفَ! مَا رَأْيُكُمْ؟» فَالْجَمِيعُ حَكَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ» (مرقس61:14ب-64). لقد كشفت لنا هذه الآيات أن المسيح صرّح وبكل وضوح أنه هو نفسه ابن المبارك، أي ابن الله. وانه هو نفسه ابن الإنسان الذي سيجلس عن يمين القوة، وسيأتي على سحاب السماء. ولنلاحظ أن الوحي في سفر دانيآل قد ربط بين مجيء المسيح على سحب السماء وجلوسه عن يمين الله، وإعطائه السلطان والمجد والملكوت لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. وبعبارة أخرى إن الوحي في سفر دانيآل لم يكن يشير أبدًا إلى حادثة مجيء المسيح الثاني، بل إلى ما سيحققه المسيح في مجيئه الأول.

لعلّ السؤال الآن: كيف حقق المسيح في مجيئه ما تنبأ عنه النبي دانيآل؟ للإجابة نقول: إن المسيح بقيامته الظافرة من بين الأموات وصعوده حيًّا إلى السماء قد أتمّ هذه النبوءة. وهناك شواهد كتابية عديدة. ففي حديث المسيح مع تلميذي عمواس اللذين كانا حائرين من حقيقة القبر الفارغ، قال لهما: «أَيُّهَا الْغَبِيَّانِ وَالْبَطِيئَا الْقُلُوبِ فِي الإِيمَانِ بِجَمِيعِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الأَنْبِيَاءُ! أَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ بِهذَا وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ؟» (لوقا25:24-26). إن تعبير «وَيَدْخُلُ إِلَى مَجْدِهِ» يؤكد لنا أن المسيح قد حقق ما تنبأ به النبي دانيآل. فالمسيح بقيامته الظافرة وصعوده حيًّا إلى السماء، قد أُعطي كابن للإنسان هذا المجد بجلوسه عن يمين الله الآب.

وسجّل لنا البشير متّى في الأعداد الأخيرة من بشارته قول الرب يسوع المسيح لتلاميذه: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ» (متى 18:28). وهنا كشف المسيح عن أخذه السلطان كابن للإنسان بعد قيامته وصعوده حيًّا إلى السماء.

أما الرسول بطرس فقد ختم موعظته الشهيرة يوم الخمسين بالحديث عن قيامة المسيح وجلوسه عن يمين الله الآب. وليس هذا فحسب بل أن الله قد جعله ربًّا ومسيحًا: «فَيَسُوعُ هذَا أَقَامَهُ اللهُ، وَنَحْنُ جَمِيعًا شُهُودٌ لِذلِكَ. وَإِذِ ارْتَفَعَ بِيَمِينِ اللهِ، وَأَخَذَ مَوْعِدَ الرُّوحِ الْقُدُسِ مِنَ الآبِ، سَكَبَ هذَا الَّذِي أَنْتُمُ الآنَ تُبْصِرُونَهُ وَتَسْمَعُونَهُ. لأَنَّ دَاوُدَ لَمْ يَصْعَدْ إِلَى السَّمَاوَاتِ. وَهُوَ نَفْسُهُ يَقُولُ: قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي: اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئًا لِقَدَمَيْكَ. فَلْيَعْلَمْ يَقِينًا جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ أَنَّ اللهَ جَعَلَ يَسُوعَ هذَا، الَّذِي صَلَبْتُمُوهُ أَنْتُمْ، رَبًّا وَمَسِيحًا» (أعمال 32:2-36). وهنا أكّد الرسول بطرس أن الله الآب هو الذي أقام المسيح وأجلسه عن يمينه، أي في مركز القوة والسلطان، وأنه قد أُعطي له الملكوت، إذ صار ربًّا ومسيحًا.

نأتي الآن إلى الشاهد الأخير في هذه المقالة، وهو ما دوّنه لنا الرسول بولس في الرسالة إلى فيلبي، إذ قال عن المسيح: «وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ. لِذلِكَ رَفَّعَهُ اللهُ أَيْضًا، وَأَعْطَاهُ اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ» (فيلبي 8:2-11). هنا نجد بوضوح إتمام المسيح لنبوءة دانيآل، بقيامته الظافرة وصعوده حيًّا إلى السماء، إذ أُعطي له السلطان والمجد والملكوت، «اسْمًا فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ» لتتعبّد له كل الشعوب والأمم والألسنة. وهو ما عبّر عنه الرسول بولس بالقول: «لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللهِ الآبِ».

أجل، لقد حقق المسيح في قيامته الظافرة، التي نحتفل بها هذه الأيام، ما سبق أن قاله لرؤساء الكهنة أنه: «مُنْذُ الآنَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ قُوَّةِ اللهِ» إذ أتمّه بصعوده حيًّا إلى السماء. أما قول المسيح عن نفسه «وَآتِيًا فِي سَحَابِ السَّمَاءِ» فهو يشير إلى السلطان والمجد والملكوت الذي سيأخذه عند قيامته الظافرة وصعوده حيًّا إلى السماء.

فلنتوجّه بالشكر لله، ولفادينا المخلّص المسيح الذي لم يمت كفارة من أجل خطايانا فحسب، بل قام منتصرًا لكي يهبنا الخلاص الأكيد. وصعد إلى السماء ليصبح هو الملك والرب، الجالس عن يمين الله الآب، له كل المجد والسلطان والعظمة إلى الأبد.

المجموعة: 201104

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

250 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10576047