تشرين الأول October 2011
للدول أعلام تميّزها... وللمنظمات الدولية شارات تظهرها... وللجماعات الحزبية علامات تفرقها... وللمدارس الفلسفية رموز تعلنها. للدول أعلام تميّزها... وللمنظمات الدولية شارات تظهرها... وللجماعات الحزبية علامات تفرقها... وللمدارس الفلسفية رموز تعلنها. والمسيحية لها علم، وشارة، وعلامة،
ورمز... لها علم يميز الكنيسة عن المجموعات البشرية... لها إشارة تُظهر المسيحيين بكل وضوح وجلاء... لها علامة تفرقها عن سائر الديانات... لها رمز يعلنها فريدة عن كل مدرسة فلسفية. لكن العلامة الفارقة في المسيحية ليست علمًا يُنصب على سارية، أو إشارة توضع على الصدر، أو علامة باليد أو الفم، أو رمزًا على كل كتاب أو حائط. إن العلامة المميزة للمسيحية عميقة كرسالتها، حياتية كهدفها، جذرية كأساسها... إنها العلامة عينها التي خططها مؤسس المسيحية وحجر زاويتها حين خاطب تلاميذه قائلاً: "بِهذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضًا لِبَعْضٍ" (يوحنا 35:13). فالعلامة الفارقة التي يتميز بها المؤمنون عن غيرهم ويظهرون للجميع أنهم تلاميذ المسيح هي محبتهم لبعضهم البعض. ولكي تكون هذه المحبة شارة مميزة، لا يمكن منطقيًا أن تكون من ذات النوع الذي يمارسه "الجميع"، وإلا لما استطاع أحد أن يعرف أن هذا "المحب" هو تلميذ المسيح. كما إنها واقعيًا ليست من صنف المحبة العرفية. إنها من طراز محبة المسيح عينه للمؤمنين: "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ: أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضًا. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضًا بَعْضُكُمْ بَعْضًا" (يوحنا 34:13). إنها المحبة التي لا تعتمد على المحبوب... المحبة التي لا تنتظر شيئًا بالمقابل... المحبة التي تُظهر طبيعة المحب... المحبة المضحية الباذلة... المحبة المسترسلة في جو عدم التقدير والتفهم... المحبة الإيجابية المساعدة... المحبة الوقورة العاملة... فمن الخطر أن نعيش المسيحية دون شعارها، وأن ننخرط في صفوفها دون أن نحمل في حياتنا علامتها الفارقة، لأننا في حالة كهذه نفقد السمة التي تميزنا عن العالم والتي تجمعنا إلى جسد المسيح المتفرق... وإلى اليوم لم أجد شخصًا واحدًا لم يمارس المحبة الأخوية واستطاع أن يعرف الجميع أنه من تلاميذ المسيح. إن العالم ينظر إليكم أيها المؤمنون بفحص وتدقيق ليرى ما يفرقكم عنه... فلا تخرجوا لملاقاته دون علامتكم الفارقة "محبتكم بعضكم لبعض"، ففوق جميع فضائلكم المسيحية "البسوا المحبة". هذا أمر الله، وينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس.