Voice of Preaching the Gospel

vopg

تشرين الثاني November 2011

Imad Khoury"لأَنَّهُ مَنِ ازْدَرَى بِيَوْمِ الأُمُورِ الصَّغِيرَة؟" ِ(زكريّا 4:10).

في لحظة ما، قد تتهاوى ناطحات السّحاب، وتحترق أشجار الغابات المترامية الأطراف، ويسود الصّمت في مسارح العالم الصاخبة بعد أن تفرغ من آلاف روّادها.

لكن تبقى هنالك أفعالنا اللّطيفة والصغيرة التي صنعناها يومًا ما في منتهى الصدق والعطف، وقد طواها النسيان، ولم يعد لها أي مكان، ليس في ذاكرة مَن عُملت لأجلهم فحسب، بل أيضًا في ذاكرتنا نحن مَن فعلها!

أمّا الله الذي نسي خطايانا تمامًا، وهي التي تسببت بموت ابنه الوحيد من أجلها، فإنه ما كان لينسى تلك اللمسات الطفيفة التي لمست قلب الرب نفسه قبل أن تلمس قلوب آخرين. لذلك يكتبها الله عنده في أسفاره السماوية أو على ألواح أبدية، لتشاهدها كل مخلوقاته. وفي يوم قريب حين نقف أمام كرسي المسيح، سنكافأ عليها بسخاء مجيد أكثر ممّا سيكافئنا على أعمال إنجازات ضخمة، في ظنّنا أنها كانت هي الأعظم في عيني الرب، لأنها استغرقت منا الكثير من الوقت والجهد والصلاة، وقد لاقت استحسانًا كبيرًا لدى أناس كثيرين! فالهرج والمرج، والدعاية الصاخبة، وتصفيق الجماهير المتحمسة هي من المؤثرات القوية في البشر. لكن الله لا يتأثر بهذه كلها على الإطلاق. وإنما هو يبالي كثيرًا جدًا بالخدمة الهادئة والمخفية بعيدًا عن الأضواء، مهما كانت متواضعة ومحدودة. فهو يأخذ ببواطن الأمور لا بظواهرها، "لأن الإنسان ينظر إلى العينين، وأما الرب فإنه ينظر إلى القلب". (1صموئيل 16:7)

قد تكون أفعالنا هذه مجرد كلمة تقدير مع ابتسامة صدق لمن صادفناه في الطّريق، أو رسالة بريد إلكترونيّة لا ينبغي أن نهمل الرّد عليها، والوفاء بنقل رسالة شفويّة إلى أحدهم، أو تُخبر أحدهم بأنك تُصلي من أجله، أو زيارة قصيرة، أو طفرة من تحيّة وسلام، إلخ... فإن لمسات الرّأفة هذه لها فاعليّة إيجابيّة قد تفوق، من حيث القيمة والأثر تأثيرات أعمالنا "الجبّارة" وخدماتنا "العظيمة". كما أن هذه الأشياء "الهامشيّة" تُظهر الفروقات الطّفيفة بين النّاس، والتي لها دلالاتها الجوهريّة على نوعيّة الشّخصيّات التي تؤديها أو تتجاهلها.

لذلك، فمن الأهمية بمكان أن نثابر على القيام بالمهمات البسيطة فلا نهملها، لأنها عظيمة لدى أبينا السماوي الذي هو أعظم الكل. فالذي يلاحظ العصفور الصغير فوق أغصان الشجرة المتوارية بين مقالع الوادي السحيق، أيعقل إذن ألاّ يهتم بما نقوم به في كل يوم من نشاطات متنوعة سواء كانت في البيت، أو في الشارع، أو على الهاتف، أو على مقاعد الدِّراسة، أو في العمل، أو أمام الحاسوب؟ إن عينه في الحقيقة تعاين باهتمام بالغ كل تفاصيل أيامنا، وهو يُسر بأن نعبِّر عن امتناننا لمن قدّم لنا وجبة  طعام شهية أو كوبًا من العصير، أو كأس ماء بارد من كلمات المودّة أنعشنا بها شخص ما في صحراويّة العلائق بين الناس في آخر أيامنا القاحلة هذه؛ كذلك  حين نؤدي شكرنا بحرارة لذاك الذي وفّر لنا كرسيًّا أو مكانًا للجلوس عندما دخلنا غرفة ما أو حضرنا اجتماعًا، فيما الأماكن غير شاغرة هناك.

وعليه، لا تمنع التعبير عن شكرك لأحدهم تنازل لك عن حق الأولية بالمرور، متيحًا لك الاجتياز أمامه بالسّيارة في خضم الازدحام في حركة السير. فإيماءة الشكر من طريق رفع اليد أو هزة الرأس، أو بنظرة باسمة أو بنقرة تُصدر نغمة عذبة من بوق (زمّور) السيارة، تترك أثرها في الناس، ليكرِّروا أفعال اللطف هذه لدى كل فرصة تتاح لهم لإظهارها. كما  سيشجعهم ذلك على إظهارها وممارستها في سائر مجالات الحياة الأخرى. نعم، إن عينَي إلهنا تجول هنا وهناك ليرانا ونحن نلتقط قصاصة الورق عن الأرض ونضعها في مكانها على طاولة هناك؛ كذلك أيضًا، وفي حالات معينة، لمّا نتنازل عن "دورنا" في الدخول إلى عيادة الطبيب مفسحين المجال لمريض آخر أن يدخل قبلنا، مع أنه وصل إلى هناك بعدنا؛ كذلك تطرب أذناه عندما نزجي لصديق كلمات إطراء صادق في ذوقه الرّفيع في انتقاء ألوان ثيابه وربطة عنقه أو مرادفات أحاديثه، أو في روح الألفة والكياسة والدفء التي يمتاز بها.

من هنا يتعيّن علينا ألاّ نزدري بالخدمة البسيطة، أو نتجاهل القوّة اليسيرة، أو نهمل كلمة المودّة الصغيرة. فلقد كانت كلمة الرب إلى زكريا، لدى إنجاز تشييد الهيكل الثاني المتواضع على يد زربّابل، حيث يتساءل الله مستنكرًا:  "لأَنَّهُ مَنِ ازْدَرَى بِيَوْمِ الأُمُورِ الصَّغِيرَةِ؟" (زكريّا4:10). فمهما كان العمل صغيرًا ومحتقرًا، فإنّه في الحقيقة يصير عظيمًا ومُعتبرًا، بما أن الله يقدِّره جدًّا وقد وضع عليه ختمه.

فما أحرانا إذن أن نحرص على ممارسة هذه الأمور البسيطة المجيدة ما دامت الفرص مؤاتية، مظهرين من خلالها لطف إلهنا الطّيِّب؛ ومغيثين بها المتعبين من حولنا، إلى يوم مجيء ربنا ومخلصنا يسوع المسيح.

المجموعة: تشرين الثاني November 2011

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

147 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10579731