Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران June 2012

Brother Amer Haddadتتميز العلاقات الإنسانية بأنها مجموعة من علاقات مترابطة ومتداخلة فيما بينها التي لا يستطيع أي إنسان عاقل أن يعيش بدونها أو بمعزل عنها. وأحيانًا كثيرة، نتيجة للاحتكاك اليومي المباشر لهذه العلاقات، سواء كان ذلك في الإطار الأسروي بين الزوج والزوجة، أو حتى في علاقات صداقة وزمالة، كل هذه العلاقات تتعرض للخدش والجراح بل وأحيانًا للقطع مخلِّفة وراءها جروحًا نفسية عميقة وآلامًا تفوق بكثير آلام الجسد مما يجعل النفس حزينة والروح منكسرة والجسد عليلاً.

وبما أننا كمؤمنين أولاد لله فإننا بالضرورة صانعو سلام، "طوبى لصانعي السلام، لأنهم أبناء الله يُدعون". غير أنه وللأسف الشديد كثيرًا ما تتحوّل جلسات المصالحة إلى ساحة للجدال العقيم، والمشاجرة، وزيادة هوة الخلاف، والانقسام وليس العكس، فينطبق عليها المثل القائل: "جاء ليكحلها فأعماها". لأن صناعة السلام تقوم على مواجهة المشكلة وليس على إدانة الشخص. وصناعة السلام تقوم على الصدق والصراحة في جوّ من الحب والغفران، وليس الغضب، والرغبة في الانتقام. من أجل  ذلك وضع لنا الكتاب المقدس المبادئ الكتابية لاسترجاع العلاقات المكسورة، ومن هذه المبادئ:

 

أولاً: عرض المشكلة على الرب بالصلاة

فبدلاً من أن نعرضها على صديق قد يقدِّم لنا نصائح تزيد المشكلة تعقيدًا، دعونا نعرض المشكلة على الرب، المكتوب عنه أنه حلاّل المشاكل وصانع السلام. فالصلاة في محضر الآب السماوي تفتح بصيرتنا وتملأ قلوبنا بأحشاء ورأفات وتواضع. وإذ نقف أمام هذا الحب الإلهي الغامر، ونحن غير مستحقين، تتغير مواقفنا تجاه الطرف الآخر، فتتعامل معه بقوة الروح القدس بتبكيت فتجعله مرنًا وطائعًا عند سماع كلمات المصالحة المملحة بملح، وبالتالي تأتي خدمة المصالحة بثمارها. فالصلاة إما أن تغير قلبك تجاه الطرف الآخر أو تغيّر قلب الطرف الآخر نحوك.

ثانيا: كن صاحب المبادرة واذهب إلى أخيك

ففي خدمة المصالحة، لا يهم إن كنت أنت المسيء أو المُساء في حقه، لأن الرب يتوقع منا أن نكون أصحاب المبادرة، تمامًا كما صنع هو معنا وصالحنا معه بالصليب، مع أننا نحن قد أخطأنا في حقه، "الله بيّن محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ( رومية 8:5).
إن استرداد العلاقات المكسورة في نظر الرب أهم بكثير من العبادة والشركة الجماعية. "فإن قدمت قربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئًا عليك فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك. وحينئذ تعال وقدّم قربانك". لأنه كيف تستطيع أن تقيم علاقة شركة وحب مع الآب وأنت في حالة خصام مع "ابنه"، مع أخيك في جسد المسيح.

ثالثًا: لا تؤجل! فعامل الوقت مهم جدا

للأسف الشديد، هناك مثل خطير وخاطئ، يتبعه الكثيرون له أثار مدمرة على العلاقات، ويتبعه الكثيرون، يقول: "الوقت كفيل بحلّ أي مشكلة"، بمعنى أن الأيام تجعل الإنسان ينسى الإساءة، وتخفف من حدتها، مع أن الحقيقة تقول عكس ذلك تمامًا. فالإساءة تبقى محفورة في الذاكرة ومرارتها تزداد مع الأيام، لذلك يحذرنا الكتاب بأن "لا تغرب الشمس على غيظكم". لذلك احذر التأجيل ولا تحاول تقديم الأعذار لعدم ذهابك لمصالحة أخيك، أو زوجتك، أو صديقك، ولكن في نفس الوقت عليك أن تختار المكان المناسب والوقت المريح والكافي من دون أزعاج أو مشغولية لأن المكان المزدحم والوقت غير المناسب يزيد عملية المصالحة تعقيدًا ولا يساهم في حل المشكلة.

رابعا: حاول أن تتفهم وجهة النظر الأخرى...

حتى ولو كنت غير مقتنع بها، ضعْ نفسك في مكانه. هناك نقطة في غاية الأهمية في خدمة المصالحة، وهي وجوب الاستماع أكثر من الكلام، وعلينا أن نراعي مشاعر الشخص الآخر وتفهّم موقفه بكل إصغاء، حتى ولو كنا غير مقتنعين به، فالرسول بولس يعلمنا أن نهتم نحن الأقوياء بضعف الضعفاء ولا نطالب بما يوافقنا بل بما يوافق الآخرين لأجل البنيان، فيقول: "فَيَجِبُ عَلَيْنَا نَحْنُ الأَقْوِيَاءَ أَنْ نَحْتَمِلَ أَضْعَافَ الضُّعَفَاءِ، وَلاَ نُرْضِيَ أَنْفُسَنَا. فَلْيُرْضِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا قَرِيبَهُ لِلْخَيْرِ، لأَجْلِ الْبُنْيَانِ. لأَنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا لَمْ يُرْضِ نَفْسَهُ، بَلْ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: "تَعْيِيرَاتُ مُعَيِّرِيكَ وَقَعَتْ عَلَيَّ" (رومية 1:15-3). ولذلك، إن إعطاء الطرف الآخر الفرصة لتفريغ كل المشاعر الغاضبة المتفجرة في قلبه من دون مقاطعة، أو محاولة القيام بالتبرير أو التصحيح حتى ولو كانت غير منطقية من وجهة نظرنا، هذا يعطينا الفرصة بعد ذلك لتصحيح المفاهيم المغلوطة؛ لأن الاستياء والغضب المكبوتين يجعلان الإنسان يفكر بطريقة سخيفة وغبية أحيانًا وهو ما عبر عنه النبي داود في المزمور ٧٣ قائلاً: "لأَنَّهُ تَمَرْمَرَ قَلْبِي، وَانْتَخَسْتُ فِي كُلْيَتَيَّ. وَأَنَا بَلِيدٌ وَلاَ أَعْرِفُ. صِرْتُ كَبَهِيمٍ عِنْدَكَ".

خامسا: اعترف بخطئك في النزاع قبل أن تطالب الآخرين بالاعتذار

إن إخراج الخشبة من عيوننا أولاً يعطينا القدرة على إخراج القذى من عيون الآخرين لأنه يجعل الرؤية أوضح. إن اعترافنا بخطئنا حتى ولو كان صغيرًا هو من أهم خطوات إنجاح المصالحة، لأننا إن اعترفنا بكل تواضع من دون محاولة لإيجاد أعذار أو إلقاء اللوم على الظروف أو الأشخاص، فهذا يهدئ من غضب الطرف الآخر وينزع أسلحة هجومه. لذلك علينا أن نقبل مسؤليتنا في المشكلة ونطلب الغفران من الشخص الآخر قبل أن نطالبه بها، ونعمل كما علمنا الرب يسوع: "وَكَمَا تُرِيدُونَ أَنْ يَفْعَلَ النَّاسُ بِكُمُ افْعَلُوا أَنْتُمْ أَيْضًا بِهِمْ هكَذَا".

سادسا: اختر كلماتك واهتم بنبرة صوتك

"فالجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط". لن تستطيع أن تبلغ وجهة نظرك وأنت تتكلم بعبارات قاسية ونبرة مشحونة بالغضب لأن الكيفية التي تتكلم بها أثناء حل المشكلة له نفس قيمة العبارات.
أحبائي، نحن سفراء مصالحة لله مع الناس، "إِذًا نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ، كَأَنَّ اللهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ: تَصَالَحُوا مَعَ اللهِ. لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ".
إننا دعاة وحدة وسلام في جسد المسيح، "مجتهدين أن تحفظوا وحدانية الروح برباط السلام". والسلام دائمًا له ثمن، وهو أن نخرج من ذواتنا ونتنازل عن كبريائنا وكرامتنا ونسعى بكل قوة للحفاظ على حياة الشركة والعلاقة مع الشخص الآخر، لأنك عندما تعمل لأجل السلام فعملك هو برهان بأنك من أولاد الله ولك الطوبى لأنه مكتوب:

المجموعة: حزيران June 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

130 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10572545