Voice of Preaching the Gospel

vopg

حزيران June 2012

الأخت أدما حبيبيمناجاةً أناجيكِ يا أمي، ومن صميمِ وجداني أبوحُ لكِ الآن في غيابِك عني، تمامًا كما فعلْتُ أثناءَ وجودِك معي. فأحاسيسي ومشاعري تجاهَكِ تجيشُ في داخل صدري، وحسبيَ بها تخرجُ بعَفَويةٍ من حنايا ضلوعي لتملأَ السطورَ والصفحات وتعبّرَ عن الجِنان والكيان وبكلِّ ما فيهما من مكنونات.  
مناجاةً أناجيكِ يا أمي الغالية، من أجل أنّكِ كنتِ الهنيّةَ في عيشِكِ، والصَّبورة في احتمالك، والحكيمة في قراراتك، والنبيهة في تربيتك، والشكورة في كلِّ ظروفك، والمدبّرة في أوقات الشدّة، والعفيفة في مسلكك، واللطيفة في كلامك، والمضيفة في بيتك، والنشيطة في خدمتك، والوفية في إخلاصك. وعلى رأس ذلك كلِّه كنتِ دائمًا الأمَّ الرؤوم ذات الحضنِ الدافئ،  واللمسةِ الحانية، والبسمة الدائمة، والكلمة المفعمة بالمحبة. مناجاةً أناجيكِ يا أمي، لأنَّكِ فعلاً أنتِ اللؤلؤةُ التي حَكى عنها في أمثاله سليمانُ الحكيم. فقال: "امرأة فاضلة من يجدها لأن ثمنها يفوق اللآلئ!" أنت اللؤلؤةُ المزدانةُ باللَّمعان، ولا عجبَ فبريقُكِ هذا يعكسُ صورةَ الحنّان المنّان. نعم، أنتِ يا غاليتي اللؤلؤةُ المصقولة بفعلِ تجاربِ الأيام وأعاصيرِ الزمان.
أمَّاه يا غالية، هنيئًا لكِ الآن لأنَّك بمحضرِ يسوع تنعُمين، وبينَ يديه تُحاطين، وإلى حضنِه تُضَمِّين، وبنظراتِه تتمتَّعين، وبمرأى يديه المثقوبتَين لأجلكِ، ناظرَيْك تملئين. لهذا كنتِ في رُقادِكِ تتبسَّمين، وفي لحظةِ عبوركِ تُضيئين، وبسلامهِ تطمئنّين. هنيئًا لكِ الآن، لأنك برجائِك تُقيمين،  وإلى الحبيبِ تشخُصين، وبالترنيماتِ تهتفين، وله تسجدين، ووجهَه تعاينين.
يا غاليتي، مناجاةً أناجيكِ ، يا هنيَّة. يا هنيةً في الحياة، وهنيةً في الممات. هذا ما لاحظَتْه السيدات وما علَّقت به إحدى الأخوات. لأنَّكِ وبينما كنتِ من المرض تعانين، وفي المشفى ترقدين، وفي غرفة العناية المركَّزة تعالَجين، وأنتِ لا تدرين، كنا نستعدُّ لعقدِ اجتماع السيدات الشهري في الثامن والعشرين من كانون الثاني يناير. واستقبلْتُ في بيتي ضيفتنا المدعوة لاجتماع السيدات ذاك، محبوبتَك الغالية المرنمة ليديا التي بترانيمها كنتِ تنشدين. قيل لي يومها: كيف تستطيعين أن تستضيفي المرنمة في بيتك، وأمك في غرفة العناية المركزة؟ جاءت الإجابة على لساني بآيةٍ وردت على فكري بالرغم من اضطرابه وتشتُّته، وقلت لمحدثتي يومذاك: ألم يقل المعلم: لا تهتموا للغد لأن الغد يهتم بما لنفسه. يكفي اليوم شره" (متى 34:6)؟ لهذا فسوف لن أهتم وأقلق. الرب يعلم. وهذا بالضبط ما حصل. عُقد اجتماعنا الشهري في الكنيسة يا غاليتي،  كالعادة.  واستمررتِ أنت بحالة من الاستقرار المقبول. استطعتُ معها أن أترككِ لساعاتٍ معدودة. وبارك الرب اللقاءَ وحلَّ بروحه القدوس في وسطنا. وحين وجَّهتِ المرنمة الدعوة لقبول الخلاص أنار روح الرب بصيرةَ ثلاث سيدات فطلبن الغفران من الله وقبلن الرب يسوع مخلصًا لحياتهن.
وبعد ظهر ذلك السبت ذهبتُ إلى غرفة العناية المركزة في المشفى لأراكِ يا أمي في نومٍ هادئ تنعمين. فشكرتُ الله على عنايته الفائقة ويده الحانية التي حفظتك. وفي يوم الأحد الذي تلاه تمتَّعنا في الكنيسة بحضور الرب العجيب واستخدم مرة أخرى المرنمة بيننا. ومضت عطلة نهاية الأسبوع ذاك بكل سلاسةٍ وبحسب الخطة التي رسمناها مسبقًا لأن الله إلهكِ وإلهي ثبَّتها. وفي تلك الليلة بالذات صلَّيتُ قبل المنام وقلت: يا رب أضع أمي الحبيبة بين يديك الحنونتين تمامًا كما تقول الترنيمة:
دي إيديك محاوطاني في حضنك وضمَّاني
ونمت وأنا مطمئنَّة. وبعد منتصف الليل، أي فجر يوم الاثنين صحوت من نومي على رنين الهاتف فأبلغني صوتُ الممرض بأنَّ وقتكِ يا غاليتي قد أشرف على الانتهاء. فقفزت من سريري، وهرعت إلى المشفى. وحين رأيتك وإخوتي، كنتِ تنعمين برقادٍ مميَّز بالسلام العجيب، وبابتسامة عذبة مرتسمةٍ على شفتيك.
أجل، لقد حان وقتك يا غاليتي، ليس هذا ما فاهَ به الممرض وهو ينبئني برقادك على الهاتف فحسب، وليس هذا ما قاله طبيبك الذي اتصل معزيًا في صباح الاثنين حين قال: أدما، آن الوقت لكي تذهب آغنيس. كلاّ،  ليس هؤلاء هم الذين قالوا هذا فحسب، بل الله إلهك وإلهي، الحنَّان والمنَّان، هو الذي حتَّم بالوقت لكِ يا غالية، وقت الرحيل والانتقال من عالم الفناء إلى عالم البقاء. ألم يَفُهِ الروح القدس على لسان الحكيم بهذا أيضًا إذ قال: لكلِّ شيء زمان ولكلِّ أمر تحت السماوات وقت. للولادة وقت وللموت وقت... للبكاء وقت وللضحك وقت (جامعة 3)؟
مناجاةً أناجيكِ يا أمي وأقول: لقد حتَّم الله فعلاً بالوقت المعين لانتقالك يا حبيبة. حتى إنه سمح أيضا للمرنمة المفضلة لديك أن تكون معنا في بيتنا لتواسيني وتعزيني وكذا لترنِّم أثناء حفلِ وداع جسدك (الجنازة). هذا هو الإله الحي الذي تؤمنين به يا غالية، إله كل ترتيب ونظام وتدبير، الإله الوحيد الذي خلق العالم وكل ما فيه كما قال بولس عبده، هو الذي حتم بالأوقات المعينة وبحدود مسكن كل أمة من الناس (أعمال 26:17ب).
نعم، حان الوقت ولم يكن صدفةً أبدًا يا غاليتي. وأنتِ الآنَ تتعزَّين، وروحُ الله القدوس معنا يعزّينا ويواسينا على فراقِك إلى حين اللقاء من جديد. فإليه أقدم شكري وامتناني يا غاليتي وأضمُّ صوتي إلى المرنم في القديم لأقول معه: "احمدوا الرب لأنه صالح لأن إلى الأبد رحمته". (مزمور 1:106)

المجموعة: حزيران June 2012

logo

دورة مجانية للدروس بالمراسلة

فرصة نادرة تمكنك من دراسة حياة السيد المسيح، ودراسة حياة ورسائل بولس الرسول. عندما تنتهي من هاتين الدراستين تكون قد أكملت دراسة معظم أسفار العهد الجديد. تتألف كل سلسلة من ثلاثين درسًا. تُمنح في نهاية كل منها شهادة خاصة. للمباشرة بالدراسة، أضغط على خانة الاشتراك واملأ البيانات. 

صوت الكرازة بالإنجيل

Voice of Preaching the Gospel
PO Box 15013
Colorado Springs, CO 80935
Email: عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
Fax & Tel: (719) 574-6075

عدد الزوار حاليا

130 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

إحصاءات

عدد الزيارات
10571565